الرئيسية » رموز وشخصيات » “بعيداً عن السياسة” حقيقة “فخر الدين باشا” أمير تركيا على المدينة المنورة
الصورة الرسمية لـ فخر الدين باشا
الصورة الرسمية لـ فخر الدين باشا

“بعيداً عن السياسة” حقيقة “فخر الدين باشا” أمير تركيا على المدينة المنورة

كتب ـ وسيم عفيفي

في سياق سياسي لاحت في الأفق سيرة فخر الدين باشا أمير المدينة المنورة في عصر الدولة العثمانية ، عقب التغريدات التي قام بها وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة التي تتهم فخر الدين باشا بالخيانة للمدينة المنورة وأهلها وسرقة أموالهم .
هذه التغريدة رُدت عليها رسمياً بتغريدات من رئيس تركيا رجب طيب أرودغان مهاجماً فيه
عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي .
ومع الرجلين تكلم إعلام الدولتين حول سيرة فخر الدين باشا بشكلٍ سياسي يأخذ من التاريخ ستاراً .
تراثيات” من خلال هذا التقرير تستعرض سيرة فخر الدين باشا بعيداً عن التناحر السياسي الراهن .

ـ الثورة العربية الكبرى .. انتصار كارثي

الثورة العربية الكبرى

الثورة العربية الكبرى

أزمة العرب و الأتراك تفاقمت لتتسبب في الثورة العربية الكبرى ، نتيجة لسياسات الدولة العثمانية مع العرب والدول العربية التي كانت تحت قبضتها كـ “إمبراطورية” تستند لإرث نظام “الخلافة” والذي بنص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم قد سقطت في العام 40 هجرياً بصلح عام الجماعة حيث قال الرسول “الخلافة بعدي ثلاثون ثم تكون ملكاً وجبرية” .

كانت إدارة الأتراك للدول العربية بالغة السوء على كافة المستويات الاقتصادية والعلمية والسياسية ، حيث كانت سياسة التتريك للسان العربي ، فضلاً عن تخاذل تركيا مع سقوط الدول التي كانت تحت قبضتها في براثن الاحتلالات المختلفة كالإنجليز في مصر والطليان في ليبيا .

فضلاً عن التعامل باحتقار الذي كان يقوم به الأتراك بشهادته تحسين باشا علي في مذكراته التي كتبها حينما كان ملتحقاً في الجيش العثماني .

الشريف حسين في المنفى

الشريف حسين في المنفى

كل هذا فتح تواصلاً بين الشريف حسين و هنري مكماهون ممثل بريطانيا في مصر ، وأسفر هذا التواصل عن رسائل سنة 1915 م نصت على اعتراف بريطانيا باستقلال العرب في مقابل أن يشتركوا معهم في الحرب ضد الأتراك .

وجاء هذا الشرط لأن الأتراك كانوا حلفاء للألمان في الحرب العالمية الأولى والقضاء على الأتراك من مصلحة بريطانيا ، وعلى إثر ذلك قامت الحكومة البريطانية بتسليح العرب ودعمهم عسكرياً ومخابراتياً لخوض الحرب .

ورغم انتصار الثورة العربية الكبرى على الأتراك لكنه كان انتصاراً كارثياً  على دول العالم الإسلامي فعلى الرغم من تعهدات بريطانيا لكنها أجرت محادثات مع فرنسا وروسيا لتقسيم ممالك الدولة العثمانية والتي كانت سقطت من قبل الثورة العربية نتيجة لضعفها وتناحر سلاطينيها الذي وصل لدرجة قيام الإبن بقتل أبيه من أجل الحكم ، وأسفرت هذه المحادثات عن إتفاقية سايكس بيكو والتي فتحت الباب لوعد بلفور وبداية ضياع فلسطين ، ثم الغدر بالشريف حسين نفسه ، فبدلاً من تنفيذ طلبه بأن يكون أميراً على الحجاز و الشام ، أعطوه الأردن والعراق ، مع استقلال الحجاز للأمير عبدالعزيز و لبنان وسوريا للعسكريين ، وفلسطين للإحتلال البريطاني .

ـ فخر الدين باشا .. حقائق و أساطير

فخر الدين باشا

فخر الدين باشا

تولى فخر الدين باشا منصب محافظ المدينة المنورة قبل بداية ثورة الشريف حسين بفترة وجيزة ، ومع قيام الشريف بثورته قام بتخريب سكة حديد الحجاز الذي تأسس لخدمة الحجيج ، كما قام بتخريب خطوط التلغراف بالقرب من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم . 

الشريف حسين

الشريف حسين

ولم ينجح الشريف حسين في دخول المدينة المنورة لتدابير فخر الدين باشا ، غير أن سوء إدارة الموقف عسكرياً من غالب باشا أمير مكة ، أسفر عن نجاح الشريف حسين في دخول جدة ومكة والطائف مما عزز قوته في بلاد الحجاز وباتت المدينة لقمة سائغة معه حيث لم تتمكن الدولة العثمانية من إرسال تعزيزاتها لفخر الدين باشا .

