«تاريخ مجلة الأزهر» هؤلاء السبب في ظهورها ووثائق كواليس إنشائها

تقرأ في هذا التقرير «كيف بدأ تاريخ مجلة الأزهر الشريف؟، إداريات منسية عند الظهور الأول للمجلة، وثائق عن مجلة الازهر عند تأسيسها»

كتب | وسيم عفيفي

عمليًا بدأ تاريخ مجلة الأزهر في مايو 1930م / محرم 1349هـ لكن نواة تاريخها أقدم من هذا التاريخ، ولما ظهرت لأول مرة كانت تحمل اسم مجلة نور الإسلام، ووقتها لم يكن في مصر مجلات دينية سوى ثلاثة مجلة المنار لصاحبها محمد رشيد رضا (تأسست 1898م وتوقفت عام 1935م) ومجلة الهداية لصاحبها الشيخ عبدالعزيز جاويش (تأسست سنة 1910م)، ومجلة الهداية الإسلامية لصاحبها الشيخ محمد الخضر الحسين (تأسست 1928م).

الآباء الروحين في تاريخ مجلة الأزهر «نور الإسلام سابقًا»

في 8 ديسمبر 1926م / 3 جمادى الثانية 1345هـ وفي زمن الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي شيخ الأزهر، قدم عبدالعزيز محمد بك اقتراحًا للمجلس الأعلى للمعاهد الدينية بأن يتم في ميزانية المعاهد الأزهر مبلغًا لإنشاء مجلة إسلامية.

اقرأ أيضًا
محمد الأحمدي الظواهري وصاروخان «توثيق أعنف حملة كاريكاتيرية ضد شيخ الأزهر»

لم يوضح الشيخ محمد الخضر حسين “أول رئيس تحرير للمجلة وشيخ الأزهر لاحقًا” في افتتاحية العدد الأول من المجلة[1]، ماهية عبدالعزيز محمد بك والذي كان مديرًا لها، باستثناء وصف “صاحب العزة”، لكن بالبحث تبين أنه مستشار في محكمة الإستئناف وعضو في مجلس الأزهر الأعلى.

وقد تكلم عنه الشيخ محمد الأحمدي الظواهري “شيخ الأزهر الذي ظهرت في عهده المجلة”، فقال «قد أنشأت هذه المجلة فعلاً وسميتها مجلة نور الإسلام، وعند إنشائها أوصاني توفيق نسيم باشا بتعيين صديقه عبدالعزيز بك محمد مديرًا لها وأثنى عليه كثيرًا فعينته، ولكن للأسف وجدته بعد ذلك غير كفء لها، فأبعدته وعينت الأستاذ فريد وجدي بدلاً منه، فتألم توفيق نسيم باشا (كان رئيسًا للوزراء) من ذلك مني كثيرًا وكان هذا من ضمن أسباب مخاصمته لي فيما بعد».[2]

عهد المجلس الأعلى للمعاهد الدينية لعبدالعزيز بك محمد، بوضع تقرير فيه تصور عن مشروع هذه المجلة، على أن يعرض التقرير في جلسة 27 يوليو 1927م / 8 محرم 1346هـ، وهو ما تم فعلاً، فقرر المجلس تشكيل لجنة للنظر في التقرير وكانت اللجنة مكونة :- الشيخ أحمد هارون مدير المعاهد، والشيخ محمد عبداللطيف الفحام شيخ معهد الإسكندرية ووكيل الأزهر لما صدرت المجلة (شيخ الأزهر لاحقًا)، والشيخ عبدالغني محمود (شيخ معهد طنطا)، وطالعت اللجنة ما احتواه التقرير من اقتراحات وقدمت نتيجة بحثها لمجلس المعاهد الأزهر وتم إدراجها في ميزانية 1929م زمن الشيخ محمد المراغي قبل أن يوافق الشيخ الظواهري بعد ذلك، وكان المبلغ المرصود لميزانية مجلة الأزهر “نور الإسلام سابقًا” هو 2508 جنيه مصري، وهي ميزانية إنشاء مكتب ترجمة الكتب في ميزانية المعاهد الدينية وإصدار مجلة دينية فضلاً عن إنشاء 10 وظائف خدمة لمكتب التعريب والمطبعة.

وقد تم إقرار ذلك في محضر رقم 299 من اجتماع مجلس الأزهر الأعلى برئاسة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري في 28 ديسمبر 1929م / 27 رجب 1348هـ ووافق عليه المشايخ أحمد نصر، وعبدالعزيز محمد وعبدالفتاح صبري وأحمد هارون ومحمد سبيع الذهبي وعبدالمجيد سليم وإبراهيم فهمي ومحمد النجدي.

