الرئيسية » حكاوي زمان » حروب طومان باي ضد سليم الأول «2» الريدانية وخطة النصر الكارثي
حروب طومان باي

حروب طومان باي ضد سليم الأول «2» الريدانية وخطة النصر الكارثي

تقرأ في هذا التقرير «تاريخ حروب طومان باي ضد سليم الأول، مسألة قتل الرسل، خطة الانتصار الكارثي في الريدانية، لماذا وقعت الهزيمة ؟، مقتل سنان وخيانة جان»

كتب | وسيم عفيفي

لم تكن معركة الريدانية التي وقعت في 22 يناير سنة 1517 م هي الأولى في قائمة حروب طومان باي ضد سليم الأول وإنما كانت ثاني المعارك وأعقبها 3 معاركٍ أخرى ـ سنفرد لكل واحدةٍ منهن موضوعًا ـ.

اقرأ أيضًا 
حروب طومان باي ضد سليم الأول «1» قصة معركة غزة والطريق للريدانية

الفرق بين معركة الريدانية ومعركتي مرج دابق بعهد الغوري وغزة التي كانت أول اشتباك، أن الريدانية شارك فيها المصريون بشتى حرفييهم، كذلك فإنها اعتمدت على خطة كفيلة بانتصار المماليك لكنها تحولت إلى كارثة عليهم بسبب أحد عناصرها.

ما قبل المعركة

حرب الريدانية - ممالك النار

حرب الريدانية – ممالك النار

بعد حدوث معركة غزة 19 ديسمبر 1516 م أرسل سليم الأول إلى طومان باي رسالة أورد نصها بن إياس وقال فيها « من مقامه السعيد إلى الأمير طومان باي، أما بعد، فإن الله قد أوحى إليّ بأن أملك البلاد شرقًا وغربًا كما ملكها الإسكندر ذو القرنين، إنك مملوك تباع وتشترى ولا تصلح لك ولاية، وأنا ملك بن ملك إلى عشرين جد، وقد توليت الملك بعهد من الخليفة (يقصد العباسي الذي أسره بعد مرج دابق) والقضاة؛ وإن أردت أن تنجو من سطوة بأسنا فاضرب السكة في مصر باسمنا وكذلك الخطبة وتكون نائبنا بمصر ولك منها إلى غزة ولنا من الشام إلى العراق، وإن لم تدخل تحت طاعتنا أدخل إلى مصر وأقتل جميع من بها من الجراكسة (المماليك) حتى أشق بطون الحوامل وأقتل الأجنة التي في بطونهن من الجراكسة».

طومان باي وقتل الرسل .. ما الحقيقة ؟

رسمة لـ طومان باي

رسمة لـ طومان باي

يتهم البعض بعد فيديو قناة ديو TV محمود سالم عن غدر طومان باي بأن الحاكم المملوكي قام بجريمة إنسانية إذ قتل رسل سليم الأول، واستدل كثيرون بهذا الفيديو للرد على ما صوره مسلسل ممالك النار بأن طومان باي تركهم.

اقرأ أيضًا 
الرد على أخطاء فيديو حقيقة قانون قتل الإخوة لـ ديو TV محمود سالم

قصة قتل طومان باي لرسل سليم الأول حملت عدة مغالطات، بسبب اعتماد قناة ديو TV محمود سالم على طريقة ولا تقربوا الصلاة في التاريخ، إذ أنه استدل بجزء من كتاب بن إياس لكنه لم يذكر جزءًا آخر.

غلاف بدائع الزهور فى وقائع الدهور

غلاف بدائع الزهور فى وقائع الدهور

يشير بن إياس إلى أن الوفد القادم من السلطان العثماني كان يضم 40 رجلاً معهم رسائل مخبأة ومختومة بختم خاير بك لأمراء جيش المماليك يغريهم بالانضمام إلى سليم الأول، أراد طومان باي الحيلولة دون وقوع حرب غير أن اكتشاف الأمير علان لحقيقة الرسل دفعهم إلى قتلهم جميعًا بإذن طومان باي الذي أمر بإغراقهم، إن أنهم لم يكونوا رسلاً بقدر ما كانوا جواسيس.

المصريون في الحرب وسياسة طومان باي

حرب الريدانية - ممالك النار

حرب الريدانية – ممالك النار

لم يكن طومان باي في حالٍ يسمح له بالحرب بحكم عنصري العسكرية والاقتصاد، فغالب الجيش بتشكيلات الغوري المتعددة الولاءات والذين يحاربون لمن يدفع أكثر، فضلاً عن أن وضع مصر المالي كان عاملاً على فشل قيام جيش.

