تقرأ في هذا التقرير «تاريخ تمثال الخديوي إسماعيل في الإسماعيلية .. كيف حدث ؟، أزمة عام 2018 م وما الذي تغير، كيف تم تصحيح الهبوط ؟»
في سنة 1925 م أرسل جلياردو بك مدير متحف نابليون بونابرت صورة لأعمال طلاب النحت في جامعة السربون وكان مشروع تخرجهم تمثال الخديوي إسماعيل، وذلك لما اتسمت به فرنسا من علاقات مع الخديوي إسماعيل بدأت من محافظة الإسماعيلة.
تمثال الخديوي إسماعيل في الإسماعيلية خلال 93 سنة
تمثال الخديوي إسماعيل يوجد في تقاطع شارعى الثلاثيني ومحمد على ومدخل طريق البلاجات السياحي وفي الأصل المصنوع من الجرانيت المطلى بالألوان، ويصل طوله لنحو 7 أمتار وبارتفاع مترين عن سطح الأرض.
أغرب شيء في تاريخ تمثال الخديوي إسماعيل في الإسماعيلية هو رفض نجله الملك فؤاد أخذ هذا التمثال رغم الجماليات التي فيه، وكانت هي سبب الرفض حيث رأى أن الملاك الذي يقف خلف الخديوي إسماعيل ما هو إلا على شكل امرأة يستند عليها الخديوي في شكلٍ رأته الأسرة العلوية آن ذاك قبحًا إباحيًا.
بعد مرور 93 سنة استيقظ أهل الإسماعيلية عام 2018 م على تمثال الخديوي إسماعيل من صنع المحليات، وكان المشهد بشعاً فالألوان كانت من البويا والعيون عبارة عن نظرات عفريت من الجن خرج إلى الإسماعيلية.
اقرأ أيضًا
قبر طلعت حرب «تاريخ مدفون بجانب أكاديمية صوفية»
بين جلياردو بك مدير متحف نابليون والنسخة المحلية لتمثال الخديوي إسماعيل، اختزل الزمن فروقاً بين بلد كانت تتعلم على يد مصر وبين مصر التي هان عليها أحد رموزها التاريخيين فأظهروه في هذا الشكل.
الجهاز القومى للتنسيق الحضاري وقتها اتخذ خطوات جدية إزاء هذه الواقعة خاصةً أن هناك قانونا يقضي بمنع طلاء أو ترميم أى تمثال يقع فى الميادين العامة، دون الرجوع لوزارة الثقافة المتمثلة في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وقطاع الفنون التشكيلية، من يخالف هذا القانون بالطبع سيتعرض للمسألة القانونية.
تمثال الخديوي إسماعيل في الإسكندرية هو الملهم
النسخة الأصلية والأولى لشكل تمثال الخديوي إسماعيل موجودة في الإسكندرية، والذي تم تصميمه خصيصاً لكي ترد مصر على تمثال فرنسا، عقب زيارة الملك فؤاد إلى إيطاليا واقترحت عليه الجالية الإيطالية تصميم تمثال تقديراً للرجل الذي استعان بهم في صنع الحضارة.
يروي عبدالرحمن الرافعي تفاصيل صنع التمثال حين اجتماع لاجروسي قنصل إيطاليا في مصر مع مهندس القصور الملكية فيروشي باي بعد أن جمع الإيطاليين 13 ألف جنيه لصنع التمثال فتمت الموافقة وقام الفنان الإيطالى بيترو كانونيكا بتصميمه.
صُنِع التمثال من البرونز بطول 3 أمتار ونصف وتم صبه بمسبك كانويكا بضواحى روما، وصور النحات الخديوى إسماعيل يقف شامخا، مستندا على مقبض سيفه ويشير بإصبعه، ويتسم التمثال بالجمود والسلطوية وهى أحد مظاهر الحقبة الفاشية فى إيطاليا، ويتوسط تمثال الخديوى إسماعيل نصب تذكارى مصنوع من الرخام الأبيض، صنع فى محاجر كرارة بإيطاليا، وجاءت قاعدته الرخامية كقطعة فنية كما تزين محيط التمثال بأعمدة ونقوش وتيجان وحلى برونزية فضلا عن الدرج الأمامى للمنصة.
وتم اختيار مكان التمثال بـ”منصة الجندى المجهول بميدان المنشية ـ حاليا”، لوضع التمثال ودفعت البلدية بالإسكندرية 5400 جنيه مصرى لتزيين المنصة بالأعمدة المزخرفة وتركيب الرصيف والمصابيح وتطوع عدد من المهندسين والبنائين الإيطاليين بالقيام بأعمال البناء والتركيب ووضع التمثال على منصته فى أكتوبر 1935م.
وتمت إزاحة الستار عن التمثال فى 4 ديسمبر 1938، بحضور الملك فاروق، ورئيس الوزراء محمد محمود باشا والأمير محمد على ومحمد حسنين باشا وعلى ماهر باشا وغيرهم من رجال الدولة، كما شارك الاحتفال كافاليرى لويجى فيدريزونى ممثل حكومة ملك إيطاليا، وإمبراطور إثيوبيا، والكونت سيرافينو ماتسولينى الوزير المفوض من الحكومة الإيطالية الملكية فى مصر، وقنصل الحكومة الإيطالية الملكية سيلفيو كامراني.
لكن التمثال ظل فى مكانه حتى عام 1964، بعد إصدار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قرارا بتحويل موقع التمثال، لنصب للجندى المجهول، وتسليم التمثال للقوات البحرية، وإزالة الكتابات الخاصة بالجالية الإيطالية الموجودة بالمكان، وبعدها قرر المحافظ الأسبق للإسكندرية محمد حمدى عاشور، نقل التمثال لحديقة متحف الفنون الجميلة، وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تقدم اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق، بمشروع لنقل تمثال الخديوى إسماعيل، مرة أخرى، لمنطقة كوم الدكة خلف المسرح الرومانى لوضع تمثال الخديوى، بعد تجديدها بعمل ساحة وتشجيرها، وهو المكان الحالى والأخير للتمثال.
[ المراجع ]
- مجلة دار الهلال – عدد 1 إبريل 1925 م
- عصر الخديوي إسماعيل لـ عبدالرحمن الرافعي