تراثيات نافذتك الأولى على التاريخ
تقرأ في هذا التقرير «محمد حسني مبارك والمولد النبوي .. كيف تعامل معه ؟، أجواء الثمانينيات وتطويع المولد مع الحدث، طقس ابتكره مبارك وفكرة سرقها مرسي»
كتب | وسيم عفيفي
صار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك هو أكثر حكام مصر الجمهورية احتفالاً بمناسبة المولد النبوي لأنه أطولهم مدةً، وامتلئت فترته بالأحداث الدينية ذات الأبعاد السياسية الساخنة خلال الثمانينيات والتسعينيات وبالتالي طرأت تغيرات على شكل احتفال مصر بالمولد النبوي.
حسني مبارك والمولد النبوي .. بصمة لا زالت مستمرة
مبارك
جاء تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك للحكم إيذانًا بنهاية تمثيل الطرق الصوفية احتفال مصر الرسمي بالمولد النبوي وجعل وزارة الأوقاف هي الجهة الممثلة لاحتفال الدولة بالمناسبة بعد أن كانت مشيخة الصوفية هي جهة الاحتفال منذ العهد المملوكي حتى عصر السادات.
اقرأ أيضًا
«تاريخ ال 21 طلقة مدفعية للتحية» فكرة بريطانية أخذها الخديوي إسماعيل
شيء آخر تغير في احتفال مصر بالمولد النبوي في عصر مبارك وهو عدم مشاركة قوات الجيش في أجواء الاحتفالات بإطلاق 21 طلقة وهو تقليد بدأ مع محمد علي باشا واستمر حتى سبعينيات القرن الماضي.
اقرأ أيضًا
مبارك ورمسيس زخاري «حين تدخل الرئيس لإنقاذ يا تليفزيون يا»
الجديد الذي وضعه محمد حسني مبارك في احتفال مصر بالمولد النبوي بعد إقرار تمثيل وزارة الأوقاف لاحتفال مصر الرسمي هو مسابقة القرآن الكريم وتكريم حفظته من مصر والعالم الإسلامي حيث لم يكن هناك هذا التقليد من قبل.
اقرأ أيضًا
إهانة الرسول في مصر بسبب السياسة «آخرها مع نعي محمد مرسي»
ووضع محمد حسني مبارك فكرة في المولد النبوي لم تُعْرَف من قبل وتم سرقتها من نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي وهي فكرة تكريم المسيحيين في احتفالات وزارة الأوقاف بالمولد النبوي.
حسني مبارك والمولد النبوي .. فكرته التي سرقها مرسي
مرسي ومبارك
ذكرت وزارة الأوقاف في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي أن الأخير كرم في احتفال المولد النبوي لأول مرة مسيحية في مسابقة وزارة الأوقاف وهي سيلفانا نصيف عوض «الطالبة بالفرقة الثانية بكلية طب الأسنان جامعة المنصورة» وذلك يوم 24 يناير عام 2013 م، لكن هذا تاريخيًا غير صحيح إذ سبقه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وكرم 4 مسيحيين في 3 احتفالات كانت الأولى في 13 أكتوبر عام 1989 م والثانية 28 يوليو 1996 والثالثة في 11 إبريل عام 2006 م.
مبارك وتكريم مسيحيين سنة 1989 م
كرم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في المولد النبوي عام 1989 م اثنين مسيحيين وهما الدكتورة آن ماري ديكلير «رئيس قسم أصول الفقه الإسلامي بجامعة السربون في فرنسا»، والثاني هو المستشرق فرانسيسكو جابريلي «مدير معهد الدراسات الإسلامية في جامعة روما».
اسم آن ميل شميث ضمن المكرمين سنة 1996 م
وفي المرة الثانية كرم محمد حسني مبارك المستشرقة الألمانية آن ميل شميث عام 1996 م.
كريستين زاهر حنا
أما المرة الثالثة التي كرم فيها حسني مبارك مسيحية في مسابقة وزارة الأوقاف فكانت عام 2006 م مع الدكتورة كريستين زاهر حنا أول معيدة مسيحية يتم تعيينها بقسم مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية في كلية التربية جامعة بورسعيد.
حسني مبارك والمولد النبوي .. ما هي موضوعات الخُطَب ؟
حسني مبارك
اختلفت موضوعات خطب الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في احتفالات المولد النبوي خاصةً مع التسعينيات وإن كان السبب واحد وهو الإرهاب.
