تقرأ في هذا التقرير «تاريخ الأذان الشيعي في الأزهر .. أيهما كان أولاً ؟، كيف بدأ الأذان الشيعي داخل مصر والأزهر، كيف تطور الأذان الشيعي في الحكم الفاطمي»
تحرك جوهر الصقلي من القيروان قاصدًا مصر في 4 فبراير عام 969 م الموافق 14 ربيع الأول عام 358 هجري، فوصل الإسكندرية يوم 18 رجب عام 358 هـ الموافق 18 من يونيو 969 م وبعد ذلك وصل إلى الفسطاط يوم 16 من شعبان 358هـ الموافق 5 من يوليو 969 م؛ وكان دخوله إيذانًا بسقوط الدولة الإخشيدية على مصر وكذلك انتهاء سيطرة العباسيين عليها وبدء حكم الدولة الفاطمية لها.
الأذان الشيعي في الأزهر
بعد تأسيس القاهرة بعام واحد أسس جوهر الصقلي الجامع الأزهر في 24 جمادى الأولى سنة 359 هجري، الموافق 4 إبريل عام 970 م، واستغرقت عملية بناء الجامع 27 شهرًا، ثم بدأت فيه الصلاة لأول مرة يوم الجمعة 7 رمضان سنة 361 هجري الموافق 21 يونيو عام 972 م.
اقرأ أيضًا
تأسيس الدولة الفاطمية «حكاية الصداقة القاتلة التي أنشأت العبيديين»
المعروف أن الدولة الفاطمية كانت شيعية المذهب وتأسس الجامع الأزهر لهذا الغرض وهو الترويج للمذهب الشيعي عقائديًا وعلميًا، لكن السؤال أيهما كان أولاً في قصة الأذان الشيعي والجامع الأزهر الشريف، هل كان الأزهر هو أول مكان بمصر يؤذن فيه بالأذان الشيعي ؟.
منذ أن دخل الإسلام في مصر يوم 16 إبريل من العام 642 م كانت صيغة الأذان بمساجدها هي الصيغة المعروفة لم تتغير طيلة 328 عامًا.
عرفت مصر الأذان الشيعي لأول مرة على يد الفاطميين يوم الجمعة 8 جمادى الأولى سنة 359 هجري، الموافق 18 مارس سنة 970 م؛ أي قبل بناء الجامع الأزهر وكان جامع أحمد بن طولون هو أول مسجد في مصر يُؤذن فيه بالأذان الشيعي.
يسرد المقريزي في كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار تفاصيل هذا اليوم، حيث أدى جوهر الصقلي الصلاة في جامع أحمد بن طولون وأمر المؤذنين بزيادة جملة حي على خير العمل، ثم قام عبدالسميع بن عمر العباسي فخطب الجمعة، لكن جوهر الصقلي غضب على عبدالسميع بسبب أنه لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في كلّ سورة، ولا قرأها في الخطبة.
بعد انتهاء الخطبة قرأ عبدالسميع بن عمر العباسي في الركعة الأولى سورة الجمعة وفي الركعة الثانية قرأ سورة المنافقون، وقنت بعد الانتهاء منها ثم نسي الركوع وسجد مباشرةً.
كان سهو عبدالسميع بن عمر العباسي عاملاً في غضب علي بن الوليد قاضي عسكر جوهر الصقلي فأمر بإبطال صلاة الجمعة وأن تعاد ظهرًا أربع ركعات، ثم أذن بحيّ على خير العمل في سائر مساجد مصر.
وصارت صيغة الأذان الشيعي في مصر في كل الفرائض الخمسة
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر الله أكبر
أشهد أن لا إله إلّا اللّه .. أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن محمدًا رسول الله .. أشهد أن محمدًا رسول الله
أشهد أن عليًّا ولي الله .. أشهد أن عليًّا حجة الله
حي على الصلاة .. حي على الصلاة
حي على الفلاح .. حي على الفلاح
حي على خير العمل .. حي على خير العمل
محمدًا وعليًّا خير البشر .. محمدًا وعليًّا خير البشر
الله أكبر .. الله أكبر
لا إله إلا الله
يلاحظ في هذه الصيغة أن جملة الصلاة خير من النوم لم تكن موجودة وهذا لأن الشيعة يعتبرونها بدعة، كذلك لم يذكر المقريزي صراحةً أن الفاطميين قالوا أشهد أن عليًّا ولي الله .. أشهد أن عليًّا حجة الله، بعد الشهادة برسالة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه ألمح إلى أن جوهر الصقلي وفضّل الإمام عليّ وأولاده على غيره وجهر بالصلاة عليه.
الأذان الشيعي في الأزهر .. تطور فاطمي بمرور الزمن
بعد إقرار الأذان الشيعي في مصر بجامع أحمد بن طولون قرر جوهر الصقلي أن يقطع الخطباء الخطبة لخلفاء الدولة العباسية، كما أمر بمنع الزي الأسود شعار العباسيين وأمر بارتداء الأبيض، إلى جانب هذا أمر كل خطباء الجمعة أن يختموا الخطبة بهذا النص «اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى فاطمة البتول وعى الحسين والحسين سبطي الرسول، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا وصل على لأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين المعز لدين الله»، وأن تعمم هذه الأوامر على كافة مساجد مصر.
في سنة 1010 م حدث تطور في الأذان الشيعي بمساجد مصر، حيث قرر الحاكم بأمر الله بحضور قاضي القضاء مالك بن سعيد الفارقي ترك جملة «حيّ على خير العمل» ، وأن يقال في صلاة الصبح «الصلاة خير من النوم»، ثم يُخْتَتَم الأذان بجملة «السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله»؛ وبعد عام من هذا القرار عاد المؤذنون إلى قول حيّ على خير العمل ومع حلول سنة 1015 م أُلْغِيَت جملة «السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله»، واسْتُبْدِلَت بجملة «الصلاة رحمك الله».
جرى تطور فاطمي آخر لتاريخ الأذان الشيعي في الأزهر يوم 20 أكتوبر سنة 1130 على يد الوزير الفاطمي الأفضل كتيفات نجل بدر الدين الجمالي حيث خالف ما عليه الدولة فأزال من الأذان حيّ على خير العمل، وقولهم محمد وعليّ خير البشر وظل الحال هكذا لمدة عام حتى قتل في نوفمبر سنة 1131 وعادت الصيغة الأولى للأذان التي ظلت حتى سقوط الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين.