الرئيسية » تراث أزهري » تراث الشيخ الشعراوي «هل فيه خطأ وما نية من يقول أنه مخطئ»
تراث الشيخ الشعراوي
تراث الشيخ الشعراوي

تراث الشيخ الشعراوي «هل فيه خطأ وما نية من يقول أنه مخطئ»

تقرأ في هذا التقرير «هل تراث الشيخ الشعراوي به أخطاء، ظاهرة الهجوم على الشعراوي ليست بجديدة، تعامل الشيخ حيًا وقدسية تراثه ميتًا»

كتب | وسيم عفيفي

سببت نكسة 1967 م في مصر موتًا لمشروع قومي وانهيارًا لحلم جيل بأكمله، فصار الدين هو البديل الرئيسي لكل شيء؛ فكان البابا كيرلس في الكنيسة وعلماء الأزهر على التلفزيون في برنامج نور على نور، لكن لم يكتسب البرنامج شهرةً إلا في عام 1972 م؛ فشخوص المشهد السياسي والديني في مصر تغيروا، فقد مات عبدالناصر وانتهت مراكز القوى ثم تنيح كيرلس السادس ليخلفه البابا شنودة، واستقال الشيخ الفحام من المشيخة الأزهرية ليجيء الإمام الصوفي عبدالحليم محمود، ثم يعود الشعراوي من السعودية ليعطي شهرة لبرنامج نور على نور بطريقته التي لم يعهدها أحد من قبل.

الشيخ الشعراوي بين الهالة والمهانة ؟

الشيخ الشعراوي

الشيخ الشعراوي

القول بأن الشيخ الشعراوي إرهابي مسألة ينفيها التاريخ، ليس لانتماءه للصوفية وإنما لأن ماضيه لا يدل على هذا، فهو في السبعينيات هاجم كافة الجماعات الإسلامية بعد اغتيال سلفه في وزارة الأوقاف الشيخ الذهبي، كذلك هو صاحب المراجعات الفكرية للإرهابيين في التسعينيات.

اقرأ أيضًا
«الشعراوي والإخوان» ثنائية رسمها العداء ولم تعرف الالتئام حتى الموت

رغم ورود أخطاء الشيخ الشعراوي كأي عالم، لكن هالته في المقام الأول شعبية قبل أن تكون دينية، فهو له قبول ومحبة لأنه عالم لغة مفوه لم يتحدث بالطريقة الأكاديمية لرجال الدين في الرواق أو المحاضرات وإنما بسط المفاهيم بلسان وعقلية الناس بأسلوب ساحر شعبي.

اقرأ أيضًا 
فيديوهات تراثيات | الشعراوي يلقي خطبة الإمام علي في زيارة قبر زوجته

القول بأن للشيخ الشعراوي هالة دينية تمنع العلماء من نقده غير صحيح، فقد حكى شخصيًا أن الشيخ عبدالحليم محمود مثلاً اختلف معه في مسألة التدخين وانتقده، بينما الشعراوي لم يتكلم عنها لأنه كان مدخنًا شرهًا طيلة 40 سنة من عام 1947 م حتى عام 1987 م؛ وحتى أخطاءه المأخوذة ردت عليها دار الإفتاء.

اقرأ أيضًا 
“قصة ترك الشيخ الشعراوي للزي الأزهري” أقسم أن لا يرتديه إلى أن يموت

لكن ما يتعرض له الشيخ الشعراوي الآن ليس نقدًا بقدر ما هو مهانة لـ 3 أسباب، أولها تصدر البعض للهجوم عليه أكثر من نقده؛ وثانيها أخذ مواقف سياسية عليه لتقييمه كرجل دين، وثالثها طريقة المفكرين «العدائية» في التعامل معه بتجريده من كل وأي ميزة؛ والخروج من الهالة والمهانة يبدأ بالاتفاق على قاعدة وطرح سؤالين؛ أما القاعدة «ليس هناك معصوم وكل يؤخذ منه ويُرَد»، أما السؤالين «هل يخطئ الشيخ وما نية من يقول أنه مخطئ ؟».

