الرئيسية » رموز وشخصيات » الشبهات السبعة حول ” صلاح الدين ” والرد عليها
الشبهات السبعة حول صلاح الدين والرد عليها

الشبهات السبعة حول ” صلاح الدين ” والرد عليها

كتب – وسيم عفيفي
جاء الهجوم على صلاح الدين كوجه من وجوه الحالة الفكرية التي تشهدها مصر خلال السنوات الأربعة الأخيرة ، والتي جاءت بالتبعية لدعوات تجديد الخطاب الديني لمواجهة الأفكار المتطرفة التي ولدت أحداثاً إرهابية هوجاء طالت مؤسسات الدولة وشوارعها بمسؤليها ومدنييها وعسكريها ولم تفرق بين مسلمين ومسيحين .
تطرقت مسائل تجديد الخطاب الديني إلى أمور عقائدية ودينية وتاريخية ، كان آخرها ما تم طرحه عن الناصر صلاح الدين الأيوبي من خلال تصريحات الدكتور يوسف زيدان والذي وصف الناصر صلاح الدين بأنه أحقر شخصية في التاريخ الإسلامي والإنساني لأسباب كثيرة في تاريخه .
ولأن تراثيات تنتهج مبدأ ” لا التقديس ولا التدنيس” فيقوم الموقع بنشر تقرير عن الناصر صلاح الدين الأيوبي كـ شبهات و ردود .

مصادر الشبهات و أسباب طرحها

الشبهات السبعة حول صلاح الدين والرد عليها

الشبهات السبعة حول صلاح الدين والرد عليها

مبدئياً لم تجيء كل هذه الشبهات حول ” صلاح الدين ” القائد العسكري الذي هاجم الصليبيين وكسرهم في موقعة حطين ، وإنما جاءت أغلب الشبهات حول ” صلاح الدين ” السياسي والحاكم لمصر و الشام .
لكن كان اللافت في الأمر هو مصدر الشبهات نفسها ، فمصدر الشبهات لم تكن أجنبية كون أن أغلب المصادر الأجنبية تعاملت مع الناصر صلاح الدين كـ قائد مسلم حارب الصليبيين ولم يتطرقوا له كحاكم كون أن دوره العسكري أكبر وأشهر من دوره السياسي .
وبالتالي فإن مصادر الشبهات انحصرت في كتب المقريزي كون أنه المؤرخ الفاطمي الأول الذي ذكر مساوئ ومحاسن صلاح الدين أيضاً ، ثم تطورت النبرة التأريخية لحكم صلاح الدين ليؤرخ له الإيرانيون والعرب التابعون عقائدياً للمذهب الشيعي والذين يمقتون صلاح الدين لنهاية الدولة الفاطمية على يديه .
وفي الستينيات من القرن الماضي ، تمت المتاجرة بصلاح الدين لأسباب سياسية في مصر من خلال فيلم الناصر صلاح الدين والذي تم استغلال سيرته لدعم فكرة القومية العربية التي طرحها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ؛ مما زاد الطين بلة في التناول لصلاح الدين كون أن الفيلم حمل مغالطات تاريخية فجة
ومع الهجوم المؤخر الذي تعرضت له سيرة الناصر صلاح الدين ، يستعرض موقع تراثيات الشبهات والرد عليها .

