تقرأ في هذا التقرير «تدليس فيديو حقيقة قانون قتل الإخوة لـ محمود سالم، ديو TV محمود سالم وأدلته وما بها من تدليس ؟، الأمانة غير تاريخية في استدلال الفيديو»
استدل عدد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بالجزء الثاني من فيديو حقيقة قانون قتل الإخوة بالدولة العثمانية على قناة ديو TV محمود سالم للرد على الحلقتين الأولى والثامنة من مسلسل ممالك النار.
اقرأ أيضًا
تراثيات ممالك النار
شاهدنا في تراثيات الفيديو واستمعنا إلى ما فيه وفوجئنا بكمٍ من الأخطاء والتدليسات التي وقع فيها صاحب القناة؛ وقبل الرد عليها نؤكد شيئًا أن في تراثيات كنا ولا زلنا من الراصدين لأخطاء ممالك النار ضمن تغطيتنا له، وبالتالي فردنا ليس للدفاع عن المسلسل وإنما لكشف زيف الفيديو.
أدلة فيديو محمود سالم على نفي قانون قتل الإخوة والرد عليها
استدلت قناة ديو TV محمود سالم بفيديو حقيقة قانون قتل الإخوة باثنين من المؤرخين أحدهما الجبرتي في سرده لوقائع محاكمة سليمان الحلبي، والآخر بن إياس المعروف بكرهه للدولة العثمانية؛ وقال عنهما «لم يتكلمان عن القانون»، كذلك علماء الإسلام؛ فضلاً عن ثم أنها ليست قانونًا وإنما هي مادة وأعداء الدولة العثمانية أخذوها عن مستشرق نقلها من نسخة بمكتبة فيينا.
والرد على أخطاء وتدليسات هذا الفيديو ما يلي :ـ
أولاً / الرد على استدلاله بالجبرتي وابن إياس
كان طبيعيًا أن لا يتكلم الجبرتي وبن إياس عن هذه المادة لـ 3 أسباب، أولها أن الجبرتي من مواليد 1753 م «زمن محمود الرابع»، أي بعد وفاة سليم الأول بـ 233 سنة وعقب رحيل الفاتح بـ 307 سنة.
اقرأ أيضًا
سليم الأول وقتل إخوته «التاريخ الأبشع من مسلسل ممالك النار»
وثاني تلك الأسباب أن كتب الجبرتي الثلاث «عجائب الآثار ومظهر التقديس ومحاكمة سليمان الحلبي» كان للأحداث المصرية لا غيرها واستدلاله بالسلاطين العثمانيين كان فيمن حضرهم هو بشأن ما يتعلق بمصر أيضًا.
وثالث تلك الأسباب فيما يتعلق باستدلال ديو TV محمود سالم بالمؤرخ بن إياس على أساس أنه كاره للعثمانيين وسليم الأول ورغم ذلك لم يذكر وقائع قتل الإخوة، فلا معنى له أيضًا؛ لأن بن إياس مات بعد دخول سليم الأول مصر بـ 6 سنوات وكان طبيعيًا أن لا يوثق وقائع القتل ليس لأنها غير موجودة ولا حتى لأن تاريخه عن مصر فقط، وإنما لأن وقائع القتل زمن سليم الأول وقعت في أعوام «1502 و1512 و1513» أي قبل دخوله مصر وجميعها تمت في تركيا أصلاً.
لكن رغم كل هذا قال بن إياس في أحداث ربيع أول 919هــ «وفي هذا الشهر جاءت الأخبار من بلاد ابن عثمان الذي تولي على مملكة الروم بعد أبيه أبي يزيد ابن عثمان ، وقد وقع بينه وبين اخيه قرقد شقيقه وهو الذي فر الي مصر كما تقدم فلما وقع بينهما احتال عليه حتى حضر الى عنده فقتله وقيل خنقه بوتر وأشيع أيضا أنه قتل اخاه احمد بيك الذي حضروا اولاده الى مصر وماتوا بالطاعون كما تقدم ، وأشيع انه قتل جماعة من وزرائه».
كذلك فإن الحقيقة التاريخية أن إجمالي من قتلهم سليم الأول من إخوته وأبناء إخوته 17 شخص حددهم أحمد بن يوسف القرماني في «أخبار الدُّوَل وآثار الأُوَل»، كذلك فإن ابن إياسٍ نص على ذلك.
ثانيًا / رد المؤرخين العثمانيين (الأقحاح) والمحبين لسلاطين بنو عثمان
قام أحمد آق كوندز وسعيد أوزتوك بجمع 303 سؤال من الشبهات التي لاحقت الدولة العثمانية وردا عليها في كتابها «الدولة العثمانية المجهولة»؛ وسردا أدلة تؤكد وجود هذه المادة وتكشف مدى التدليس والنقل الغير أمين في حديث قناة ديو TV محمود سالم.
ذكرت قناة ديو TV محمود سالم بأنه لا توجد إلا نسخة واحدة في مكتبة فيينا نسخها أحد المستشرقين، لكن هذا غير صحيح، توجد غيرها وأقدم منها فالنسخة التي بمكتبة فيينا تاريخها عام 1620 ميلادي برقم A.F554 ونسخها رجل القانون في الدولة العثمانية محمد عارف بك.
لكن توجد في تركيا نسخة أخرى في كتاب بدائع الوقائع لـ حسين أفندي أحد أكبر رؤساء كتابة التاريخ العثماني وقد ذكر أنه نسخ هذه القوانين سنة 1613 من النسخة الأصلية الموجودة في الديوان الهمايوني الخاص، كذلك توجد نسخة أخرى تم كتابتها سنة 1672 على يد هزارفن حسين رجل القانون في الدولة العثمانية داخل كتابه «تلخيص البيان في قوانين آل عثمان».
ويتساءل صاحب قناة ديو TV محمود سالم عن سبب صمت علماء الإسلام عن هذه المادة طالما أنها مفصلة من الشريعة، لكن المؤرخين العثمانيين الأقحاح الذين أكدوا صحة هذه القوانين للسلطان محمد الفاتح فكانوا «إدريس البتليسي» مؤرخ الدولة العثمانية زمن السلطان سليم الأول في كتابه «هَشت بِهْشِت» وكتابه «قانون شَهِنْشاهي» وسبب تسميته بذلك الاسم نشر القوانين في بلاد إيران خلال فترة صراع سليم الأول من الصفويين؛ كذلك ذكر المؤرخ العثماني «كليبولولو علي مصطفى أفندي» نقل هذه القوانين في كتابه «كنه الأخبار» وعنونها بـ «قوانين أبو الفتح»؛ وآخرهم كان المؤرخ التركي قدير مصر أوغلو المعروف بعشقه للدولة العثمانية في محاضراته عن القتل في سلاطين بنو عثمان.
أما المؤرخين الذي وثقوا وقائع قتل سليم الأول لأخوته نقلاً عن المؤرخين العثمانيين المحبين لها فكانوا محمد بك فريد في كتابه تاريخ الدولة العلية العثمانية، وسعيد أحمد برجاوي في كتابه الإمبراطورية العثمانية، ويلماز أزتونا في كتابه يافوز سلطان سليم، بالإضافة لإصدار وزارة الثقافة التركية موسوعة التاريخ العثماني المصور.