تقرأ في هذا التقرير «نص آخر مقال رمضاني كتبه الشيخ أحمد حسن الباقوري قبل وفاته، أنواع الصائمين في استقبال شهر رمضان، العبودية لله الصائبة وغير الصائبة»
كتب | وسيم عفيفي
حل شهر رمضان عام 1405 هجري يوم 20 مايو سنة 1985 م وكان هذا هو آخر رمضان يحضره الشيخ أحمد حسن الباقوري حيث توفي بعده بأشهر وتحديدًا في 26 أغسطس من نفس العام داخل مستشفى ولنجتون في لندن.
آخر رمضان يحضره الشيخ الباقوري قبل وفاته

نعي الشيخ الباقوري في الأهرام
في 21 مايو سنة 1985 الموافق 2 رمضان سنة 1405 هجري، كتب الشيخ أحمد حسن الباقوري على جريدة الأهرام مقالاً بعنوان «هلال خير ورشد»، وقام في مطلع المقال بتحديد أنواع مشاعر المسلمين خلال استقبال شهر رمضان فقال «يهل هلال رمضان بين ضائق به وفرح بمقدمه، والمؤمنون حول صيامه طائفتان، طائفة تمتثل لأمر الشارع بصومه غير معنية بالبحث عن حكمة الصيام وسر التشريع، وطائفة أخرى تستنفد طاقتها في البحث عنها وهناك عن الأسرار المحجبة وراء الأمر بالصيام والمصالح العوائد على المكلفين في الصلاة والزكاة والصيام وسائر أحكام الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه».
اقرأ أيضًا
أول فتوى للباقوري في شهر رمضان كرئيس جامعة الأزهر «صدرت بعد سب أم عبدالناصر»
ربط الشيخ الباقوري العبودية لله بالصوم وحكمة مشروعيته فقال «ومهما تكن المعرفة بحكمة التشريع داعية إلى العمل ومعينة عليه وميسرة لاحتمال المشقة فيه فإن امتثال الأمر الإلهي مجردًا عن التماس الحكم والبحث عن الأسباب والعلل أدل على العبودية الخالصة لله وأرضى لحقيقة الإيمان، من حيث كان المؤمن يعتقد اعتقادًا لا تحوم من حوله شكوك أن الله الرحمن الرحيم لا يكلفه خلقه إلا ما فيه خيرهم العاجل والآجل».

مقال الباقوري في آخر رمضان قبل رحيله
لكن هناك عبودية غير خالصة يقع فيها بعض الصائمين حيث قال الباقوري عنها «وأما الذين يسعون وراء التماس العلة حتى يقعوا عليها ثم يندفعون بمنطقها وسلطانها عليهم إلى القيام بالأعمال التي أمرهم الله بها، فإن عبوديتهم لله تعالى تشوبها شوائب المنفعة الشخصية التي تعتدي على معنى العبودية الذي هو التسليم المطلق لله رب العالمين، وما أكثر ما جرى الأسلاف والأخلاف وراء الصيام، يلتمسون العلة له وحكمة الله فيه، فمنهم من أبعد وركب متن الفلسفة ومنهم من سدد وقارب ويسر الأمر فلم يتجاوز في التماس حكمة الصوم هاتين الكلمتين اللتين أشار بهما القرآن الكريم إلى الحكمة المرجوة من الصيام وهما قول الله جل ثناؤه في آخر آية الصيام من سورة البقرة “لعلكم تتقون”».