تقرأ في هذا التقرير «حكاية سليم الأول وقتل إخوته تاريخيًا ؟، ماذا فعل سليم الأول مع أبيه بايزيد الثاني، مصير إخوة سليم الأول بعد توليه السلطنة»
كتب | وسيم عفيفي
تطرقت الحلقة الثامنة من مسلسل ممالك النار إلى وصول سليم الأول لعرش السلطنة بعد عزل أبيه واستقرار حكمه عقب قتل أخويه، واتهم كثيرون صناع العمل بالمبالغة لكن التاريخ الحقيقي لعمليات سليم الأول وقتل إخوته كانت أبشع.
سليم الأول وقتل إخوته .. جذور الأزمة
تعتبر قصة سليم الأول مع أبيه بايزيد الثاني وأخويه أحمد وقورقود إغريقية رومانية ببصمة عثمانية حيث كانت مأساةً أسرية سطرتها الدماء على صفحات الحروب، وقد رصدتها مراجع شتى في التاريخ العثماني وصل عددها إلى 6 كتب من المراجع الموالية للإمبراطورية العثمانية، وهي «تاريخ الدولة العلية العثمانية لـ محمد فريد، وكتاب الإمبراطورية العثمانية لـ سعيد أحمد برجاوي، و الإمبراطورية العثمانية المجهولة لـ أحمد آق كوندز وسعيد أوزتوك، وكتاب يافوز سلطان سليم للمؤرخ يلماز أزتونا، وكتاب التاريخ العثماني المصور الصادر عن وزارة الثقافة التركية، ومحاضرات المؤرخ التركي قدير مصر أوغلو المعروف بعشقه للدولة العثمانية».
المأساة بدأت حين أصدر بايزيد الثاني قرارًا بتعيين حفيده سليمان بن سليم الأول واليًا على بلدة كافا إحدى بلاد القرم مما أثار غضب سليم الأول فطلب من والده بايزيد اختياره ليكون مسئولاً عن إحدى ولايات الدولة العثمانية في أوروبا، لكن الأب رفض طلب ابنه سليم وأبقاه واليًا على طرابزون.
اقرأ أيضًا
تراثيات ممالك النار
كان أحمد بن بايزيد الثاني من الذين يخشون تنامي قوة شقيقه سليم وكان لتوه خارج من انتصار قاده ضد تحالف بين التركمان والصفويين، فتحرك أحمد بجيشه إلى القسطنطينية للقيام باستعراض عسكري يوصل من خلاله رسالة إلى سليم أنه الأقوى.
ماذا فعل سليم الأول مع أبيه ؟
أدرك سليم الأول رسالة أخيه فنفذ فتنة داخلية في مدينة تراقيا أعلن من خلالها عصيانه لوالده بايزيد الثاني، وتشير الدكتورة كارولين فينكل المتخصصة في التاريخ العثماني بجامعة اسطنبول في كتابها «حلم آل عثمان»؛ أن سليم الأول أخرج سجناء التتار وضمهم إلى جيشه لإعلان التمرد العسكري على والده، فاضطر بايزيد إلى إرسال جيش لحرب ولده سليم الأول، لكنه تراجع عن قراره بالحرب وعينه واليًا على إمارتي سمندريه وفيدن بصريبا، كما أعلن منع دخول ابنه أحمد إلى عاصمة الدولة العثمانية خوفًا من قتال الإخوة.
انضم قورقود إلى الصراع فعين نفسه واليًا على بلدة صروخان القريبة من القسطنطينية وبعد فترة قرر بايزيد الثاني جعل ابنه أحمد سلطانًا بعد رحيله، مما أثار ثائرة سليم الأول وجهز جيشًا لمقاومة هذا القرار، فرد بايزيد بجيش مكون من 40 ألف مقاتل ونجح الأب في هزيمة ابنه سليم ثم جرد فصيلاً من جيشه إلى صروخان لتأديب قرقود، وقرر بايزيد الثاني تعيين ابنه أحمد سلطانًا للدولة العثمانية.
اقرأ أيضًا
الجهاردية «حكاية تنظيم ديني سياسي باقٍ إلى يوم القيامة»
رغم أن أحمد يستمد قوته من أبيه إذ أنه الأكبر سنًا لكنه كان الأضعف في مواجهة سليم الأول، لسببين أولهما قوة الصلة بين أحمد والصفويين أعداء الدولة العثمانية، وثانيهما أن جنود الإنكشارية مع سليم الأول فطلب قادة الإنكشارية من بايزيد الثاني العفو عن ابنه سليم وإرساله واليًا على سمندريه فاستجاب لهم، لينفذوا بعدها انقلابًا أبيضًا مع سليم الأول ضد أبيه وينجحوا في إجبار بايزيد الثاني على التنحي ويموت في الطريق من عاصمته إلى بلدة ديموتيقا اليونانية.
اتهم بعض المؤرخين سليم الأول بتسميم أبيه، لكن هذا غير ثابتٍ تاريخيًا بدليل ما أورده المؤرخين «شفيق حجا ومنير البعلبكي، وبهيج عثمان» في كتابهم المصور في التاريخ الجزء السادس صفحة 129 نفوا هذه القصة واستدلوا برسالة أرسلها أحمد إلى سلطان المماليك أخبره فيها أن بايزيد مات موتة طبيعية.
سليم الأول وقتل إخوته هذه هي التفاصيل
قتل سليم الأول 4 من إخوته و 8 من أبناءهم؛ كان أولهم أحمد وقورقود عام 1513 م حيث حيث قام أحمد بتنصيب نفسه واليًا على أنقرة وتنصيب ابنه علاء الدين واليًا على بورصة، فجرد سليم الأول جيشًا لقتال أخيه هناك لكن أحمد تمكن من الهرب بمساعدة الوزير مصطفى باشا فقام سليم الأول بقتل 5 من أبناء أخيه أحمد في مدينة بورصة سنة 1513 م.
بعد قتل سليم لأبناء أحمد الخمسة التقى مع أبيهم بمدينة يكي شهر وتمكن سليم الأول من قتل أخيه في الرابع والعشرين من شهر إبريل لعام 1513 م.
وجرد سليم الأول حملة عسكرية قادها بنفسه إلى بلدة صروخان حيث عاصمة حكم أخيه قرقود والذي هرب إلى الجبال فتمكن منه سليم الأول وقتله مثلما قتل أخيه أحمد وأبناءه الخمسة.
لم يكن أحمد وقورقود فقط اللذين قتلهما سليم الأول من إخوته بل قتل اثنان أيضًا هما شاهزاده محمود وأبناءه الثلاثة في العام 1512 تأمينًا لظهره قبل حربه ضد الصفويين والعثمانيين، أما أخيه الآخر شاهرزاده علم شاه فقد قتله عام 1502 م.
الحقيقة التاريخية أن إجمالي من قتلهم سليم الأول من إخوته وأبناء إخوته 17 شخص حددهم أحمد بن يوسف القرماني في «أخبار الدُّوَل وآثار الأُوَل»، كذلك فإن ابن إياسٍ نص على ذلك.