الشبهة الأولى | شخصنة تحرير القدس وصلح الاستسلام

تمثال صلاح الدين ورسمتين لـ رينو دي شاتيون و ريتشارد قلب الأسد

تمثال صلاح الدين ورسمتين لـ رينو دي شاتيون و ريتشارد قلب الأسد

تم اختزال دور صلاح الدين في تحرير بيت المقدس في أن حملته العسكرية لتحرير بيت المقدس كان سببها هو قتل شقيقته على يد جند رينو دي شاتيون أثناء هجومهم لقافلة الحج وقتل كل الحجاج المسلمين أثناء طريقهم للحجاز مما تسبب في معركة حطين .
كذلك بعد أن ظفر صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين على رينو دي شاتيون ، وجاءت الحملة الصليبية الثالثة بقيادة ريتشارد قلب الأسد عقد صلاح الدين صلحاً انهزامياً تسبب في التفريط ببيت المقدس .
لكن هذه الشبهة تنافي حقائق وتخفي مساوئ
فمبدئياً لم يكن الصليبيين حكاماً بل كانوا مغتصبين وعليه فإن هجوم صلاح الدين الأيوبي عليهم كان كسلفه من القادة المسلمين ، هجوم له ملابسات وظروف كلها تنحصر في التحرير
لم يكن هجوم صلاح الدين على الصليبيين بسبب قتل شقيقته ولا بسبب رينو دي شاتيون
لأنه أصلاً كان على نضال من قبل ذلك بكثير ، ويطول الشرح في نضال صلاح الدين وجهاده ضد الصليبيين .
لكن التأكيد على أن سبب تحرير بيت المقدس هو غضب صلاح الدين لقتل أخته مصدره فيلم مملكة الجنة وليس كتب التاريخ .

ذبح رينو دي شاتيون

ذبح رينو دي شاتيون

فهجوم صلاح الدين على حصن الكرك لم يكن بعد مذبحة الحجيج فقط ، فقد هاجمه قبل مذبحة الحجيج بعد أن خرق رينو دي شاتيون معاهدة صلاح الدين مع ملك مملكة بيت المقدس
كذلك فإن أخت صلاح الدين لم تقتل في قافلة الحجيج أصلاً ، فهجوم رينو على قافلة الحجيج كان في العام 578 هجرية ، وأخت صلاح الدين الأيوبي كانت في القافلة وأسرت وأهينت ثم رجعت مع من رجع من الأسرى ، ثم ماتت سنة 616 هجرية ووصف بهاء بن شداد جنازتها في كتاب النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية

صلح الرملة

صلح الرملة

أما بشأن معاهدة الرملة مع ريتشارد قلب الأسد فلم يكن بسبب ضعف صلاح الدين لأنه انتصر عسكرياً في مواقع كثيرة ، وإنما كان سبب الصلح هو حالة الضيق من كثرة الحروب بين جند صلاح الدين وجند الصليبيين ، وهو ما عبر عنه القاضي بن شداد قائلاً “لم يرغب في الصلح ولكنه رأى المصلحة في الصلح لسآمة العسكر ، وتظاهرهم بالمخالفة”

الشبهة الثانية | صلاح الدين وبناء قلعته من أحجار الأهرامات

القلعة و نسر صلاح الدين و الأهرامات

القلعة و نسر صلاح الدين و الأهرامات

مصدر تلك الشبهة كتابين ، أولهما كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة بأرض مصر لعبداللطيف البغدادي ؛ وثانيهما كتاب المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الاثار للمقريزي .
أما الرد على موضوع هدم الأهرامات فالبغدادي كانت زيارته للأهرام كما ذكرها في كتابه ،جاءت في عصر الأفضل وليس صلاح الدين يعني هو لم يرى صلاح الدين أصلاً
وبخصوص المقريزي فالذي اتهمه المقريزي لم يكن صلاح الدين وإنما العزيز عثمان بن يوسف الأيوبى كذلك الكسوة الخارجية لواجهات الهرم الأكبر مكونة من أحجار ملساء عليها نقوش وطلاسم دي تساقطت بسبب زلزال كبير سنة 1301م والذي شهد على هذا مؤرخ ورحالة غربى اسمه بالدنسل و بالدنسل زار مصر فى القرن الرابع عشر الميلادى ورأى بعض أحجار كسوة الهرم التي أسقطها الزلزال وذكر هذا الكلام الدكتور سيد كريم ” لغز الهرم الأكبر”.
أيضاً فهذه الشبهة تنفى تماما كتابات بعض المؤرخين العرب ، ومن نقل عنهم من كتاب الآثار حديثاً عن أن بهاء الدين قراقوش وزير صلاح الدين هو الذى أزال أحجار الهرم ، حيث توفى بهاء الدين قراقوش 597هـ أى فى القرن السادس الهجرى ، الثانى عشر الميلادى ، وقد شاهد المؤرخ الغربى أحجار الهرم بنفسه متساقطة بفعل الزلزال عام 1301م ، أى فى القرن الرابع عشر الميلادى بعد وفاة قراقوش
كذلك فإن قلعة صلاح الدين بنيت عام 572هـ / 1176م أى قبل الزلزال الذى أسقط الأحجار الخارجية للهرم مما ينفى أخذ بهاء الدين قراقوش لأحجار الهرم المتساقطة لبناء القلعة

