تقرأ في هذا التقرير « شائعات تاريخية قبل مقال الحسين ظالما ، أخطاء محمد الباز في مقاله، الأزهر له علاقة بشائعات الحسين، حقيقة تخلي الأخ غير الشقيق للحسين عنه»
كتب | وسيم عفيفي
أثار مقال الحسين ظالما للكاتب الصحفي والإعلامي الدكتور محمد الباز «رئيس تحرير جريدة الدستور ومذيع برنامج 90 دقيقة»؛ جدلا واسعًا عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لاحتواءه ـ كما يرى رافضوه ـ تطاولاً على شخص الإمام الحسين وآل البيت.
اقرأ أيضًا
«رأس الحسين» 6 دول تتنافس عليها و مصر تكسب
دافع الدكتور محمد الباز عن أطروحته في المقال خلال تصريح صحفي له قائلاً «أردت أن أسترد الإمام الحسين من قوى الظلام وعلى رأسهم جماعة الإخوان».
وانضم مقال الحسين ظالما إلى قائمة شائعات تاريخية تناولت سيرة الإمام الحسين أو لها صلة به، نستعرضها بالرد عليها عبر هذا التقرير.
شائعات تاريخية في مقال الحسين ظالما
أراد الدكتور محمد الباز في مقال الحسين ظالما أن يثبت سبب المقتلة التي وقعت لآل البيت ويلخص سببها في أن عزم الحسين على مواجهة يزيد حمل خداعًا لأتباعه ولو لجأ إلى السلام لكان كل شيء تغير ولم ينتهي الحال إلى الدماء».
واحتوى مقال الحسين ظالما عدة شائعات تاريخية كان أولها تجاهل الدكتور الباز للدلالة في ذهاب الحسين بالنساء والأطفال وهذا ما يعني أن الجميع لم يكونوا لديهم نية القتال، كما أغفل الدكتور الباز سبب خروج الإمام الحسين زاعمًا بقوله « كان مطلوبًا من الحسين أن يبايع يزيد، لكنه اختار القتال».
لم تكن فكرة القتال واردة في مخيلة الإمام الحسين، حيث خرج بصحبته 123 شخصًا مقسمين على 61 سيدة وشابة و62 من الرجال والأطفال والموالي وهو ما يثبت أن فكرة القتال لم تكن سببًا في خروج الحسين «رضي الله عنه».
أما علة خروج الحسين بن علي فقد كانت ذلك لرغبة أهل الكوفة الذين أرادوا تنصيبه كخليفة شرعي تنفيذًا لاتفاق عام الجماعة، كما أن خروج الحسين كان بهدف الذهاب إلى الشام لعقد تفاهم مع يزيد لكن بظهير شعبي وهو أهل الكوفة والذين تخلوا عنه قبل مغادرته العراق.
حقائق لم يذكرها مقال الحسين ظالما
لم يتطرق مقال الحسين ظالما إلى قيام يزيد بن معاوية باغتصاب الحق كما لم يدرك المقال أن الحسين كان منتهيًا لا محالة سواءًا خرج أم التزم مكة، وستكون نهايته إما القتل أو أو الحبس والتضييق مثل من رفض إعطاءه البيعة.
ونسي الدكتور محمد الباز في مقاله مفاوضات الحسين بن علي مع الحر بن يزيد الرياحي قائد أول جيش التقى الحسين، حيث اتفق الاثنين على أن لا يدخل الحسين الكوفة ولا يرجع إلى مكة وإنما يظل في منطقة محايدة لحين ورود كتاب من عبيدالله بن زياد والي العراق للتفاهم.
من ضمن الحقائق التي تغافلها محمد الباز في مقال الحسين ظالما أن آل البيت تم دفعهم للقتل وليس القتال، حين أن عبيدالله بن زياد أرسل خطابًا إلى الحر بن يزيد الرياحي ومفاده أن يضع الحسين وآل البيت في عراء الصحراء بموقع لا ماء فيه ولا معيشة وهو ما يعني أن نية قتل الحسين كانت مبيتة من قبل أن يصل إلى كربلاء أصلاً.
ويبقى حكم التاريخ في واقعة كربلاء أن الحسين بن علي لو كان ظالما فهو ظالم لنفسه ولمن معه لأنه صدق أهل الكوفة وارتكن إليهم في الحق، وليس للمبررات التي ساقها الباز، فبنو أمية لم يكونوا ليسمحوا لآل هاشم بالاستعداد لأخذ الحق، بالإضافة إلى أن الحسين بن علي لم يخدع أحدًا بشهادة الباز نفسه ففي نفس المقال ينص على أن الحسين خير أصحابه بالرجوع أو الاستمرار.
شائعات تاريخية بسبب الحسين بن علي «الأزهر طرفًا في الموضوع»
في قائمة شائعات تاريخية حول الإمام الحسين دخلت مسرحية ثأر الله ضمنها والتي اتُهم الأزهر بمنعها في كلام قاله الفنانون كرم مطاوع و نور الشريف وجلال الشرقاوي، حيث كتب عبدالرحمن الشرقاوي روايتي الحسين شهيداً و الحسين ثائراً في العام 1969 م، وبداخله عواطف وطنية وحماسية جياشة إزاء الجرح الدامي الذي أصاب العالم العربي والإسلامي بسبب هزيمة يونيو 1967 م.
