الرئيسية » حكايات فنية » هل كان “سلامة فراويلة” صح و “عباس الضو” غلط ؟
سلامة فراويلة - عباس الضو
سلامة فراويلة - عباس الضو

هل كان “سلامة فراويلة” صح و “عباس الضو” غلط ؟

كتب – وسيم عفيفي

في ليلية خمسينية سوداء و أعلى سطوح أحد منازل خان يوسف المقابلة لمسجد الإمام الحسين بالقاهرة وقف الصديقان والرفيقان “سلامة فراويلة” و “عباس الضو” للنقاش حول كنز أثري تم العثور عليه من قِبَل أحد أقرباء سلامة فراويلة لكي يتاجر فيها بحكم أنه يعمل في الصاغة .
رفض عباس الضو أن يشاركه لأن هذا حرام ، بينما أصر سلامة فراويلة على ذلك بحكم أن المال و البنون هما زينة الحياة الدنيا .
وجرى حوارهما في الحلقة الأولى من مسلسل المال و البنون ـ الجزء الأول سنة 1992 م
حيث قال سلامة :
ـ طب ما تقول “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ” وأهو ربنا إدانا العيال و دلوقتي ادانا المال عشان الزينة تكمل
فرد عليه عباس الضو :
ـ طب متكمل يا سلامة كمل “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” هيي كمل قوول
وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا … صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم .

المال و البنون - الجزء الأول - الحلقة الأولى

المال و البنون – الجزء الأول – الحلقة الأولى

طيلة 55 حلقة من أحداث مسلسل المال والبنون بجزئيه الأول و الثاني ، يتم نقاش أصل مال سلامة فراويلة والذي كان يقوم بعمل ليلة سنوية مع ذبح البهائم لتوزيعها ، كما كان يجاهد كثيراً لإقناع عباس الضو بأن ماله ليس حراماً ، كما كان دؤوبا في إيجاد شرعنةٍ لما فعله عن طريق النسب مع نجليه “يوسف” و “منعم” .
لكن كان مصير العائلة مؤسفًاً حيث ماتت عواطف نجلة فهمي سلامة والذي هجر أهله
بينما ضاعت فوزية بسبب تطرف ولدها ، فيما انتهى الحب بين فريال ويوسف ، فضلاً عن مذلة فهمي أمام السحت سارق مال أبيه الذي مات مشولاً .
لكن هل كان سلامة فراويلة بالنظرة المعاصرة على حق أم على باطل ، وهل أصل ماله كان حراماً أم حلالاً ؟!

حجة عباس الضو أن هذا أثر مملوك للدولة و لو كان حلالاً فيجب على سلامة فراويلة أن يعلن على الملأ عثوره على الكنز ويقوم بتوزيعه على الفقراء ومخالفة ذلك حراماً .
بينما كان سلامة فراويلة مقتنع بأن هذا المال ليس حراماً .

نظرة كتب التراث الفقهية للآثار كانت مغايرة للاثنين أصلاً
حيث فصل المذهب المالكي حل هذه القصة بأن الآثار هي مال مدفون من قبل الإسلام
ومن قام من حفر قبور الجاهلية في أرض مملوكة فعثر فيها على مال، فإنه يعتبر ركازًا يجب إخراج الخمس منه، وما تبقى منه يكون لمالك الأرض التي وجد فيها هذا المال بشرط أن يكون قد امتلكها بإحياء أو بإرث ممن أحياها، لا بشراء ولا بهبة .

ويضيف متأخري الحنابلة أن الذي عثر على كنز ولم يكن في أرض ملكه وإنما ملك للدولة فلا حق له فيه ، كمثلاً العثور على كنز أسفل نهر أو طريق عام أو صحراء مملوكة للدولة .
وبينوا أن الحرمانية تكون إن لم يتم  النظر والموازنة بين المخاطر والمفاسد المترتبة على مخالفة قوانين الآثار من مصادرة الأرض والبيت والتعرض للسجن والعقوبة وبين المصالح المترتبة على القيام باستخراج تلك الأموال والمتاجرة فيها وتهريبها .

فيما رأى غالبية العلماء في العصر الحديث أن كل الآثار حرام ، بحثاً أو تنقيباً أو بيعاً أو شراءاً وعلى من وجد تسليم هذا الأمر لولي الأمر ، وهو الذي كان يرفضه سلامة فراويلة لأنه من وجهة نظره أن ما تم العثور عليه سيتم سرقته من ولاة الأمور أصلاً .

المال و البنون - الجزء الأول - الحلقة الثانية عشر

المال و البنون – الجزء الأول – الحلقة الثانية عشر

وبعيداً عن كل هذا ورجوعاً لأصل التحريم والتشريع فإن وجهتي نظر عباس الضو وسلامة فراويلة كانتا خاطئتين.
فإن ملكية هذا المال ليس من حق سلامة فراويلة و إنما من حق من وجد الكنز
لأن مكان العثور على الكنز لم يكن في أرض مملوكة لـ سلامة فراويلة .
أما بشأن وجهة نظر عباس الضو فلا يشترط الإعلان عن عثور الركاز ، وإنما يشترط إخراج نسبة الخُمْس 20 % ، لصرفها في مصارف الزكاة والباقي لمن عثر على الكنز .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*