الشبهة الثالثة | تخريب صلاح الدين لمصر والأزهر بعد قتاله للفاطمين

الأزهر و صلاح الدين

الأزهر و صلاح الدين

قبيل زوال الفاطميين فإن التخريب الذي حدث كان على يد وزراءهم لا على يد صلاح الدين
وأعجب العجاب في تلك الشبهة هو تغافل من يرددها عن ذلك
فالفاطميين في أواخر عصرهم من قاموا بتخريب مصر في واقعة حرق الفسطاط ، وهو أشهر حرائق مصر على الإطلاق ، كون أنه الأطول مدة و الأشد ضرراً على السكان حيث تسبب في عملية نزوح جماعي غير منظم .
فالوزير شاور الفاطمي عقد صفقة مع نور الدين محمود ليتولى الوزارة بعد سقوط الفاطميين
والوزير ضرغام الفاطمي عقد صفقة مع الصليبيين ليتولى الوزارة بعد أن يدخلوا مصر .

عموري الأول - بحسب ويكيبيديا

عموري الأول – بحسب ويكيبيديا

كان عموري ملك بيت المقدس ينتظر هذه الفرصة ، فسافر إلى مصر بجيش جرار بحجة أن شاور لم يدفع الضريبة .
استنجد شاور بالأمير نور الدين محمود لكي ينقذه من الصليبيين ، إلا أن نور الدين كان على درجة من الذكاء مكنته من فهم غرض شاور وهو الأهواء الشخصية والمصالح السياسية ، فأراد التخلص من مثلث الخطر “شاور،الفاطميين،الصليبيين”
فأرسل جيشاً بقيادة أسد الدين شيركوه و صلاح الدين للتخلص من المثلث المزجع وضم مصر للشام .
فوجد شاور نفسه أمام جيشين الجيش الصليبي و جيش نور الدين محمود.
فقرر اللعب على الطرفين حيث قام بدفع ثلث الاقتصاد المصري إلى نور الدين محمود ليحميه من الصليبيين ، و في نفس الوقت قام بتحذير عموري من قدوم جيش نور الدين ليكسبه في صفه
ولكي يعرقل شاور دخول الصليبيين للقاهرة ، أصدر أمراً بحرق الفسطاط ، وأعلن لأهلها ضرورة المغادرة وترك منازلهم ومحالهم وأماكن أرزاقهم ، والتوجه لقاهرة المعز خلال 72 ساعة .
وتمت عملية النزوح و مع نهايتها اشتعل الفسطاط ، حيث أحرق شاور مدينة الفسطاط بالكامل ، عبر 20 ألف قارورة نفط ، وعشر آلاف مشعل نار ، واستمر حريق الفسطاط 54 يوماً لدرجة أن اللهب والدخان كانت العين المجردة تراهما على مسيرة 3 أيام ، ليكون حريق الفسطاط أطول حريق شهدته مصر بالكامل .
انتهت حياة شاور بالإعدام على يد الأيوبيين ، لكن الحقيقة هي أن الفسطاط لم يتبقى منها أي شيء منذ أن بناها عمرو بن العاص سوى مسجده .

سور مجرى العيون

سور مجرى العيون

أما عن دور صلاح الدين في تعمير مصر فقد فقام بتحصين القاهرة وإعادة بناء أقسامها المهدمة
فأقدم على إصلاح أسوارها وإمداد المزيد منها كذلك شرع في بناء قلعة القاهرة التي عُرفت فيما بعد بقلعة صلاح الدين والتي أشرف على بنائها بهاء الدين قراقوش كما استطاع أن ينجز بناء جسر ضخم في الجيزة ، ليُشكل إحدى خطوط الدفاع الأوليّة ضد غزو مغربي محتمل ، فضلا عن بناءه لسور مجرى العيون لتنظيم حركة الري
وعند المقريزى فى خططه نرى أن صلاح الدين لم يهتم بالمبانى العسكرية بل أيضاً المبانى الاجتماعية والعلمية فبنى 8 مدارس لنشر العلم، وتابع إدارة البلاد الداخلية بنفسه ، وجعل من مسجد أحمد بن طولون في القاهرة مأوى للغرباء الذين يأتون إلى مصر من بلاد المغرب
ونختم هذه الشبهة بدليل من غير المسلمين وهو كلام الأسقف ساويرس بن المقفع
وهو غير عبدالله بن المقفع صاحب كليلة ودمنة
فساويرس بن المقفع هو أسقف الأشمونيين بمصر وله كتاب اسمه تاريخ البطاركة وقد حُقق الكتاب سنة 1999 بمعرفة رجال الكنيسة المصرية فى عهد الأنبا شنودة بابا الإسكندرية الأسبق
وقد جاء فى الكتاب نصاً بالجزء الثانى منه على لسان ساويرس بن المقفع
“إن الملك صلاح الدين عامل رعيته في بلاد مصر بخير يعجز الواصف عن وصفه وأرسى العدل وأحسن إلى المصريين وأزال مظالم كثيرة على الناس وأمر بإبطال الملاهي في بلاد مصر وأبطل كل منكر شرير وأقام حدود شريعة الإسلام.
وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل ”

