تقرأ في هذا التقرير «ما هي أسباب هزيمة المماليك من العثمانيين، عناصر القوة والضعف لدى الفصيلين، مهلكات أنهكت المماليك ثم قضت عليهم»
كتب | وسيم عفيفي
لم تكن إزاحة دولة مثل المماليك قامت على يد الأيوبيين واستهلت عهدها بهزيمة التتار، أن تحدث لولا اختلاف موازين القوى التي بينهم وبين الدولة العثمانية.
لماذا تمكن العثمانيين من هزيمة المماليك
كانت الدولة العثمانية زمن سليم الأول إمبراطورية إسلامية ناهضت، حققت نجاحات متعددة في أوروبا وأزاحت الإمبراطورية البيزنطية، ومع اللعب بالوتر الديني، فإن سقوط القسطنطينية أضفى للدولة العثمانية فكرة الإمبراطورية الإسلامية، وكان لهذا فعل السحر من الناحية المعنوية حتى داخل مصر، فمثلاً طائفة المغاربة رفضوا الاشتراك مع طومان باي لهذا السبب.
إلى جانب الحالة المعنوية التي اتسم بها العثمانيين فكان نظامهم العسكري قائم على الولاء للدولة والسلطان قبلها؛ على عكس المماليك فكانوا هجينًا بين المرتزقة ولعب الفساد السياسي بينهم لدرجة الخيانة.
وفي أصل تكوين الجيش النظامي العثماني استخدم سليم الأول أسلوب التطوير له فأدخل أجهزة حديثة كالبنادق والمدافع كانت حاسمةً للصراع على عكس المماليك فلم يطوروا جيشهم جيدًا.
لهذا كانت هزيمة المماليك واجبة
تترسخ قاعدة انهيار الدول بغياب عنصري الاقتصاد والصلاح، فإن انهار الاقتصاد عم الفساد، وهما صفتين كانتا متلازمتين في نهاية حكم المماليك وخاصةً في عصر الغوري فساءت الأحوال الاقتصادية مما أثر على الشأن الداخلي بوقوع الفتن والتمرد، وألقى هذا بظلاله على الجيش.
والخيانة كانت سببًا من أسباب هزيمة المماليك وهو السلاح الذي عرف العثمانيون استخدامه جيدًا، بالإضافة إلى عدم تطوير المماليك لأنفسهم عسكريًا.
كذلك فإن الفساد العسكري الذي تفشى في جيش المماليك كان مناخًا مناسبًا لهزيمته، والدكتور عبدالرحمن عبدالله الشيخ في كتابه عن بيئة المماليك العسكرية، يعطي جانبًا لهذا الفساد، فمثلا جنود الجلبان في عصر الغوري كانوا مصادر الصرف المالي حيث أنهم مرتزقة يحاربون من أجل المال وبقاءهم في القاهرة سيجعلهم يعيثون فيها فسادًا من أجل العيش، فدفع لهم ليحاربوا.
بالتزامن مع اشتراك الجلبان في جيش مرج دابق جاءت مشاركة القرانيص كفصيل ثانٍ بالجيش والذين هم في الأصل مماليك لكنهم يكرهون الغوري لأنه حرمهم من الإقطاعيات لصالح الجلبان فأراد أن لا يبقيهم في القاهرة حتى لا ينقلبوا عليه وليدلل على حبه لهم بأن يرمي الأجلاب في الحرب التي يشرف عليها بنفسه.
اقرأ أيضًا
تشكيلات جيش المماليك «ممالك النار وأضواء على التاريخ المجهول»
ولكي يضمن الغوري صدق الفصيلين وينفي مسألة إرسالهم للموت خرج بنفسه مع جند الخاصية السلطانية المخصصين لحراسته ليحموه من غدر الجلبان والقرانيص، لكنهم ليسوا أهل حرب فلم يشاركوا بالمعركة أما الجلبان والقرانيص فقال عنهم بن زنبل «ألقى الله تعالى فيهم الفتنة فكان كل من الأعيان – أي الرتب العسكرية – يتمني هلاك السلطان الغوري كي يكون هو السلطان فبهذا الموجب هلكوا جميعا ويبعثون على نياتهم».