تقرأ في هذا التقرير «رؤساء مصر وأسر الشهداء .. البداية من نجيب، عبدالناصر والتقدير الرمزي من الوجع، السادات ومبارك وبينهما جيهان، مرسي وسر لقاءين، السيسي الأبرز لهذه الأسباب».
كتب | وسيم عفيفي
شمل ملف العلاقة بين رؤساء مصر وأسر الشهداء خلال العصر الجمهوري تباينات مختلفة بين كل رئيس، خاصة وأن عدد الشهداء في مصر على مدار 66 سنة يبلغ أضعاف سنوات تاريخ الجيش المصري القديم والحديث.
رؤساء مصر في أرقام
منذ قيام ثورة يوليو 1952 وانتهاء الحكم الملكي، جلس على كرسي الرئاسة المصرية 10 حكام منهم 4 مؤقتين و 3 معزولين، واختلف تعاملهم جميعًا ـ عدا المؤقتين ـ مع أسر شهداء مصر.
محمد نجيب أول من يجتمع مع أسر الشهداء .. ولكن !
بدأت علاقة رؤساء مصر وأسر الشهداء على يد اللواء محمد نجيب الذي كان أول رئيس مصري يجتمع مع أسر شهداء مصر الذين ارتقوا في حرب 1948 م، وكان لقاءه بهم في 10 مايو من العام 1953 م.
اقرأ أيضا
والد “حسن البنا” و الرئيس “محمد نجيب” في صورة نادرة .. ما الذي جمعها ؟
لم يكن سبب لقاء محمد نجيب مع أسر شهداء حرب 1948 بهدف المشاركة في احتفالات العيد حيث التقاهم خلال أواخر شهر شعبان، وإنما لتجميل وجه النظام الجديد وتقديم وعود بأن حق أولادهم لن يضيع هباءًا خاصةً وأن قضية الأسلحة الفاسدة لا زال القضاء ينظرها.
لم يكرر محمد نجيب لقاءه مع أسر الشهداء حيث عُزِل عن الحكم بعدها بعام، ولم يتم تنفيذ الوعد بأخذ حق شهداء حرب 48 حيث بعد لقاءه مع ذويهم بشهر واحد تمت تبرئة كل المتورطين في قضية الأسلحة الفاسدة عدا اثنين قضت المحكمة بتغريمهما 100 جنيه.
جمال عبدالناصر وأسر الشهداء .. شتيمة ونكتة وبصمة لا زالت موجودة
لم يسجل التاريخ أي لقاء ودي جمع بين الرئيس جمال عبدالناصر وأسر الشهداء إلا مرة واحدة عام 1957 م حين عقد لقاءًا مع أهالي بورسعيد تقديرًا لدورهم في معركة العدوان الثلاثي وقرر جمال عبدالناصر أن يحتفل بعيد النصر سنويًا في بورسعيد ليخاطب الجماهير.
في تاريخ رؤساء مصر وأسر الشهداء لم يكن عيد الفطر أو الأضحى خلال عهد ناصر مخصصًا لأسر الشهداء، حيث اعتاد الرئيس على أداء الصلاة في مسجد الحسين، لكنه في احتفالات ذكرى النصر ببورسعيد كان يذكر الشهداء دائمًا لدرجة أنه سب الملك سعود والملك حسين بسببهم حين قال في الاحتفال السادس بعيد النصر تعقيبًا على خسائر الجيش المصري باليمن « عندنا خساير، أنا حاقول لكم عدد الخساير بالكامل، ومن أول يوم لغاية امبارح.. الخساير اللى عندنا ١٣٦ ضابط وعسكرى، الضباط ٢١ والجنود ١١٥، كل واحد فيهم جزمته أشرف من تاج الملك سعود والملك حسين، طبعاً دول.. أنا ماباستهينش بهذا العدد، كل واحد فيهم غالى علينا، وكل واحد فيهم عزيز علينا، ولكن واجبنا كلنا ان احنا نحارب من أجل المبادئ، ومن أجل ثورتنا».