الشبهة الرابعة | حرق دار الحكمة والاستيلاء على كتب الفاطميين

دار الحكمة

دار الحكمة

تأسست دار الحكمة في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي لمنافسة الأزهر
ودور صلاح الدين في حرق دار الحكمة لا شيء ، فهو لا حرقها ولا هدها هو تركها بعد القضاء على دورها الشيعي ، وحريقها فالمقريزي نفسه قال في الجزء الثالث من الخطط ” وقعَ بها الحريقُ يوم الجمعة 4 صفر سنة إحدى وتسعين وست مائة، فتلفَ بها من الكتب، في الفقهِ والحديثِ والتاريخ وعامة العلوم، شيءٌ كثيرٌ جداً كانَ من ذخائرِ الملوكِ ، فانتهبها الغِلمان، وبيعت أوراقاً مُحرقة ظفر الناسُ منها بنفائسَ غريبة ما بين ملاحم وغيرها، وأخذوها بأبخس الأثمان”
وفي كتاب “الأزهر تاريخه وتطوره” ، سنجد أن صلاح الدين بنى 8 مدارس قوامها من كتب الفاطميين عدا الشيعية ورواية القلقشندي في صبح الأعشى تقول أنه لم يخرب التراث هو قال نصاً “كانت من أعظم الخزائن، وأكثرها جمعاً للكتب النفيسة من جميع العلوم.
ولم تزل كذلك إلى أن انقرضت دولتهم بموتِ العاضدِ آخر خلفائهم، واستيلاء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على المملكة بعدهم، فاشترى القاضي الفاضل كتب هذه الخزانة، ووقفها بمدرسةِ الفاضلية بدرب ملوخيا بالقاهرة، فبقيت إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبقَ منها إلاَّ القليل”

الشبهة الخامسة | كره صلاح الدين لمصر وإذلال المصريين بالمماليك

المماليك أيام عز الدين أيبك ونجله

المماليك أيام عز الدين أيبك ونجله

إشكالية أن صلاح الدين كان ينظر لمصر بنظرة إسلامية وليست نظرة مصرية خالصة ،نظرة فيها بعض السطحية
فمصر جزء لم يتجزأ من العالم الإسلامي الذي كان في مخالب الصليبيين .
ومصر كان يُسب فيها الصحابة والسيدة عائشة علناً بسبب نظام حكمها الفاطمى وصلاح الدين أبطل هذه الفعلة ، بل إن صلاح الدين أيضاً حين أغلق الأزهر لم يشرد أغلب علمائه ، بدليل ما جاء فى كتاب الأزهر تاريخه وتطوره والصادر عن وزارة الأوقاف سنة 1989 ، فقد استعمل علماء الأزهر فى كافة المدارس التى فتحها
وإذلال المصريين بالمماليك ، فهذا لم يحدث إصلاً فلو أننا نظرنا إلى كتاب النجوم الزاهرة لملوك مصر والقاهرة للأتابكى سنجد أن المماليك لم يظهروا على يد صلاح الدين الأيوبى ، لأن من استعملهم وأتى بهم إلى مصر هو الملك الصالح نجم الدين أيوب وليس صلاح الدين الأيوبى
بالإضافة إلى أن المماليك كانوا بمصر قبل وجود صلاح الدين الأيوبى نفسه لكنهم لم يظهروا فى الحكم بتاتاً إلا بعد زوال الدولة الأيوبية عقب زواج أيبك من شجر الدر ، وهى زوجة الملك الصالح نجم الدين ايوب ، ولم يظهر دورهم المؤثر فى مصر كجيش او حتى كمناصب إلا فى عصر الملك الصالح نجم الدين أيوب ، كذلك فإن المماليك أصلاً لم يكونوا أوروبين والمؤرخين أجمعوا على أن المماليك من بلاد آسيا الوسطى ، وذكر شهاب الدين الخفاجي فى كتابه شفاء العليل فيما في كلام العرب من دخيل.
و المقريزى أيضاً فى كتابه السلوك لمعرفة دول الملوك ذكر أن المماليك لا أصل لهم غير أنهم لم يمتوا لأوروبا بأى صلة لبلاد أوروبا أو حتى اسبانيا