تراث الشيخ الشعراوي .. هل تم برعاية ساداتية ؟

الشعراوي والسادات

الشعراوي والسادات

يرى كثيرون أن الشيخ الشعراوي هو جنين لعبة التوازنات السياسية التي بناها السادات لضرب قوى الناصريين واليسار بالتنظيمات الدينية فكان ظهوره برعاية من رأس الدولة، لكن أجواء السبعينيات كلها تشير إلى عكس ذلك نظرًا لعدم تأثير الشعراوي سياسيًا كشيوخ وخطباء الإخوان والسلفية، فقط كان ظهوره نتيجة مناخ الشحن الديني في مصر بين بقايا الفكر الإشتراكي والإسلاميين في الجامعات من جهة وبين الإسلاميين والبابا شنودة نتيجة أحداث الخانكة من جهة أخرى والتي تفاقمت مع السنوات، فصار هو رمز الوسط الديني ليكتسب تأثيرًا شعبيًا أكثر منه سياسيًا وليس للسادات دخل في هذا.

الشيخ بيصار - الشيخ الشعراوي - السادات

الشيخ بيصار – الشيخ الشعراوي – السادات

كان السادات صديقًا للشعراوي لكن رغم أن رئيس الدولة فتح أبواب وزارة الأوقاف وماسبيرو لإمام الدعاة، لكن هو نفسه السادات الذي ارتاح لعدم تولي الشعراوي منصب شيخ الأزهر وأيد وجهة نظر رئيس وزراءه آن ذاك «فؤاد محيي الدين» الذي رشح الشيخ بيصار بدلاً من الشعراوي وقال لمهندس علاقات السادات الدينية عثمان أحمد عثمان «هي ناقصة ؟! كفاية علينا صداع شنودة في الكنيسة فميبقاش صداع من الكنيسة والأزهر مع بعض، لإن الشعراوي له جمهور».

الشعراوي والسادات

الشعراوي والسادات

بداية الهجمات على الشيخ الشعراوي تنطلق من تأييده «المستميت» للسادات ذلك التأييد الذي فتح عليه أقلام المفكرين والإسلاميين معًا لكن الفرق أن الإسلاميين انتقدوه سياسيًا في واقعة مقولته جملة «السادات لا يُسئَل عن ما يفعل» داخل مجلس الشعب، أما المفكرين فوجدوا من آراء الإمام مادة خصبة للأخذ والرد والعرض والنقد.

الشيخ الشعراوي في مجلس الشعب

الشيخ الشعراوي في مجلس الشعب

رد الشيخ الشعراوي على انتقاد مقولة «السادات لا يسْئَل عن ما يفعل» جاء في حوار صحفي نُشِر في كتاب «الشعراوي الذي لا نعرفه» أن السادات حين قرر عودة سعيد الحوت لمجلس الشئون الإسلامية رغم إقالة الشعراوي له قال الأخير «أنا وزير وعندي موظف فاسد أبعدته، رئيس الدولة رجعه لأسباب محدش يعرفها غيره هو، ومش من حقي إني أسأله لإنه يفعل بناءاً على ما يعلمه هو ولا أعلمه أنا».

أخطاء الشيخ الشعراوي كيف تعامل معها شخصيًا ؟

الشيخ الشعراوى

الشيخ الشعراوى

بداية الخطأ الذي يقع فيه منتقدي تراث الشيخ الشعراوي اعتقادهم أنه فقيه أو عالم في الشريعة بينما هو أصلاً عالم في اللغة، وبالتالي يقعون في خطأ أكبر وهو الهجوم العدائي عليه؛ بينما أسوأ خطأ وقع فيه محبي إمام الدعاة عدم قبولهم بأن الشيخ يخطئ وظنهم أنه مفتي وفقيه وهو أصلاً عالم لغة، وخصلة الطرفين موجودة منذ أن كان الشعراوي حيًا وليس ميتًا.

ندوة للشيخ الشعراوي

ندوة للشيخ الشعراوي

لم يكن الشيخ الشعراوي من ذوي الصدرٍ الرحب لمنتقدي آراءه الدينية سواءًا كانت على صواب أو خطأ فقد كان يعالج المسألة بالخصام أو في النيابة والمحكمة وينتهي الأمر بزيارة صلح يجريها إمام الدعاة لخصمه أو تموت الواقعة بفعل الذاكرة السمكية وجماهيرية الشيخ الواسعة.

كتاب يوسف إدريس ضد الشعراوي

كتاب يوسف إدريس ضد الشعراوي

أما منتقدي الشيخ الشعراوي في حياة عينه فلم يكن انتقادهم من أجل تقييم فكره بقدر التذمر من آراء له في مجالات ليس له علم فيها كالكيمياء والفيزياء والفضاء، وعلة هذا أن أغلب كلام الشعراوي المأخوذ عليه «عدا مسألة سجدة النكسة» وقع فيه علماء آخرون لكن تأثير المفكرين كان أقوى منهم ذلك التأثير الذي اضمحل بسبب حضور الشعراوي.