معلومات إدارية في تاريخ مجلة الأزهر عند ظهورها الأول

كان الشيخ محمد مصطفى المراغي من الذين تحمسوا لفكرة المجلة خلال فترة توليه الأولى لمنصب المشيخة (1928م – 1930م)؛ ولما تم إسناد منصب مشيخة الأزهر للشيخ محمد الأحمدي الظواهري أصدر قرارًا بإصدار المجلة فجاء عددها الأول في مايو 1930م / محرم 1349هـ.

حملت المجلة (لما كان اسمها نور الإسلام) شعار “مجلة دينية علمية أخلاقية تاريخية حكيمة .. تصدرها مشيخة الأزهر الشريف أول كل شهر عربي”، وكان الاشتراك السنوي للمجلة 50 قرش لداخل مصر و50 قرش لخارجها و30 قرش لطلبة المعاهد والمدارس؛ بينما كان عنوان مقرها هو 19 شارع فهمي مبنى الإدارة العامة للمعاهد الدينية (ليس معروفًا هل شارع فهمي الذي في مصر الجديدة أم حي الضاهر)؛ أما المطبعة التي كانت تتولى طباعتها هي المطبعة الحديثة في شارع خيرت في السيدة زينب.

تشير الوثيقة التي ينشرها موقع تراثيات (أعلاه) أن مشيخة الأزهر أدرجت في ميزانية 1929م مبلغ 2360 جنيه لإنشاء مطبعةٍ بلوازمها للأزهر، تقوم بطبع مطبوعات المعاهد وأسئلة الامتحانات والمجلة الدينية؛ ويتم توزيع مبلغ ال2360ج على النحو التالي (2100ج لإنشاء المطبعة + 880ج و500 مليم) لباقي لوازمها واستقبلت عطاءات كثيرة لتنفيذ ذلك.

حققت مجلة نور الأزهر في أول 4 سنوات منها 7 آلاف نسخة[3]، ثم تغير اسم مجلة نور الإسلام إلى اسمها الحالي مجلة الأزهر في منتصف العام 1354هـ / 1936م بقرار من الشيخ محمد مصطفى المراغي كما نص على ذلك الشيخ الظواهري في مذكراته[4]، وقالت افتتاحية السنة السابعة من المجلة «لقد علم القراء أن هذه المجلة قد استبدلت اسم مجلة الأزهر باسم مجلة نور الإسلام منذ عهد أشهر، وهو عمل قد اعتبروه حسنًا من كل وجه لأنه أبين لعزوتها وأدل على صبغتها».[5]

اللافت في تاريخ مجلة الأزهر هو استمرار مجلة نور الإسلام لمدة 9 سنوات بعدها طبقًا لوثيقة قدمها الشيخ محمد عبداللطيف دراز للشيخ محمد مصطفى المراغي بعد أزمة الورق جراء الحرب العالمية الثانية؛ ويؤخذ من هذه الوثيقة أن مجلة نور الإسلام بعد استمرارها كانت تتبع إدارة الوعظ والإرشاد وتصدر مرتين في كل شهر بإجمالي 5 آلاف نسخة، بينما مجلة الأزهر كان يصدر منها 3500 نسخة وتصدر مرة شهريًا وتتبع مشيخة الأزهر؛ ولا يوجد ذكر الآن لتاريخ مجلة نور الإسلام التابعة لإدارة الوعظ.

كانت السياسة التحريرية لمجلة نور الإسلام (الأزهر لاحقًا) واضحةً منذ العدد الأول حيث ذكرت المجلة في مقالها الافتتاحي أنها ستتنصل عن السياسة ولن تهاجم دينًا آخر بالطعن فيه وأنها لن تتعرض لرجال الأديان بمكروه؛ ذلك الشيء الذي كان نواة حربٍ فكرية دامت 4 سنوات بين مجلة الأزهر ومجلة المنار لصاحبها محمد رشيد رضا؛ لكن تلك قصة أخرى نرويها لاحقًا.

الهوامش

[1]  محمد الخضر حسين، افتتاحية، مجلة نور الإسلام، مج1، ع1، محرم 1349هـ، ص ص3–6.
[2]  فخر الدين الأحمدي الظواهري، السياسة والأزهر من مذكرات شيخ الإسلام الظواهري، ط/1، مطبعة الاعتماد، القاهرة – مصر، 1364هـ / 1945م، ص289.
[3]  محمد فريد وجدي، مجلة الأزهر في عهدها الجديد، مج18، ع1، محرم 1366هـ، ص3
[4]  فخر الدين الأحمدي الظواهري، السياسة والأزهر، ص289.
[5]  مجلة الأزهر، فاتحة السنة السابعة، مج7، ج1، محرم 1355هـ، ص3.