تقرأ في هذا التقرير «قصة حروب طومان باي ضد سليم الأول والعثمانيين، إعادة قراءة لتاريخ المعارك المنسية، رؤية للأحداث من زوايا تاريخية»
كتب | وسيم عفيفي
باتت حروب طومان باي ضد العثمانيين أمرًا مجهولاً لدى الغالب الأعم، فكثيرون بحكم مناهج دراسة كتب التاريخ المدرسية، يروا أن الصراع المملوكي العثماني كان بمعركتي مرج دابق ضد قانصوه الغوري والريدانية ضد طومان باي؛ لكن حقائق التاريخ تنفي ذلك.
اقرأ أيضًا
تراثيات ممالك النار «ملف خاص»
قمنا في موقع تراثيات بتفصيل قصة المعارك الستة من حروب طومان باي ضد سليم الأول جاعلين لكل معركة موضوعًا خاصًا بها، سنرفقها في آخر هذا التقرير والذي سنقرأ فيه الأحداث من رؤية تاريخية.
المماليك لم يفهموا أن المصريون أهم منهم
خطأ المماليك الأسوأ على الإطلاق هو عدم شراكة المصريين في السياسة والحرب، وجعل جيشهم منهم بهجين من المرتزقة والفساد السياسي الذي شَعَّب أهواء جند وقادة المماليك، وبالتالي كان سلاح الخيانة عاملاً أساسيًا في الهزيمة، فلم يكن جيشهم لا نظاميًا ولا وطنيًا.
أدرك المماليك مع طومان باي أهمية مشاركة المصريين في جيش يدافع عن مصر غير أن هذا الإدارك جاء متأخرًا، وبقيت مشاركة المصريين هي أحد الفصول الغامضة في تاريخ حروب طومان باي.
تجسد معركة الصليبة وهي الثالثة في حروب طومان باي أكبر دليل على أهمية مشاركة المصريين فهي المعركة الوحيدة التي طال زمنها فكل المعارك كانت نصف يوم إلا هي إذ استمرت 4 أيام بعد تدريب للمصريين لم يكمل 6 أشهر، وبذل فيها المصريون بطولات شديدة وقوية، كذلك منعوا خيانات متعددة وكان الولاء واحدًا للوطن فقط، ولم تُحْسَم هذه المعركة للعثمانيين إلا بالمدافع على عكس بقية المعارك التي كانت الخيانة جزءًا هامًا في النصر.
لماذا لم يوجد جيش وطني من المصريين قبل محمد علي باشا ؟
في الأساس فإن مصر بثقلها التاريخي والجغرافي والحضاري تمثل فريسة شديدة الإغراء بالنسبة لأي أحد يرغب في دخولها، وعدم وجود جيش وطني من أبناءها كان العنصر الأساسي لوقوعها تحت حكم إمبراطوريات عدة بعد انتهاء عصور ملوك مصر القديمة؛ وقديمًا كان دخول مصر سهلاً لكن الاحتفاظ بها كان أسهل لأن قرار كل الإمبراطوريات منذ الرومان أن لا يتولى المصريون أي منصب قيادي ولا حتى عسكري.
نظرية أي إمبراطورية تود جعل مصر تحت سيطرتها هي أن لا يتولى واحد من أبناءها الحكم أو القيادة العسكرية حتى لا يستقل بها عن الإمبراطورية وتلك النظرية بدأت منذ عصر الرومان حتى محمد علي باشا.
وكافة الإمبراطوريات التي حكمت مصر رأتها «بقرة حلوب» لمن يأخذها أما صاحبها فهو يعمل فقط على رعايتها دون أن يكون مالكًا لها، وكلمة «بقرة حلوب» التي رُمِزَ لها في أغنية «بقرة حاحا» لها أصل تاريخي ورد في كتاب «فتوح مصر وأخبارها» حين وصل إلى عمرو بن العاص أمرًا بأن يكون قائدًا للجيش وعبدالله بن أبي السرح حاكمًا على مصر، فقال عمرو «أي أكون كماسك البقرة وغيري يحلبها».
حتى حين قرر محمد علي باشا جعل جيش من أبناء مصر تمكن فيه من إحداث تغيرات سياسية وصلت لدرجة هزت الإمبراطورية العثمانية، لكنه كان يريد حكم مصر فجعل جيشها النظامي يتولاه غير مصري لضمان عدم ثورة الجيش عليه.
المصريون في حروب طومان باي
أربع كتب تاريخية تشير إلى مشاركة المصريين في حروب طومان باي ضد العثمانيين هي
«نهاية المماليك» مخطوط واقعة الغوري وطومان باي ضد سليم الأول للمؤرخ بن زنبل، والجزء الخامس من كتاب «بدائع الزهور في وقائع الدهور»، والجزء الأول من كتاب «التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية» لـ إبراهيم بك حليم، وآخرهم كتاب المقاومة المصرية للعثمانين زمن طومان باي للدكتور السيد محمد الدقن أستاذ التاريخ في جامعة الأزهر.
تقارير حروب طومان باي الستة
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «1» قصة معركة غزة والطريق للريدانية
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «2» الريدانية وخطة النصر الكارثي
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «3» الصليبة وقصة أول معركة شوارع
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «4» معركة أطفيح وعودة الخيانة
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «5» الجيزة وخطأ العار من المماليك
- حروب طومان باي ضد سليم الأول «6» معركة وردان وخيانة العربان