تقرأ في هذا التقرير «تاريخ لبنان والدولة العثمانية كما جاء في مسلسل قطاع الطرق، الدراما التركية والعرب، حقيقة الإسقاط الدرامي على التاريخ»
بدأ الموسم الخامس من المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم بالحلقة 140 على قناة ATV التركية، بعد انتظار من الجمهور التركي والعربي.
المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم.
اقرأ أيضًا
«مسلسل تركي يزور تاريخ مصر» الملك فؤاد متزوج من بنت روتشليد
مَثَّل المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم نقلة في الأعمال التركية الخاصة بالأكشن، حيث خرج عن الأشياء المتعارف عليها كالبطل الهيرو، وأعطى للقصة أبعادًا كوميدية واجتماعية وسياسية دون مبالغة من خلال قصة رجل المافيا خضر شاكر بيلي الذي يجسده الفنان التركي «أوكتاي كاينارجا» ويستعرض حربه ضد المنظمات وتجارة السلاح.
اقرأ أيضًا
«الحق يا خضر» سر وجود إنشاد الصوفية في مسلسلات المافيا التركية
تم عرض الجزء الأول من المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم في 8 سبتمبر سنة 2015 م، بامتداد 40 حلقة ذات ساعتين لكل حلقة، فيما شمل الجزء الثاني 31 حلقة، بينما كان الجزء الثالث من 35 حلقة، وجاء الجزء الرابع في 32 حلقة.
في الحلقة 140 من المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم تم الكلام لأول مرة عن العرب والدولة العثمانية حيث ظهر رجل يمثل العرب في طاولة تجارة السلاح من دولة لبنان ويعادي خضر شاكر بيلي فيقوم الأخير بقتله لافتًا إلى أن عائلة القتيل كانت أول عائلة لبنانية تخون الدولة العثمانية.
اقرأ أيضًا
وفاة طارق أوغلو نموذجًا «كيف طوعت الدراما المصرية والتركية الموت فنيًا»
وانضم المسلسل التركي قطاع الطرق لن يحكموا العالم إلى قائمة الأعمال التي تنتجها أنقرة وتظهر إهانات واضحة للعرب، مثل مسلسل عبدالحميد الثاني الذي اتهم مصر بالخيانة، ومسلسل كوت العمارة الذي شوه الثورة العربية الكبرى، بالإضافة إلى مسلسل وادي الذئاب الذي أشار إلى أن مصر معقل الماسونية التي تهدد العالم.
لبنان والدولة العثمانية وحقيقة ما ذكرته الدراما التركية
بدأ تاريخ لبنان والدولة العثمانية مع العام 1516 حين سيطرت جيوش السلطان سليم الأول على لبنان وعلى المناطق الجبلية من سوريا وفلسطين، وتم تعيين الأمير الدرزي فخر الدين المعني الأول حاكمًا على تلك المناطق.
اتسم تاريخ لبنان والدولة العثمانية بالبشاعة حيث عم الخراب على كافة المدن اللبنانية بعد السيطرة العثمانية عليها وعلى رأسها بلدة صيدا التي وصفها المؤرخ أحمد عارف الزين في كتابه عنها بأنه مدينة الخراب والقرى الحقيرة.
لم تكن تعرف لبنان فكرة التقسيم السياسي حزبيًا إلا مع الدولة العثمانية وهو الذي يؤكده استيفان ونتر في كتابه عن لبنان تحت الحكم العثماني، حيث استعرض تاريخ لبنان والدولة العثمانية وأشار إلى أن الولاة العثمانيين عملوا بمبدأ فرق تسد من خلال بث روح العداء بين العائلات من خلال تقسميهم لأحزاب أبرزهم القيسية واليمنية، مع بث الخلاف بين السنة والدروز.
على الناحية الاقتصادية فإن تاريخ لبنان والدولة العثمانية في مسائل التجارة والأمن كان مأساويًا حيث قرر الأتراك ترك الساحل السوري لفرنسا وانجلترا بامتيازات خاصة لهم مع إهمال للطرق وفرض ضريبة على الأهالي ووقعت في منطقة إمارة الشوف واحدة من أبشع جرائم القتل والتصفية الجماعية شملت المسيحيين واليهود والدروز والمسلمين.