السلطان الغوري

السلطان الغوري

لحل المشكلة المالية كان أمام طومان باي الاختيار فإما الاستمرار على نهج الغوري أو القيام بحملة تأميم على الرأسماليين، فرفض طومان باي الاستيلاء على أموال الوقف بحكم أنها حرام لأنه موقوفة لله تعالى، ويعلق بن إياس على قراره بقوله «لو فعل ذلك لجاز وقال الناس معذور لأجل دفع العدو وما في الخزائن مال».

قرر طومان باي فرض طرائب على أمراء المماليك وأتباعهم ونساء وأولاد حكامهم، ولم يستثني من ذلك أحدًا حتى من آل قانصوه الغوري، ثم فرض إجراءات تقشفية على الطبقة الثرية إذ خيرهم بين السجن أو بيع مملتلكاتهم من التحف فقرروا بيعها.

وبهذا القرار الاقتصادي كسب طومان باي عنصرين، أولهما الجنود إذ تم توفير المال لهم من أجل الحرب، أما ثاني تلك العناصر فكانوا من الشعب والذين كان اسمهم بالمصطلح المملوكي (الزُعَر)، فقد أحبوا طومان باي وهو ما دفع الأخير لتجنيدهم فوافقوا وبذلك ضمن وجود خطة بديلة في حال خيانة عساكر المماليك.

حرب الريدانية - ممالك النار

حرب الريدانية – ممالك النار

احتوى جيش طومان باي على 40 ألف مقاتل 10 آلاف من الشعب كفلاحين وحرفيين و30 ألف من المماليك والعربان، بالإضافة إلى سلاحي الفرسان والمكحلجية (المدافع) واقضت خطته أن يكون الرماة والمشاة والفرسان في قلب المعركة ليطوقوا العثمانيين من الأطراف فيما تقوم مدفعيته بضربٍ مضاد لمدافع العثمانيين.

بشكلٍ عام فإن خطة طومان باي إن لم تكن كفيلة بنصره فعلى الأقل كادت تتيح استمرار الحرب في الريدانية أيامًا، لولا عيب واحد وهو أن المصريين لم يكونوا قادة أهم سلاح في جيشه وهو المدافع إذ جعله مع جان بردي فقام الأخير بخيانته وضربه من الخلف لتنقلب موازين المعركة بعدما بدأت بظفرٍ للمماليك.

حروب طومان باي في نظر المؤرخين .. الريدانية نموذجًا

حرب الريدانية - ممالك النار

حرب الريدانية – ممالك النار

ربما لا يتصور الجيل الحالي مدى أهمية معركة الريدانية كواحدة من أهم معارك طومان باي، ورغم أن محبي طومان باي من المؤرخين كابن إياس وبن زنبل أرخوا للمعركة بشكلٍ كبير جعل مؤيدي العثمانيين يتشككون في كلامهم، لكن سليم الأول نفسه اعترف بهذه المعركة وببطولات المماليك والمصريين.

اقرأ أيضًا 
للتاريخ | قائمة أسماء خونة طومان باي «ماذا فعلوا وكيف انتهوا»

يشير المؤرخ أحمد بن محمد بن الحمصي الأنصاري خلال كتابه «حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران» إلى أن سليم الأول في خطبته التي ألقاها بعد موقعة الريدانية وقبل دخوله لمصر أشاد ببطولات جيش طومان باي حين قال «وصلت عساكرنا الشريفة إلى الريدانية فوجودهم لبسوا السلاح وكملوا العدد ولما وقف الصفان ماج عسكرنا كموج بحر عمان وبقي يغلي ويضطرب فرتبنا وزيرنا سنان باشا في ميمنة العسكر ودستورنا المكرم ومشيرنا المفخم يونس باشا معه».

سبب هزيمة الريدانية

الخيانة - ممالك النار

الخيانة – ممالك النار

من المؤكد أن قوة الجيش العثماني كانت أكبر بكثير من قدرات جيش المماليك، لكن بشهادة سليم الأول نفسه فالخيانة كانت أقوى الطرفين وأمالت الكفة لصالح العثمانيين، ليدخلوا القاهرة في 27 يناير سنة 1517 م.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*