تقرأ في هذا التقرير«موضوع أبرهة الحبشي مفترى عليه في جريدة المقال ، أخطاء وقعت فيها الكاتبة، ما الجديد الذي أضافته صاحبة الموضوع؟»
كتب | وسيم عفيفي
نشرت الكاتبة رانيا جابر على موقع جريدة المقال مقالاً بعنوان «أبرهة الحبشى المفترى عليه فى كتبنا الدينية ومناهجنا الدراسية»، ذكرت أن أبرهة الحبشي كان مسيحيًا غيورًا على ديانته.
وذكرت الكاتبة أسبابًا جعلت أبرهة الحبشي مفترى عليه هي:ـ
ـ لم يذهب لمحاربة الإسلام كما أفهمنا الجاهلون ـ حسب وصفها ـ.
ـ هزيمة أبرهة تمت بسبب الطير الأبابيل وليس بفضل القريشيين الذين نسبوا النصر لهم.
ـ ذهاب أبرهة لمكة كان بدافع محاربة الوثنيين بعد أن فشلت مساعيه فى دعوتهم بالرفق.
ـ النجاشي المشهور ضالع في محاولة هدم الكعبة والمسلمون يحترمونه بسبب الهجرة.
الرد على مسألة المناهج الدراسية وموقف القرشيين
تبلغ عدد كلمات مقال أبرهة الحبشي مفترى عليه في جريدة المقال 536 كلمة لم تحتوي أي كلمة منها على اسم عنوان كتاب قدمته الكاتبة كنموذج من المناهج الدراسية التي قالت أن أبرهة الحبشي كان يذهب لمحاربة الإسلام، وبالتالي فتلك الجزئية لا رد عليها حيث أنها لم تحدث أصلاً لأنه لم يكن هناك إسلام أصلاً.
اقرأ أيضًا
كعبات غير كعبة مكة «إحداهن يزورها الناس حتى اليوم»
بشأن مسألة أن القريشيين نسبوا النصر لهم، فلم تذكر الكاتبة أي نموذج لشخص قال أن هزيمة أبرهة الحبشي كانت بفضل القريشيين، بل العكس هو الذي حصل وإن طالعت الكاتبة كتب العصر الجاهلي لوجدت أن هناك 6 شعراء في العهد الجاهلي وصدر الإسلام تكلموا عن واقعة عام الفيل دون أن ينسبوا النصر للقريشيين.
نظم «عبدالله بن الزبعري، وابن الأسلت، وطالب بن أبي طالب، وأبي الصلت الثقفي، والفرزدق، وابن قيس الرقيات» أبياتًا كلها تدور حول الطيور التي سحقت أبرهة، وكيف أن الله دافع عن القرشيين؛ حيث يقول بن قيس الرقيات «كاده الأشرم الذي جاء بالفيل * فولى وجيشه مهزوم * واستهلت عليهم الطير بالجندل * حتى كأنه مرجوم»؛ فيما يقول طالب بن أبي طالب بن عبدالمطلب عن قريش «فلولا دفاع الله لا شيء غيره * لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا».
هل ذهاب أبرهة لمكة بعد فشل دعوة أهلها بالحسنى للمسيحية ؟
تؤكد الكاتبة رانيا جابر «دون مصدر» أن قدوم أبرهة الحبشي إلى مكة كان بهدف محاربة الوثنية بعد أن فشلت جهوده السلمية في دعوتهم للمسيحية، لكن هذه المعلومة تحتوي على كم هائل من الأخطاء التاريخية الفادحة.
في البداية فإن التحرك العسكري الذي قام به أبرهة الحبشي إلى شبه جزيرة العرب لم يكن بهدف ضرب الكعبة في مكة؛ وإنما كان يستهدف اليمن بعد المذبحة التي نفذها ملكها يوسف اسار يثار في نصارى نجران إذ حرقهم داخل الأخدود وهي القصة التي أشار لها القرآن في سورة البروج.
كان جيش الأحباش من قائدين هما «أبرهة الحبشي وأرياط» وتحركا بتكليف من النجاشي لمحاربة اليمن ونجحا في قتل ملكها ثم تولى أرياط الحكم ليقتله أبرهة ولكي يتقي شر النجاشي وهو ملك مسيحي متدين قرر شراء رضاه ببناء كنيسة ضخمة تصرف العرب عن كعبتهم؛ أي أن بناء الكنيسة تم لسبب سياسي وليس ديني.
تشير الكاتبة إلى أن العرب استفزوا أبرهة حين ذهب أحدهم لتلك الكنيسة وبال فيها فأقسم أبرهة على غزو مكة وضرب كعبة العرب، وهذه حقيقة لكن على طريقة ملتوية وهي أن الكاتبة لم تذكر أي شكلٍ من أشكال الدعوة السلمية لأبرهة، فقط فإن العرب رفضوا دعوة أبرهة السلمية للمسيحية احترامًا لدينهم مثلما رفضوا دعوة سيدنا محمد كذلك، لكن السؤال المنطقي هو «ما موقف عرب الجاهلية من المسيحيين ؟».
كان هناك احترام متبادل للكعبة بين المسيحيين أصحاب الديانة السماوية وبين أهل مكة الوثنيين، ووصل هذا الاحترام أن قام مسيحي من مصر في بناءها بعد واقعة عام الفيل وتحديدًا قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بـ 5 سنوات على ما نص عليه بن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء الثاني، حيث كان القبطي نجارًا.
النجاشي الجاهلي والنجاشي الإسلامي
تستغرب كاتبة المقال من احترام المسلمين للنجاشي بسبب الهجرة وهو نفسه الذي وجه بضرب الكعبة في الجاهلية؛ الرد على هذه المسألة باختصارٍ وجيز يأتي من دراسة شخصية «أصحمة بن أبجر» نجاشي الحبشة فهو ملك مسيحي متدين وكان هو موجه حملة أبرهة لشبه الجزيرة ولم يتخذ موقفًا سلبيًا من هجومه على الكعبة، لكنه في نفس الوقت لم يُعْجَب المسلمين به إلا بسبب عدله وهو لم يأوي المسلمين إلا بعد أن تأكد من مسألة احترامهم للعذراء مريم وولدها المسيح، فلا معنى لاتهام المسلمين بالازدواجية في تقييم النجاشي.