اقرأ أيضًا
“يزيد بن معاوية” قتل الحسين وهاجم الكعبة واستباح المدينة
اتفق الفنان الراحل كرم مطاوع مع عبدالرحمن الشرقاوي على تحويل الروايتين إلى مسرحية وذلك في مطلع السبعينيات، وبالفعل تم اختيار الممثل وتحديد موعد البروفات.
لكن كان لازماً على الأزهر أن يراجع المسرحية حتى يبدي رأيه فيها لما تمسه من أمور دينية وعقائدية في فترة تسببت في انقسام العالم الإسلامي عموماً وهي فترة الدولة الأموية.
تم التواصل مع الأزهر بتاريخ 8 يوليو سنة 1970 م وتمت الموافقة على عرض المسرحية بتاريخ 4 أغسطس سنة 1970 م بعد تعديل أجزاء من نصوص في المسرحية والتعهد بعدم تجسيم الحسين وبعد الإنتهاء من التصويب يتم حضور وفد من الأزهر للتأكد من التنفيذ .
لم تستطع مؤسسة السينما عرض المسرحية موسم 70/71 لأسباب مادية؛ وفي 21 أكتوبر سنة 1971 م أُعْلِن أنه سيتم تقديم مسرحية ثأر الله على أن يشارك في بطولة المسرحية عبدالله غيث في شخصية الحسين.
تلقى عبدالرحمن الشرقاوي خطاباً من أحمد إبراهيم مهنا مدير النشر بمجمع البحوث الإسلامية يذكره بتعهد الشرقاوي له بعدم تجسيد شخصية الحسين على أن يكون بدلاً منه تعليق صوتي مسموع وقائله غير ظاهر للجمهور.
حضر الأزهر البروفة الجنرال يوم 9 مارس سنة 1972 م بالمسرح القومي، وارتأى ذلك التقرير بضرورة منع المسرحية وانتظرت اللجنة موافقة عبدالحليم محمود ، الذي رأى هو الآخر بعرض المسرحية مع ضرورة عدم التجسيد واستبدال ذلك بتعليق صوتي للجمل الحوارية.
ولما قامت حرب أكتوبر سنة 1973 م انشغل الشرقاوى بمسرحية النسر الأحمر ثم مسرحية صلاح الدين الأيوبى عام 1974 وبعدها أحمد عرابى زعيم الفلاحين عام 1976 م.
الكاتب الصحفي ماهر حسن في مقال له بجريدة المصري اليوم، قال «عادت ثأر الله تلح على الشرقاوى وكرم مطاوع مرة أخرى لكن الأزهر لم يكن متحمساً لأى عمل لعبدالرحمن الشرقاوى منتصف السبعينيات ؛ خصوصاً بعد معركته الشهيرة مع شيخه الإمام الجليل الدكتور عبدالحليم محمود، وهى المعركة التى بدأت حين كتب شيخ الأزهر مقالة فى آخر ساعة قال فيها «ومما يستلفت النظر أن العشرة المبشرين بالجنة كلهم من الأغنياء».
وتابع الصحفي ماهر حسن «رد عليه الشرقاوى الذى كان مسكوناً بالدفاع عن الفقراء وحقوقهم، بمقالة شهيرة عنوانها «لا يا صاحب الفضيلة» مضمونها أن الأغنياء لا يشترون الجنة بأموالهم وأن تاريخ الإسلام زاخر بفقراء لم يمنعهم فقرهم من العمل والتقرب إلى الله».
لكن حقيقة الأمر تتمثل في أن الأزهر و عبدالرحمن الشرقاوي لم يتواصلا بشأن ثأر الله منذ العام 1972 م إلى سنة 1986 م ، حيث أكد الأزهر بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1986 م موافقته على المسرحية بشرط عدم التجسيم لكن عجز المسرح القومى ثم المسرح الحديث عن تمويل العمل ، حال دون تنفيذ ذلك حتى مات عبدالرحمن الشرقاوي بعد موافقة الأزهر بيوم واحد في 10 نوفمبر ومعه توقفت المسرحية.
محمد بن الحنفية والحسين بن علي .. شائعات تاريخية
لما خرج الإمام الحسين إلى كربلاء كان لافتاً أن أخيه محمد بن الحنفية لم يكن معه تبريرات كثيرة جاءت حول تخلفه ، ولم يجمع المؤرخين على ذلك.
منهم من ذكر أن الإمام الحسين أمره بالبقاء في المدينة؛ لأجل مصالحه ومصالح مَن بقي من بني هاشم، حتّى لا يتجرأ عامل المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان على إيذائهم.
ومنهم من رأى أن السبب في ذلك يكمن في أنه أراد البقاء في المدينة كوجهٍ إعلامي لثورة الحسين بن علي؛ ولم يُحْسَم في ذلك قول خاصةً مع البعد الطائفي في سيرته.