اقرأ أيضًا
“بموت أبيه و على دماء أخويه” هكذا وصل “سليم الأول” لحكم الدولة العثمانية
كان فخر الدين الأول رافضا للأوضاع اللبنانية في ظل حكم العثمانيين حتى قُتِل مسمومًا ليحل حفيده فخر الدين المعني الثاني بدلاً منه في الحكم.
بقيت لبنان على وضع مأساوي حتى حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني، والذي تمكن من فرض سيطرة سياسية على بلاده دون الرجوع للولاة وذلك بتقديم الرشوة لهم بينما تفرغ هو للنهوض بلبنان فأصلح طرقها وأدخل الطباعة فيها بالإضافة إلى بسط نفوذ علمي واقتصادي وعسكري أقلق السلطان في الآستانة.
كان وقع الظلم أشد على المسيحيين واليهود، إذ فرض الأتراك عليهم الجزية، وأجبروهم على ارتداء زي مخالف للمسلمين، ومنعوهم من الوظائف، أما الشيعة فلم يعترف الأتراك بهم كطائفة مستقلة.
وجهت الدولة العثمانية حملتين على فخر الدين الثاني بقيادة يوسف باشا ومراد القبوجي ففشلا في هزيمة فخر الدين الثاني فكانت الحملة الثالثة بقيادة أحمد حافظ باشا الذي عجز عن اقتحام الحصون فاتجه للقرى وقتل أكثر من 60 ألف قروي أعزل، لإجبار فخر الدين الثاني على الاستسلام وهو ما تم.
نُفِي الأمير فخر الدين الثاني 5 سنوات ثم عاد إلى لبنان ومع حكم السلطان مراد الرابع قرر الأخير إعدام فخر الثاني فتم شنقه داخل المسجد مع قطع رقاب أولاده وذبح زوجاته اللاتي حبسن في سجون دمشق كما توثق إسراء القعود في كتابها عن تاريخ لبنان والدولة العثمانية في ظل الأمير فخر الدين الثاني.
حكم العائلات في لبنان والدولة العثمانية
لم توثق الذاكرة اللبنانية أي خيانة من العائلات التي حكمت لبنان للدولة العثمانية، وإنما وثقت ثورات قاموا بها ضد الباب العالي الذي كان يستجيب لها بعزل الولاة، لكن الدولة العثمانية لجأت إلى الدول الغربية لتقديم المساعدة في استقرار لبنان.
اتفقت الدولة العثمانية على إقرار نظام اسمه المتصرفية وهو جعل جبل لبنان منفصلا عن بلاد الشام تحت حكم متصرف أجنبي مسيحي غير تركي تابع للدولة العثمانية وغير لبناني تعينه الدولة العثمانية بموافقة الدول الأوروبية العظمى الست «بريطانيا وفرنسا وبروسيا وروسيا والنمسا وإيطاليا» وظل هذا النظام السياسي حاكما من عام 1861 وحتى عام 1918 م.
قبل نهاية حكم المتصرفية العثماني وقعت حادثة جعلت كافة عائلات لبنان تنضم للثورة العربية الكبرى وهي مجاعة 1915 التي تعد أسوأ مجاعة في العالم العربي خلال القرن العشرين.
مع بدء الحرب العالمية الأولى تغير تاريخ لبنان والدولة العثمانية، حيث كان الحاكم الأوحد لكل بلاد الشام هو جمال باشا المشهور بالسفاح بسبب تلك المجاعة وما تلاها، حيث قرر الحاكم العسكري مصادرة المحاصيل الزراعية اللبنانية والشامية لتقديمها للجيش العثماني وحليفه الألماني، وفي نفس ذات الوقت بدأ الفلاحين في ترك الزراعة واللجوء للهرب من تجنيد العثمانيين لهم، واكتملت المأساة بظهور الجراد.
حصدت مجاعة 1915 م في لبنان 200 ألف شخص، فيما مات ثلث سكان جبل لبنان لولا تدخل السلطات المصرية حيث قامت مصر بتنظيم أكثر من 500 شحنة غذائية لبيروت، نجحت نصف الشحنات في الدخول والباقي لم يدخل للشعب اللبناني جراء الحصار الفرنسي على بيروت بعد سحق أسطول العثمانيين البحري.