كلمة مبارك في المولد النبوي – سبتمبر 1991 م
ففي أول احتفال بالمولد النبوي عقب تحرير الكويت وبالتحديد في 22 سبتمبر عام 1991 م، اهتمت كلمة حسني مبارك بوحدة الشمل الإسلامي وعدم الاهتمام بالقشور، ولم يقم الرئيس الأسبق باستخدام لزمته الشهيرة بـ «الإخوة المواطنون» وإنما بـ «العلماء الأجلاء والإخوة والأخوات».
بقية نص خطاب مبارك في سبتمبر 1991 م
ومع تلميحات حسني مبارك بالشأن الداخلي اقتصاديًا وإعلاميًا لم يفوته التحدث عن الشأن العراقي والكويتي جنبًا إلى جنب مع الإرهاب حيث قال «الإسلام لا يعرف البغي ولا يقر بالعدوان ولا يسمح بغرز العقيدة في القلوب بحد السيوف».
كلمة مبارك في المولد النبوي – 11 سبتمبر 1992
وفي 22 سبتمبر عام 1992 م انصبت كلمة حسني مبارك في المولد النبوي بمسألة الإرهاب الدولي محذرًا من قدومه عبر أفغانستان حيث قال «حرصًا على استقرار أمتنا الإسلامية أطلب تخلي كافة الحركات الرافعة لراية الإسلام عن الإرهاب والابتعاد عن الغلو والشطط والوحدة بين الأفغان وتوفير الحماية لمسلمي البوسنة والهرسك».
المكرمون في المولد النبوي سنة 1992 م
وشملت قائمة المكرمون في احتفال عام 1992 م عن توزيع جوائز الحج والعمرة على الفائزين بمسابقة الأوقاف ومنح 13 عالم لأوسمة تقديرًا لجهودهم كان من ضمنهم الشيخ شوقي عمرو فيتش «رئيس لجنة الطوارئ في البوسنة والهرسك»، كذلك تكريم عدد من أبناء القوات المسلحة والشرطة وهما رقيب أول شرطة سعيد عبدالله عويضة، والمجند محمد عبدالعظيم محمد لتفوقهما في مسابقة القرآن الكريم.
المولد النبوي سنة 1996 م
واحتفى كثيرون من رجال الدين باحتفال المولد النبوي عام 1996 م ليس لأن فيه مسيحية مُكرمة وهي المستشرقة الألمانية آن ميل شميث، وإنما لأنه شهد حضور وتكريم الدكتور مراد هوفمان «سفير ألمانيا في الجزائر والمغرب» والذي اعتنق الإسلام عام 1980 م وصار مفكرًا وكاتبًا عن دراسات مقارنة الأديان.
كلمة مراد هوفمان بعد تكريمه في المولد النبوي
وأشاد مراد هوفمان بحرص الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على تكريم العلماء، معبرًا عن أي هذا ليس بشيءٍ مستغرب من مصر بلد الأزهر.
احتفال المولد النبوي سنة 1997
لم تغب القضية الفلسطينية عن حضور احتفالات المولد النبوي في عصر مبارك، ففي احتفال 17 يوليو 1997 م كان حسني مبارك حريصًا في كلمته على وحدة الأمة والتأكيد على عدم دخول الإسلام في أي صراع سياسي.
بقية خطاب مبارك في المولد النبوي 1997 م
وفي نفس ذات الخطبة أكد حسني مبارك على أهمية القضية الفلسطينية وقد أهدته وزارة الأوقاف مجسمًا للمسجد الأقصى تقديرًا لجهود مصر إزاء القضية الفلسطينية.
احتفال المولد النبوي سنة 1998
وتزامن احتفال مصر عام 1998 م مع انعقاد قمة ثلاثية بين مصر والأردن وفلسطين لمنع تهويد القدس، وألقى حسني مبارك خطبة في 6 يوليو عام 1998 م أكد فيها على ضرورة استلهام السيرة المحمدية لبناء المجتمع.
بقية نص خطاب مبارك في المولد النبوي 1998 م
وأكد حسني مبارك أن النهضة المصرية وحتى الفلسطينية يجب أن تتخلى عن الشعارات وتتسم بالوحدة التي لن تتم إلا على أساس التكامل، مجددًا دعوته إلى استلهام المسلمين لقصة النبي صلى الله عليه وسلم في البناء.
