تقرأ في هذا التقرير «ما هو تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي بعيدًا عن ممالك النار، رفض الولاية ثم قبل بها فلماذا ؟، أوجه قنصوة الغوري السياسية»
كتب | وسيم عفيفي
أجاد الممثل رشيد عساف تجسيد شخصية الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري في مسلسل ممالك النار خاصةً في الحلقتين الثالثة والرابعة، حيث أظهر الجوانب الإنسانية والسياسية والمتناقضات النفسية في شخصية الغوري، ليتساءل كثيرون حول تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي.
شكليًا فإن قنصوة الغوري كان طويل القامة غليظ الجسد يتم بكِرْشٍ كبير، لونه غير أمر ومدور الوجه ومشحم العينين وجهوري الصوت ومستدير اللحية التي ليس بها شيب كثير.
المعروف عن تاريخ قنصوة الغوري
ولد الغورى سنة 850 هجرية الموافق لعام 1446 م كان مملوكاً للأشرف قايتباي ثم أعتقه وعينه في عدة وظائف إلى أن صار ملكاً على مصر سنة 1501 م وظل في ملك مصر إلى أن قُتل في معركة مرج دابق شمال حلب سنة 1516 في حروبه مع العثمانيين.
اقرأ أيضًا
طومان باي وحسن بن مرعي «شيخ العربان يخون رغم القسم وهذه نهايته»
واقعة غريبة في تاريخ الغوري وهو رفضه لمنصبه كما يذكر بن تغري بردي، حيث بعد خلع العادل طومان باي اتفق زعماء المماليك على سلطنة الغوري بدلا منه، ولم يكن اختيارهم له سوى لكبر سنه وعدم وجود طموح سياسي، فجعلوه على العرش وهو يبكي ولا يريد المٌلك واشترط عليهم ألا يقتلوه وأن يبقوه حياً إذا أرادوا خلعه فوافقوا على ذلك وبايعوه جميعاً.
اقرأ أيضًا
حقيقة صراع سليم الأول وأخويه وأبيه وأبناءه بعيدًا عن ممالك النار
حكم السلطان الغوري مصر لمدة 15 سنة وشهد عصره 3 مواجهات كانت الأولى بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح من البرتغاليين حيث هزمهم في معركة شاول سنة 1508 لكن البرتغاليين هزموه بعدها بعام؛ أما الثانية فكانت خلال معركة معركة جالديران بين الصفويين والعثمانيين ولم يلتزم الغوري فيها الحياد حيث مال لجانب الصفويين؛ أما الثالثة فكانت في مرج دابق حيث دخل في حرب مع العثمانيين وانتهت بهزيمته وموته؛ ولم يبقى له أثر سوى مجموعته الأثرية.
تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي
لم يوثق أحد لعهد قنصوة الغوري مثل المؤرخ بن إياس الذي فصل عهده سنويًا؛ ويحكم عليه بقوله « لولا ظلمه وكثرة مصادراته للرعية وحبه لجمع الأموال لكان خير ملوك الجراكسة وخيار ملوك مصر قاطبةً».
اقرأ أيضًا
أخطاء مسلسل ممالك النار في الحلقة الأولى والصحيح منها
بتأملات توثيق بن إياس لـ تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي نجده أن له وجه من السمات الإنسانية ووجه من سماته المعمارية، ووجه من سلبياته السياسية، فهو كان من المشهورين بتملك نفسه عند الغضب، كما كان له اعتقاد شديد في الصالحين؛ ولم يكن يقبل السب، كما كان محبًا للشعر والموسيقى وقراءة التاريخ ودواوين الأشعار.
اقرأ أيضًا
ملحوظات مسلسل ممالك النار الحلقة الثانية «ميزتان وخطأ فني وحيد»
كما اشتهر بأنه ليس صاحب عجرفة كحال الجراكسة ولم يكن له تكبر الحكم ولا رقاعة الغرور في العرش؛ كذلك تميز تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي بحبه للسفر واقتناءه الأحجار الكريمة وعشقه لحياة الترف وميله للتشجير وحب الرياضة.
أما وجه تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي بمجال المعمار فتمثلت في مجموعته الأثرية المعمارية في منطقة القاهرة الفاطمية وهي منطقة الغورية والتي سُميت باسمه نظراً لأنها تتكون من وكالة وقبة ومدرسة وقد انتهى من تشييد تلك المجموعة في عام 1505 ميلادية.
وكالة الغوري هي عبارة عن مبنى كان قد أسس خصيصاً للدراويش ثم تخصصت لإقامة التجار الوافدين للقاهرة وتتكون من فناء مكشوف مستطيل الشكل محاط من جميع الجوانب بقاعات على خمس طوابق حيث كان يتم تخزين البضائع في الطابق الأرضي والطابق الأول.
بينما خصص باقي الطوابق لسكن التجار،وميزة وكالة الغوري أن المتوجه لها لن يشعر أنه يدخل إلى مبنى أثري بل أيضاً يذهب ليلقى فناً شعبي روحاني من طراز خاص وفريد وهو فن رقصة التنورة.
سلبيات قنصوة الغوري
أما سلبيات تاريخ قنصوة الغوري الحقيقي فكان على رأسها الغلاء واستحلاله أموال الشعب وعدم مقاومته للغش التجاري؛ كما كان يصادر أموال التركات ويأكل أموال اليتامى؛ وارتكب قنصوة الغوري حماقة سياسية تمثلت في إطلاق يد مشايخ العربان في البلاد التي بها أوقاف وأعطاهم صلاحيات عسكرية في مقابل جباية الضرائب.
حين مات قنصوة الغوري لم يحزن عليه أحد المصريين، وأنشد بن إياس في الجزء الخامس من تاريخه شعرًا عن قنصوة حين مات قال فيه:ـ
والأشرف الغوري كان مليكنا * لكنه قد جار فينا وافترى
والموت أوجب هزمه مع جيش * قد كان ذلك في الكتاب مسطرا
أعماله ردت عليه بما جنى * والدهر جازاه بأمر قُدِّرا