الرئيسية » حكاوي زمان » معركة عين جالوت” قصة الخدعة الإستراتيجية التي أنهت التتار
حرب-المغول-و-المسلمين-
حرب-المغول-و-المسلمين-

معركة عين جالوت” قصة الخدعة الإستراتيجية التي أنهت التتار

كتب: وسيم عفيفي
في الخامس والعشرين من رمضان عام 658هـ، الموافق 3 سبتمبر 1260 م ، انتصر المسلمون بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز في المعركة الخالدة عين جالوت، حيث قهرت الجيوش الإسلامية التتار، الذين قتلوا ملايين البشر من المسلمين وغيرهم، وقضوا على خلافة المسلمين وعاصمتها بغداد في عام 656هـ.

صورة لتمثال سيف الدين قطز

صورة لتمثال سيف الدين قطز

وفق موقع البيان فيعد قطز من أبرز قادة دولة المماليك، وهو سليل ملوك بلاد ما وراء النهر (أوزبكستان الآن)، ورغم أن فترة حكمة لم تدم سوى عام واحد إلا أنه استطاع أن يُوقف زحف المغول؛ الذي كاد أن يقضي على الدولة الإسلامية، وهزمهم هزيمة منكرة في عين جالوت.
كان من نتائج سقوط بلاد الشام في أيدي المغول وحلفائهم أن عم الرعب والخوف سائر أرجائها، فهرب الناس باتجاه الأراضي المصرية، وصاروا يبحثون عن قيادة حكيمة قوية تنهي الخلاف وتوحد الكلمة، وتعيد تنظيم الشتات، وتبعث روح الجهاد الإسلامي في النفوس لدرء ذلك العدوان الذي استشرى خطره وبات يهدد ما بقي من العالم الإسلامي بالدمار والهلاك، وقد كانت مصر حينذاك هي البلد الإسلامي الوحيد المؤهل للقيام بهذه المهمة.

ضرب المغول حصار على المدن والقلاع.

ضرب المغول حصار على المدن والقلاع.

فبعدما سحق التتار كل الإمارات الإسلامية من الصين في أقصى الشرق مروراً بوسط آسيا وإيران والعراق والشام، لم يتبقَّ لهم في حصادهم البشري إلا مصر، التي لو سقطت حينها لأمكن للتتار أن يرتعوا في القارة الأوروبية، فضلاً عن إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي، لا يردهم في ذلك رادٌّ.
وبكل صلف وغرور، وبعدما احتل التتار بمعاونة الصليبيين وبعض الخونة من المسلمين بلادَ الشام، أرسلوا رسالة فيها من التهديد والوعيد إلى سلطان مصر قطز، يخبرونه فيها بضرورة تسليم مصر بكل هدوء حتى لا تكون كمثيلاتها من البلدان الأخرى، ولكن المجاهد المؤمن لا يغتر بمثل هذه التُّرَّهات، ومن ثَمَّ أمر بقطع رؤوس الرسل المغول وتعليقها في أبواب القاهرة؛ لطمأنة عموم الناس، وبثّ الأمل والثقة فيهم.

سقوط بغداد

سقوط بغداد

وعلى الفور أمر قطز بجمع الجيوش بمعونة من كبار العلماء كالعالم المجاهد عز الدين بن عبد السلام رحمه الله، فسارت القوات الإسلامية صوب الشام لملاقاة التتار، ولم تنتظر مصيرها في بلدها كالبلاد الأخرى، وبلغ ذلك كتبغا نائب هولاكو على الشام، فجمع مَن بالشام مِن التتر، وسار إلى قتال المسلمين، والتقوا في الغور يوم الجمعة 25 رمضان عام 658هـ.
خريطة توضح مسيرة الجيشين الإسلامي والمغولي حتى التقاؤهما في عين جالوت
نظر كتبغا قائد التتار إلى مقدمة القوات الإسلامية، وكان لا يدرك شيئاً عن القوات الرئيسة المختبئة خلف التلال، فوجد أن قوات المقدمة الظاهرة أمامه قليلة جداً بالنسبة لقواته، ومع ذلك فهي في هيئة حسنة ومنظر مهيب، فأراد كتبغا أن يحسم المعركة لصالحه من أول لحظاتها؛ لذلك قرر أن يدخل بكامل جيشه وقواته لحرب مقدمة المسلمين.
وهذا تماماً ما أراده الملك المظفر قطز.

هولاكو

هولاكو

وأعطى كتبغا قائد التتار ونائب هولاكو إشارة البدء لقواته، وانهمرت جموع التتار الرهيبة وهي تصيح صيحاتها المفزعة على مقدمة جيش المسلمين بأعداد هائلة من الفرسان يزلزلون الأرض في اتجاه القوات الإسلامية.
صورة لأسدين شعار بيبرس وبينهما آيات قرآنية بجسر بمدينة اللد
أما القائد المحنك ركن الدين بيبرس فقد كان يقف في رباطة جأش عجيبة، ومعه الأبطال المسلمون يقفون في ثبات، وقد ألقى الله عليهم سكينة واطمئناناً، وكأنهم لا يرون جحافل التتار، حتى إذا اقتربت جموع التتار أعطى بيبرس إشارة البدء لرجاله؛ فانطلقوا في شجاعة نادرة في اتجاه جيش التتار.

فرسان مماليك.

فرسان مماليك.

كانت هذه الفرقة المملوكية من أفضل فرق المسلمين، وقد أحسن قطز اختيارها لتكون قادرة على تحمل الصدمة المغولية التترية الأولى، والذي يحرز النصر في بداية المعركة يستطيع غالباً أن يحافظ عليه إلى النهاية، ليس فقط للتفوق العسكري ولكن أيضاً للتفوق المعنوي.

 محاربين مغول

محاربين مغول

انهزم التتار في عين جالوت هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين، وقُتل مقدمهم كتبغا واستؤسر ابنه، وتعلق من سلم منهم برؤوس الجبال وتبعهم المسلمون فأفنوهم، وهرب من سلم إلى الشرق.
وبهذا النصر الساحق، التأم شمل المسلمين في مصر والشام والحجاز تحت قيادة الدولة المملوكية، ولم تقم للتتار قومة بعدها، وذلك بفضل الإيمان الراسخ، والثقة في الله تعالى، وكان ذلك النصر من الانتصارات الباهرة في شهر رمضان المبارك

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*