الشبهة السادسة | ذبح صلاح الدين للنوبيين

صلاح الدين والنوبيون

صلاح الدين والنوبيون

أثيرت شبهة حول صلاح الدين والنوبيين وهي شبهة قمعه لثورة بنو كنز وهم إحدى القبائل النوبية كما جاء في كتاب البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب للمقريزي .
ولكن بمجرد ذكر جملة “ثورة بنو كنز” تشعر أنهم ثاروا على حاكم ظالم ، لكن لو رأيت ما في التاريخ بشأن هذه المسألة ستجد أن بنو كنز  في أصل احتكاكهم بصلاح الدين كانوا خونة .
لن نستدل بأقوال مؤرخين يتبعون صلاح الدين ويؤيدونه ، بل سنستند لرأي مؤرخ بينه وبين صلاح الدين خلافات سياسية ، وهذا المؤرخ هو المقريزي والذي دعم وأيد الدولة الفاطمية واختلف مع صلاح الدين
ألف المقريزي كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ، وذكر فيه ما سُمّي بثورة بني كنز ، فتأمل نص ما كتبه لتعلم أنهم ليسوا ثورا بل خونة
قال المقريزي
“جمع كنز الدولة والي أسوان العرب والسودان وقصد القاهرة يريد إعادة الدولة الفاطمية، وأنفق في جموعه أموالاً جزيلة، وانضم إليه جماعة ممن يهوى هواهم، فقتل عدة من أمراء صلاح الدين، وخرج في قرية طود رجل يعرف بعباس بن شادي، وأخذ بلاد قوص، وانتهب أموالها؛ فجهز السلطان صلاح الدين أخاه الملك العادل في جيش كثيف ومعه الخطير مهذب بن مماتي فسار وأوقع بشادي وبدد جموعه وقتله.
ثم سار فلقيه كنز الدولة بناحية طود، وكانت بينهما حروب فر منها كنز الدولة بعد ما قتل أكثر عسكره، ثم قتل كنز الدولة في سابع صفر، وقدم العادل إلى القاهرة”

الشبهة السابعة | ذبح الشيعة على يد صلاح الدين

راشد بن سنان زعيم الحشيشة و صلاح الدين

راشد بن سنان زعيم الحشيشة و صلاح الدين

لو علمنا كيف تولى صلاح الدين السلطنة المصرية ، لدُحِضَ أي كلام عن ذبح صلاح الدين لهم
أورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ بالجزء العاشر ، وستيفين رونسيمان في كتابه تاريخ الحروب الصليبية الجزء الثاني ما ملخصه
” أن الزنكيون ثبتوا أقدامهم في مصر، في الوقت الذي كانت الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، فأرسل نور الدين إلى صلاح الدين طالبًا إياه بإيقاف الدعاء إلى الخليفة الفاطمي والدعاء إلى الخليفة العباسي في مساجد مصر
لم يرغب صلاح الدين من الامتثال لهذا الأمر خوفًا من النفوذ الشيعي في مصر، وأخذ يراوغ في تأخير الأمر، إلا أن نور الدين هدد صلاح الدين بالحضور شخصيًا إلى القاهرة.
فاتخذ صلاح الدين الإجراءات الشرطية اللازمة، لكن لم يتجرأ أحد على القيام بذلك، إلى أن جاء شيخ سني من الموصل زائر وقام في المسجد الأزهر وخطب للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله في أول جمعة من سنة 567 هـ، الموافق في شهر سبتمبر من سنة 1171م، لتحذو القاهرة كلها حذوه، في الوقت الذي كان فيه العاضد لدين الله على فراش الموت مريضًاولم يلبث العاضد طويلاً حتى فارق الحياة، فأصبح صلاح الدين الدين الحاكم الفعلي في مصر، ليس لأحدٍ فيها كلمة سواه، ونقل أسرته ووالده نجم الدين إليها ليكونوا له أعوانًا مخلصين، وبهذا زالت الدولة الفاطمية ، تمامًا بعد أن استمرت 262 سنة ”