المسجد النبوي في ظل إمارة الدولة العثمانية

المسجد النبوي في ظل إمارة الدولة العثمانية

قام فخر الدين باشا بما امتلكه من إمكانيات خلال 3 سنوات من الدفاع عن المدينة المنورة فانتصر على الهاشميين في خليج عسر وبئري الروحاء ودرويش وبذلك استطاع تأمين المدينة وبقيت هي الشيء الوحيد الذي تملكه الدولة العثمانية في الحجاز .
وأدرك فخر الدين باشا مغبة الأمر فقرر إخلاء المدينة من أهلها تجنيباً لهم من وطأة الحصار ومنهم من تم تهجيره فعلياً عبر سكة حديد الحجاز .

مسجد سكة حديد المدينة المنورة

مسجد سكة حديد المدينة المنورة

لكن نجاح لورنس البريطاني مع قوات الهاشميين في نسف سكة حديد الحجاز ، جعله معزولاً ووحيداً في المدينة ، وبالتالي انقطعت صلات تركيا العسكرية به مع زيادة الدعم الإنجليزي للهاشميين عسكرياً ومخابراتياً .

مشارف المدينة المنورة

مشارف المدينة المنورة

ولما فشلت مفاوضات الهاشميين مع فخر الدين باشا ضُرِب حصار شديد على المدينة المنورة فبدأ الطعام ، كما شحت الأدوية، وتفشت الأمراض بين جنود الحامية .
ورغم هذا كان القرار بعدم التسليم ، رغم ضغوط تركياً نفسها على فخر الدين باشا .
ولما انتهت الحرب صدرت الأوامر إلى فخر الدين الأوامر من قبل الحكومة العثمانية بالانسحاب من المدينة وتسليمها إلى قوات الحلفاء، ولكنه رفض تنفيذ أوامر قيادته وأوامر حكومته، واتصل به الإنجليز باللاسلكي من بارجة حربية في البحر الأحمر يخبرونه بضرورة الاستسلام بعد أن انتهت الحرب، وتم التوقيع على معاهدة الاستسلام، فكان جوابه الرفض
.

فخر الدين باشا مع قواته

فخر الدين باشا مع قواته

ومع رفضه شدد الهاشميين والإنجليز حصارهم للمدينة وأشبه وضعها مأساوياً ، واتصل قادة الهاشميين المحاصرين للمدينة بضباط فخر الدين باشا وأقنعوه بضرورة الاستسلام خوفاً من تفاقم الوضع المأساوي في المدينة والذي ينذر بوقوع مجاعة جماعية على أهلها ، وبالتالي وافق على الاستسلام  أمام القوات العربية بقيادة الشريف عبد الله بن الحسين في بئر درويش بالفريش .

الصورة الرسمية لـ فخر الدين باشا

الصورة الرسمية لـ فخر الدين باشا

الأكذوبة في سيرة فخر الدين باشا هو سرقته لأموال أهل المدينة ، فكتب المعارضين للدولة العثمانية في ذلك الوقت لم تؤكد هذا بل على العكس تستعرض جوانباً متعددة من حب أهل المدينة لفخر الدين باشا .
كما أنه لم يحارب الإنجليز نظراً لأنه كان غير مسموح للإنجليز بدخول المدينة المنورة . 

نقل الأمانات المقدسة

نقل الأمانات المقدسة

والثابت في سيرة فخر الدين باشا ، اقتراحه بنقل 30 غرضًا من الأمانات النبوية الشريفة إلى الآستانة خوفًا من تعرض المدينة المنورة لأعمال سلب ونهب فوافقت الحكومة العثمانية على طلبه شريطة تحمله المسؤولية كاملة للأمر، فقام الباشا بإرسالها إلى استانبول نظير عمولة خاصة تحت حماية 2000 جندي.

متحف قصر توب كابي

متحف قصر توب كابي

وحالياً توجد هذه الأمانات المقدسة المقدسة في متحف قصر توب كابي وأبرزها
القرآن الكريم الذي كُتب على جلد الغزال في عهد عثمان رضي الله عنه.
فضلاً عن 5 أغلفة ذهبية للقرآن الكريم محلاة بالأحجار الكريمة .
ولوحة عليها اسم النبي صلى الله عليه وسلم مزيَّنة بإطار فضي ومخمل أخضر وعليه أحجار من الألماس واللؤلؤ ، كما توجد لوحة من الذهب الخالص عليها ألماس كُتبت فيها الشهادتان ، بالإضافة إلى 7 مسابح من المرجان والأحجار وحاملان للمصحف من الفضة ، وشعار السلطان العثماني عبدالعزيز المزين بالذهب والماس .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*