اقرأ أيضا
موقع تراثيات ينفرد بنشر المقال الذي أنقذ جمال عبدالناصر من الإحراج
كانت فترة الستينيات سوداء على جمال عبدالناصر حيث طُعِن سياسيًا بانهيار الوحدة مع سوريا، حتى وقعت نكسة 1967 والتي أثرت على جمال عبدالناصر تأثيرًا نفسيًا بالغ الصعوبة ولم يكن يهون عليه سوى زيارة الجبهة.
كان أول عيد يقضيه جمال عبدالناصر بعد النكسة خارج القاهرة من نصيب جبهة القتال حيث مكث ثاني وثالث أيام الأضحى من عام 1387 الموافق 10 مارس لعام 1968 م مع ضباط وجنود القوات المسلحة.
ويروي الكاتب الصحفي محمود عوض مؤلف كتاب «اليوم السابع»، أن جمال عبدالناصر هدأ من روع الذين أحسوا بالرهبة لدى لقاءه بحكاية نكتة سخر فيها من شعبيته قائلاً «مرة واحد مالقيش لحمة عشان يعيد فقرر يشتري سمك بس وقع في مشكلة إن مكنش في بيته زيت ومراته معرفتش تتصرف من جيرانها، فراح لف على محلات السمك عشان يشووه ويديهم فلوس وبرضه مالقيش أي مطعم فاتح، من كتر زهقه رمى السمك في النيل، السمك الروح دبت فيه من تاني وطلع يهتف يعيش الرئيس جمال عبدالناصر».
وكرر الرئيس جمال عبدالناصر في أول مارس من العام 1969 م الزيارة في نفس الموعد، وبعد أيام من لقاءه مع ضباط وجنود القوات المسلحة، فُجِع قلبه باستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض عام 1969 م وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارًا باعتبار 9 مارس من كل عام يومًا للشهيد.
السادات ومبارك .. وجهين لصورة واحدة وبينهما جيهان
شغلت سير الشهداء حيزًا كبيرًا في خطابات السادات خلال السنوات التي حرب أكتوبر، غير أن وضع أسر الشهداء على المستوى الاجتماعي اقترن بظهور جيهان السادات.
خلال الفترات من 1974 حتى 1976 اعتادت جيهان السادات على لقاء أسر شهداء حرب أكتوبر، ومع سفر السادات إلى القدس اقترنت ذكرى النصر بالعروض العسكرية فقط.
لم تتغير ثنائية رؤساء مصر وأسر الشهداء في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والذي اكتفى بتوجيه الشكر لهم والتأكيد على رعايتهم، لكنه لم يلتقيهم.
محمد مرسي .. لقاءين ولكن
تجددت لقاءات رؤساء مصر وأسر الشهداء في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي والذي التقى 38 أسرة داخل مقر رئاسة الجمهورية في 27 يونيو 2012 م، لتلبية مطالب اعتصاماتهم، فيما التقى يوم 15 مارس سنة 2013 م أسر شهداء ومصابي الشرطة.
عبدالفتاح السيسي واختلافاته عن بقية من سبق
أحدث عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي طفرة في علاقة رؤساء مصر وأسر الشهداء الذين مثلوا حضورًا سنوي خلال أعوام حكمه في المناسبات الوطنية والدينية ليحتلوا المركز الأول بالحضور يليهم ذوي القدرات الخاصة.
اقرأ أيضا
تاريخ لوحة النحاسين في رسومات المستشرقين «بعد ظهورها مع السيسي»
شارك أسر الشهداء في الفعاليات الوطنية والافتتاحات الرسمية، كما شمل الاهتمام الرئاسي وجود حضورهم في الأعياد ليكون السيسي أول رئيس مصري يضع تقليدًا سنويًا للاحتفال بعيد الفطر والأضحى مع أسر الشهداء، بالإضافة إلى سن قوانين من أجلهم، بالإضافة أن حضور أسر الشهداء لم يقتصر على العسكريين وإنما شمل أيضًا المدنيين.