الرئيسية » رموز وشخصيات » «لَزْمَة السواك أحد الأدوات» كيف نجح حمزة العيلي في تمثيل شخصية السُرِّي بن الحكم ؟
حمزة العيلي
حمزة العيلي - مسلسل رسالة الإمام

«لَزْمَة السواك أحد الأدوات» كيف نجح حمزة العيلي في تمثيل شخصية السُرِّي بن الحكم ؟

تقرأ في هذا التقرير «شخصية السري بن الحكم تاريخيًا وإبداع حمزة العيلي فنيًا، أهمية شخصية السري بن الحكم في التاريخ ومحوريته في مسلسل رسالة الإمام».

كتب | وسيم عفيفي

لفت الممثل الفنان حمزة العيلي أنظار المشاهدين لمسلسل رسالة الإمام الشافعي منذ أول مشاهده وحتى الآن، وذلك لمقدرته على الأداء التمثيلي للشخصية كقائد عسكري شُرَطِي أيضًا.

ملامح هامة في شخصية السُرِّي بن الحكم أظهرها حمزة العيلي

الفنان حمزة العيلي

الفنان حمزة العيلي

هناك أسبابًا أخرى تجعل حمزة العيلي ناجحًا في أداء شخصية السُرِّي بن الحكم، بعيدًا عن كونه ممثل موهوب؛ تتمثل في أن العيلي تلبس تلبسًا تامًّا بالشخصية الأكثر غموضًا في تاريخ مصر العباسي، والأعقد في تفاصيلها.

(لَزْمَة السواك)

ظهور شخصية السري بن الحكم في الحلقة الأولى

ظهور شخصية السري بن الحكم في الحلقة الأولى

أغلب مشاهد السُرِّي بْن الحكَم التي أداها الفنان حمزة العيلي ظهر فيها وهو يمسك بـ السواك في فمه، وكانت تلك إضافة حمزة العيلي، إذ لا يوجد في ملامح الشخصية الحقيقية ما يؤكد تلازمية السواك؛ وهنا نجاح العيلي الأول وهو رمزية السواك.

اقرأ أيضًا
الفسطاط في مسلسل رسالة الإمام “لماذا يستحق منفذو الديكور والجرافيك التحية؟”

السواك في الأصل له غرض وهو تنظيف الفم والأسنان وتطهير الفم، ومع إضفاء الأبعاد الدينية للسواك، نكتشف جانبًا من شخصية السُرِّي بن الحكم وهو نظافته الشخصية كمظهر خارجي، ونظافته من حيث الأسنان كأنما هو أسد يحافظ على أنيابه؛ فضلاً تدينه في نفس ذات الوقت؛ وكل هذه الجوانب موجودة في شخصية السُرِّي بن الحكم، مما يعني أن الفنان حمزة العيلي درس تفاصيل الشخصية بشكل كامل.

(طامح رغم الزهد في السياسة)

حمزة العيلي في مشهد وصول ابن الوالي

حمزة العيلي في مشهد وصول ابن الوالي

منذ بداية المسلسل وحتى الحلقة الخامسة جعل الفنان حمزة العيلي المشاهدين مرتابين من الشخصية التاريخية الحقيقية بسبب أداءه، فلا يعرفون هل شخصية السري نواة متآمر على العباسيين، أم أنه نسخة كاربونية من شخصية الحجاج بن يوسف في ولاءه لولي الأمر بالسوط والسيف، أم أنه جاسوس هذا على ذاك، أم أنه ماذا.

وعلة هذه الحيرة قول حمزة العيلي: أنا لا ألقي للسياسة بالاً، فضلاً عن قول ابن الوالي واصفًا شخصية السُرِّي: هذه حقيقة خير الكلام ما قل ودل، ثم تزداد الشخصية تعقيدًا في الحلقتين الرابعة والخامسة خلال تجريده من صلاحياته على يد ابن الوالي ورد فعله على ذلك من خلال تعاونه مع الوالي المعزول عن الفسطاط.

(هدوء ما قبل العاصفة)

مشهد غضب السري

مشهد غضب السري

طيلة 3 حلقات كانت شخصية السُرِّي هادئة بكاريزما كبيرة نجح حمزة العيلي في صياغتها بنظراته وكلامه القليل، وهدوءه المخيف، لكن تحول الهدوء إلى غضب أشد خوفًا بعد رد فعله من تعيين الجروي قائدًا للشرطة وصرخة حمزة العيلي بعدها.

كان هذا بعدًا آخر يضاف للأبعاد السالف ذكرها التي أظهرها حمزة العيلي، وهي أن شخصية السري كانت كتومة في مشاعرها الغاضبة، لكنها فتاكة عندما يظهر غضبها.

هل هناك خطأ في نُطْق اسم شخصية السُرِّي

حمزة العيلي في شخصية السري

حمزة العيلي في شخصية السري

يرى بعض المشاهدين أن هناك خطأ في مشاهد السري بن الحكم وهو مخاطبته ونداء اسمه بـ السُّرِّي (تشديد السين مع ضَمِّهَا وكسر الراء)، وأن الصحيح هو السَّريّ بْن الحكَم (فتح السين وتشديدها مع فتح الراء وتشديدها).