الشعراوي - غلاف مجلة الدعوة التابعة لجماعة الإخوان

الشعراوي – غلاف مجلة الدعوة التابعة لجماعة الإخوان

كان الشيخ الشعراوي وقت توليه منصب وزارة الأوقاف من الرافضين لمسألة الميكروفون الخارجي في الأذان، فصب عليه الإخوان جام غضبهم وبدلاً من الرد عليهم قرر مقاطعتهم ورفض دخول صحفييهم مبنى الوزارة ثم رفع قضية على مجلتهم.

صورة لندوة للشيخ الشعراوي

صورة لندوة للشيخ الشعراوي

هاجم الشيخ الشعراوي مسألة صعود الأمريكان للقمر وأمسك منديلاً ورقيًا وقال أن هذا المنديل له قيمة عن ما فعلوه ليخرج عليه الدكتور زكي نجيب محمود ويقول له يا إمام لولا الأقمار الصناعية ما خرجت على التلفزيون ليدخل الثنائي في خصومة تزيد واحدًا بتوفيق الحكيم لتكون شديدة الضراوة وتجعل الشعراوي يتهم جريدتي الأخبار والأهرام بأنهما ينشران الإلحاد ثم رفع قضية عليهما وانتهى الأمر باعتذار للشيخ الشعراوي في الأهرام لزكي نجيب محمود وزيارة أجراها له.

أخطاء الشيخ الشعراوي بعد موته والرد عليها

خبر وفاة الشيخ الشعراوي سنة 1998

خبر وفاة الشيخ الشعراوي سنة 1998

احتوت خواطر الشيخ الشعراوي على آراء خاطئة وكارثية وقع فيها لاعتماده على أسانيد ضعيفة مثل روايته لقصة تعري عمرو بن العاص واحتماءه بعورته من سيف الإمام علي، واكتظت لقاءاته التلفزيونية بفتاوى متشددة كمسألة قتل الذي لا يصلي وترك المصاب بالفشل الكلوي أن يموت لأن التدخل الطبي يؤجل لقاءه بربه؛ إلى غيرها من الآراء.

الشيخ محمد متولي الشعراوي

الشيخ محمد متولي الشعراوي

كافة آراء الشيخ وفتاويه التي اختلف حولها البعض ظهرت بعد 20 سنة من وفاته بطريقة عرض سيئة وفي جو استقطاب سياسي وديني وفكري أسوأ، لكن لم ينتقد انتقاد الشيخ الشعراوي من باب تصحيح الفكر بقدر حب الظهور الإعلامي لمنتقده والدليل على ذلك عدة وقائع أشهرها مثلاً قتل تارك الصلاة.

دار الإفتاء

دار الإفتاء

ينتقد كثيرون الشيخ الشعراوي في مسألة قتل كفر وقتل تارك الصلاة، لكن ليس لأن الفتوى خاطئة وإنما لأن قائلها الشعراوي، فلو أن الأزمة في الفكر لرأوا أن دار الإفتاء المصرية قالت «من تركها تهاونًا وتكاسلًا فهو على خطر عظيم، وذنب من كبائر الذنوب، وتضييع للدين، ولكنه ليس بكافر، ويجوز التعامل معه، وينبغي علينا دعوته -إلى المحافظة على الصلاة- برفق ولين؛ يقول تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125]، وأما مسألة التعزير والشدة فموكولة إلى الحاكم يحكم بها بحسب المصلحة»؛ وزاد على الرأي فتوى أخرى لدار الإفتاء بأن تارك الصلاة كسلاً لا يقتل عملاً بحديث «لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث»؛ وليس فيه الصلاة.

طب وآخرتها ؟

الشيخ محمد متولى الشعراوي

الشيخ محمد متولى الشعراوي

لن ينتهي الخلاف حول الشيخ الشعراوي بين العشاق المتيمين وبين الناقدين بصنفيهما «المفكرين بوعي والكارهين»، لسبب واحد أن طرف الصراع هو «إعلام الإثارة لا إعلام الإنارة»؛ ذلك الطرف الذي يقوم بدور «مجدد الخطاب الديني» وهذا ليس دوره أصلاً.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*