تقرأ في هذا التقرير «كيف بدأ تاريخ استطلاع هلال رمضان في مصر، قبل دار الإفتاء المصرية من الذي كان يعلن بيان الرؤية، متى بدأ طقس إعلان المفتي»
تتم عملية استطلاع هلال رمضان يوم 29 شعبان بتحري رؤية هلال شهر رمضان فإن تأكدت رؤيته تحدد تاريخ بدء الشهر، وإن لم تتم رؤيته فيتم إكمال الشهر 30 يومًا.
أول من بدأ تاريخ استطلاع رمضان ومراحل تطور عملية التحري
تاريخيًا لم يتفق المؤرخين حول أول من قام باستطلاع هلال رمضان في مصر، ففي كتاب حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للإمام السيوطي، جاء أن أول من خرج لرؤية الهلال في مصر كان القاضي غوث بن سليمان الحضرمي قاضي القضاة في مصر زمن أبي جعفر المنصور العباسي، أما كتاب ولاة مصر وقضاتها للكندي فجاء فيه أن أول من خرج من القضاة لرؤية الهلال كان عبدالرحمن بن عبدالله بن لهيعة الذي تولى القضاء زمن العباسيين.
اقرأ أيضًا
تراثيات ما حدث في أيام شهر رمضان عبر التاريخ
رغم هذا الخلاف حول تحديد من هو الذي كان يستطلع الهلال في مصر لأول مرة في التاريخ لكن الاتفاق كان حول الكيفية؛ حيث كان جبل المقطم هو المكان الرئيسي الذي تتم من خلاله عملية استطلاع هلال شهر رمضان، وكانت توجد دكة على مكان مرتفع عُرِفَت بدكة القضاة وكانت مُعَدّة لغرض رؤية الهلال.
واستمر رؤية الهلال قمريًا بالعين المجردة في مصر ولم تتغير إلا في العصر الفاطمي حيث أن المذهب الديني لدى الفاطميين لا يسير وفق ما يراه أهل السنة من استطلاع هلال رمضان، بل كانوا يحسبونها فلكياً، وحينما سقطت دولتهم استمرت الرؤية الاستطلاعية.
وكما تميزت مصر ببصمتها الخاصة في رمضان، كانت سباقة علمياً لخدمة هذا الشهر حيث تم إنشاء أول مرصد فلكي سنة 1838 م في القلعة ثم انتقل للعباسية باسم الرصد خانة، بعدها نُقِل لحلوان سنة 1903 م لتعذر رؤيته من منطقة العباسية؛ وظلت مصر تعمل بنظام الاستطلاع بالعين المجردة حتى سنة 1956 م ثم تم إلغاء نظام استطلاع رؤية الهلال بالعين المجردة و استبدل بنظام الحسابات الفلكية وكان السبب في ذلك كثافة السحب.
قبل دار الإفتاء .. مراحل مكان إعلان بيان الرؤية ؟
تأسست دار الإفتاء المصرية كـ مؤسسة عام 1895 م لكنه لم تتولى مسؤولية إعلان بيان الرؤية إلا في زمن الرئيس جمال عبدالناصر، إذ كانت مسؤولية إعلان بداية ونهاية شهر الصيام من اختصاص القاضي.
خلال العصر الملكي كانت أجواء إعلان بداية شهر رمضان تتم داخل مقر المحكمة الشرعية بحضور رئيس المحكمة، ومحافظ القاهرة وشيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ومفتي الخاصة الملكية، ونقيب المحاميين، ورئيس مصلحة الطب الشرعي، ووزير الأوقاف.
كان طقس إعلان الرؤية يتم عندما يذهب سكرتير المحكمة الشرعية من اثنين من المرصد لتحديد الرؤية، وقبيل العشاء يجيء إلى مقر الحفل ويقدم تقريره لرئيس المحكمة، وبدوره يُخْطِر الحضور، ثم يُرْسَل البيان إلى وزارة الداخلية لتبليغ المديريات، فيما تتولى الإذاعة تغطية الحدث.
في حال عدم ثبوت الهلال يتم نفس الطقس بحذافيره، مع اختلافات طفيفة حول الحضور وفعاليات الاحتفال بحلول شهر رمضان المعظم.
تاريخيًا كان الحاكم في مصر يوفد مندوبًا عنه لحضور الحفل، ولم يحضر أي ملك أو رئيس فعاليات إعلان شهر رؤية شهر رمضان إلا الرئيس محمد نجيب يوم 13 مايو سنة 1953 م.
في ستينيات القرن الماضي كانت عملية استطلاع الهلال تتم عبر برج القاهرة وبرج القلعة وسفح الهرم ومرصد حلوان، وكان الإعلان والإحتفال يتمان في ميدان الجمهورية بمنطقة عابدين بحضور شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية وشيخ الطرق الصوفية ووزير العدل ومحافظ القاهرة ووزير الأوقاف ومندوب عن رئيس الجمهورية، وهو نفس الشيء الذي حدث في عصر الرئيس أنور السادات، لكن مع تغير طفيف وهو أن الاحتفال الذي تنظمه دار الإفتاء يتم عقده داخل مقر القضاء العالي.
تلفزيونيًا .. كان إعلان بيان الرؤية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك ويعد هذا تغيرًا في تاريخ استطلاع هلال رمضان حيث كان في عهده البث المباشر لمؤتمر إعلان الرؤية تلفزيونيًا وتم ذلك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي حيث جرت العادة بث برنامج ليلة الرؤية والذي يحضره عدد من الفنانين لإلقاء المديح الديني، ثم يتم إعلان البيان والذي كان يتم من داخل الأزهر.
أول مرة يتم فيها إعلان بداية ونهاية شهر رمضان من داخل مقر دار الإفتاء كان في 4 مارس سنة 1992 ، أي بعد عامين من تأسيس المبنى وكان يتم نقل الإعلان عبر التلفزيون من خلال مفتي الديار المصرية وهو النسق الذي لا زال موجودًا ولم يتغير إلا في فترات قليلة كاحتفال العام 2010 الذي تم داخل مركز الأزهر للمؤتمرات.