اقرأ أيضًا
“وتضيق دنيانا فنحسب” رحلة أبيات شعرية من Post على الفيس إلى خطأ في رسالة الإمام

لكن هذا النقد ليس منضبطًا، فنطق اسم السَّريّ موجود فعلاً في كتب التاريخ مثل تاريخ أبي عمر الكندي[1]، لكن النطق الصحيح للإسم هو السُرِّي نسبة لبلدة سُرّ من بلدان الري فطبقًا لمعجم البلدان والذي قال « السُّرّ: بضم أوّله، وتشديد ثانيه، بلفظ السّرّ الذي تقطعه القابلة من السّرّة: قرية من قرى الرّيّ، ينسب إليها السّرّيّ».[2]

شخصية السَّريّ بْن الحكَم في التاريخ

حمزة العيلي في شخصية السري

حمزة العيلي في شخصية السري

حتى لا نحرق أحداث المسلسل وشخصية السري بن الحكم، سنتكلم عن الشخصية من حيث ظهورها وتطورها حتى الحلقة الخامسة، وذلك طبقًا لدراسة الدكتورة ثناء عبدالعظيم.[3]

اقرأ أيضًا
الإمام الشافعي في الدير «أكانت تلك الحبكة في رسالة الإمام مقنعة حتى تكون ضرورية؟»

وصل السري بن السري بن الحكم بن يوسف البلخي إلى مصر في أيام هارون الرشيد وخلال ولاية الليث بن الفضل، وكانت أولى أعماله التي أظهرت شخصيته هي قمعة لثورة ضد حاتم بن هرثمة بن أعين أحد قادة العباسيين والتي قامت في بلدة حوف، ونجح السري بن الحكم وعبدالعزيز بن الوزير الجروي سنة 194هـ في قمع تلك الثورة.

هبت ملامح فتنة سياسية في بغداد عاصمة حكم العباسيين وألقت بظلالها على مصر، إذ حدث الخلاف بين الأمين الخليفة العباسي وولي عهده أخوه المأمون، إذ أصدر الخليفة أمره بعزله من ولاية العهد وعدم الدعاء له على المنابر.

قرر السري أن ينحاز إلى المأمون فحدثت معركة في الفسطاط لم تُحْسَم بسبب أن عبدالعزيز الجروي أراد طلب الحكم لنفسه، فقرر عباد بن محمد قائد جيوش المأمون أن يعطي مهمة حماية الفسطاط للسري، فهزم أهل الحوف، وانتهى الأمر بتعيين المأمون خليفةً للمسلمين والذي اختار المطلب بن عبدالله الخزاعي واليًا على مصر سنة 198هـ / 813م، نجح السري في تثبيت حكم المطلب، وحدث بينهم قرب كبير.

مشهد ظهور الجروي - حمزة العيلي

مشهد ظهور الجروي – حمزة العيلي

كان هناك كراهية متبادلة بين الرجلين إذ أن المطلب أراد أن يحضر إلى الفسطاط من بلدة تنيس، لكن الجروي رفض فقرر المطلب أن يكلف السري بمقاتلته فحدثت معركة بين بلدة سندفا في سمنود وبلدة شرقيون في المحلة، لكن السري لم يكن يريد تلك الحرب فقط أراد رأب الصدع والحفاظ على قوام الجيش العباسي لكن الجروي خدعه وسجن السري.

اشتاط المطلب غضبًا وكان الجروي يدرك أنه على رغم قوته لن يستطيع الاستمرار في معاداة المطلب، فحاول الجروي التفاهم مع السري وقال أنه سيخرجه من السجن في مقابل أن يخلع المطلب، وأطلق الجروي السري ثم أخبر أنه عينه واليًا على الجند، فبويع من الجميع عدا المصريين.

وتقول الدكتورة ثناء في دراستها «يتضح مدى استخفاف الجروبي والسري بأمر الخلافة وعزمهما تلفيق كتاب الولاية لخداع الوالي والجند وجميع أهل مصر وهي جرأة لا تدل على شجاعة بقدر ما تدل على انشغال الخلافة عن هؤلاء العابثين».[4]

لم يفعل السري انحيازًا كاملاً للجروي وانحاز المصريين للمطلب، لكن لاحقًا أزيح المطلب من حكم مصر ليحدث صراع بين السري وعبدالعزيز الجروي كان سببه رغبة كل منهما في إحكام سيطرته على مصر وإبعاد منافسه عن الساحة، ذلك الصراع الذي نجح فيه السري فصار واليًا على صلاتها وخراجها سنة 200هـ / 816م.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الكندي، الولاة والقضاء، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت 1424هـ / 2003م، ص123.
[2] الحموي، معجم البلدان، ج3، ط/1 ، دار صادر، بيروت، 1997م، ص211.
[3] ثناء عبدالعظيم عبدالعزيز عبدالعظيم، أسرة السري بن الحكم وأول محاولة استقلال بمصر في عصر الولاة (200هـ – 210هـ / 815م – 835م)، مجلة كلية الآداب، جامعة المصورة، المجلد 59، أغسطس 2016م، ص ص 393-432.
[4] المرجع السابق، ص404.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*