رسمٌ تخيُليّ لِشيخ الجبل راشد الدين سنان، زعيم الحشيشية.

رسمٌ تخيُليّ لِشيخ الجبل راشد الدين سنان، زعيم الحشيشية.

أما عن المواجهات بين الشيعة وصلاح الدين ، فهي لم تحدث إلا بعد أن دبر الشيعة محاولتين لإغتيال صلاح الدين ، كانت الأولى على يد راشد الدين أبو الحسن سنان بن سلمان بن محمد البصري الباطني، صاحب الدعوة النزارية والذين تعاون مع كل من الصليبيين والزنكيين الكارهيين لصلاح الدين
وقصة المحاولة الأولى كما جاءت في سير أعلام النبلاء للذهبي ، أن رشيد الدين سنان أرسل جماعة من أتباعه الفدائيين إلى المعسكر الأيوبي فاكتشفهم أمير يدعى خمارتكين، فقتلوه، ووصلوا إلى خيمة صلاح الدين في جوف معسكره، وحمل عليه أحدهم ليقتله، فقتل دونه، واستبسل الباقون في الدفاع عن أنفسهم قبل أن يُقتلوا جميعاً.
أما الثانية فجاءت في كتاب تاريخ الأيوبيين والمماليك لقاسم عبده ، وكانت على يد راشد الدين والذي أرسل في ذي القعدة عام 571هـ ، الموافق مايو عام 1176م جماعة من أتباعه يتنكرون في زي الجنود، فدخلوا المعسكر الأيوبي أثناء حصار قلعة عزاز، وباشروا الحرب مع جند صلاح الدين واختلطوا بهم يتحينون الفرصة لقتل صلاح الدين وفيما كان الجند مشغولون بحصار القلعة، مَّر صلاح الدين بخيمة الأمير جادلي الأسدي لتشجيع الجند على مواصلة القتال، فهجم عليه أحد الإسماعيلية وضربه بسكينه على رأسه، إلا أن صلاح الدين كان يلبس خوذته الحديدية فوق رأسه، فعاد الرجل وضربه على خدَّه فجرحه، فأمسكه صلاح الدين بيده وحاول تعطيله وهو مستمر في هجومه وضربه إلى أن أدركه الأمير سيف الدين يازكوج وقتله، ثم هجم فدائي ثاني على صلاح الدين، فتصدى له داوود بن منكلان وقتله، ثم هجم فدائي ثالث لتنفيذ المهمة، فاعترضه الأمير علي أبو الفوارس، وطعنه ناصر الدين محمد بن شيركوه وقتله وخرج رابع من الخيمة هارباً، فطارده الجند وقتلوه
وإزاء كل هذا وكما قال المقدسي في كتابه “كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية” صمم صلاح الدين على أن يضع حداً لهذه الحركة التي وضح خطرها في بلاد الشام، وجهز حملة عسكرية في شهر محرم عام 572هـ شهر يوليو عام 1176م، فحاصر حصونهم ونصب المجانيق الكبار عليها وأوسعهم قتلاً وأسراً وساق أبقارهم وخَّرب ديارهم، وهدم أعمارهم وهتك أستارهم حتى شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود تكشى صاحب حماة، وكانوا قد راسلوه في ذلك لأنهم جيرانه، فرحل عنهم وقد انتقم منهم ، ودمّر قوتهم .

ضريح صلاح الدين

ضريح صلاح الدين

وتفرغ صلاح الدين لحروبه مع الصليبيين إلى أن مات فجر يوم الأربعاء في 4 مارس سنة 1193م، الموافق فيه 27 صفر سنة 589 ه

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*