الرئيسية » تراثيات شوارع ومقابر » «بعيدًا عن اللحوم» لماذا يمتاز تاريخ مطاعم السمين بالقرآن المجود ؟
تاريخ مطاعم السمين
تاريخ مطاعم السمين

«بعيدًا عن اللحوم» لماذا يمتاز تاريخ مطاعم السمين بالقرآن المجود ؟

تقرأ في هذا التقرير «حكاية تاريخ مطاعم السمين بالبصمة الفرنساوية، الإذاعة والفاطمية وبينهما اكسسوارات البهايم، حلويات الأبقار لا تُرَى في التحضير»

كتب | وسيم عفيفي

أصيب الفرنسيون في مصر بصدمة ذهنية منذ اللحظة الأولى لاستوطانهم القاهرة، فالضابط بيروس «رئيس صيارفة الحملة وسكرتير كليبر» قال «المدينة غير جديرة بسمعتها الطيبة، فهي قذرة ورديئة المباني وتملؤها الكلاب البشعة»؛ أما الميجور ديتروا المشهور عنه الولع بالطعام فقال « في القاهرة رائحة كريهة منبعثة من الأوساخ داخل البيوت، ومن التراب في الهواء، ومن قلى الطعام بزيت رديء فى الأسواق العديمة التهوية».

المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي

المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي

عرفت مصر فكرة مطاعم الشوارع للحوم والحلويات من الفرنسيين فأثار هذا دهشة الجبرتي من تلك الفكرة الجديدة دفعته لذكرها في كتابيه «عجائب الأثار في التراجم والأخبار»، و«مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس»، حيث قال «فتح بعض الإفرنج البلدين بيوتًا يصنع فيها أنواع الأطعمة والأشربة على طرائقهم في بلادهم فيشتري الأغنام والدجاج والخضارات والأسماك والعسل والسكر وجميع اللوازم ويطبخه الطباخون ويصنعون أنواع الأطعمة والحلاوات ويعمل على بابه علامة لذلك يعرفونها بينهم فإذا مرت طائفة بذلك المكان تريد الأكل دخلوا الى ذلك المكان وهو يشتمل على عدة مجالس دون وأعلى وعلى كل مجلس علامته ومقدار الدراهم التي يدفعها الداخل فيه فيدخلون إلى ما يريدون من المجالس وفي وسطه دكة من الخشب وهي الخوان التي يوضع عليها الطعام وحولها كراسي فيجلسون عليها ويأتيهم الفراشون بالطعام على قوانينهم فيأكلون ويشربون على نسق لا يتعدونه وبعد فراغ حاجتهم يدفعون ما وجب عليهم من غير نقص ولا زيادة ويذهبون لحالهم‏».

تاريخ مطاعم السمين والقرآن المجود

مطاعم السمين

مطاعم السمين

كافة وسائل الترفيه التكنولوجية المتعارف عليها خضعت لتأثر الموضة بما في ذلك تلاوة القرآن الكريم حيث دخلت أصوات جديدة بالـ MP3 على المحلات والمقاهي غير أن مطاعم السمين وبنسبة تتجاوز الـ 90 % لم تتأثر فدائما تجد التلاوة المصرية تنطلق عبر أثير المذياع الموجود داخل كل مطعم خاصةً صوتي الشيخ محمد محمود الطبلاوي والشيخ عبدالمنعم الطوخي، وقليل جداً أن تجد تلاوة خليجية في مطاعم السمين وربما كانت الحركة غير مقصودة لكنها متكررة في كافة مطاعم السمين داخل نطاق القاهرة الفاطمية.

الشيخ عبدالمنعم الطوخي

الشيخ عبدالمنعم الطوخي

منطقة السيدة زينب هي مفرخة مطاعم السمين يليها باب الشعرية ثم حي الأزهر، وعلة انتشار التلاوة المجودة من الشيخ عبدالمنعم الطوخي في مطاعم السمين لدرجة مميزة، يرجع في المقام الأول إلى أن رعيل القراء الأوائل في مصر كانوا زبائن لدى هذه المطاعم بحكم الدراسة في الأزهر والتلاوة بالمساجد الأثرية وآل البيت.

الشيخ محمد رفعت

الشيخ محمد رفعت

ينتشر في منطقة المغربلين جهة عطفة الدالي حسين مالا يقل عن 6 مطاعم للسمين غالبيتهم يستمعون لصوت الشيخ محمد رفعت ورغم اقتران الأخير بأجواء شهر رمضان لكن لأنه من مواليد المغربلين صار الاستماع له بحكم الوراثة كما يؤكد أحد أصحاب المطاعم القديمة الذي يقول «كان زبون جدي وأبويا اتولد على صوته».

أغلفة شرائط الطبلاوي

أغلفة شرائط الطبلاوي

الشيخ محمد محمود الطبلاوي هو الآخر له حضور صوتي طاغي في منطقة الحسين، فصاحب مطعم السمين والكِبَد والقوانص في شارع أم الغلام يؤكد أن الطبلاوي في ثمانينيات القرن الماضي كان من زبائن المطعم كون أنه عمل قارئ للمسجد الحسيني، وكان يقرأ في سهرات التلفزيون بمسجد الشيخ صالح الجعفري.

الشيخ الشعراوي في مطعم سمين

الشيخ الشعراوي في مطعم سمين

الأمر نفسه لم يتوقف على القراء فالشيخ محمد متولي الشعراوي يحظى بقيمته في مطاعم السمين، فمطعم أبو شقرة خصص له قاعة باسمه لأنه كان من الزبائن، كذلك يحتفظ أحد مطاعم السمين في قصر الشوق بصورة للشيخ بعد أن تناول وجبة العشاء فيه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*