الرئيسية » شائعات تاريخية » «حوار تخيلي نوستالجي» | الباشا غاضبًا من فيس بوك
حوار تخيلي نوستالجي - الباشا غاضباً من فيس بوك
حوار تخيلي نوستالجي - الباشا غاضباً من فيس بوك

«حوار تخيلي نوستالجي» | الباشا غاضبًا من فيس بوك

«هذا حوار تخيلي نوستالجي مستمد من كوميسكات فيس بوك
وهدفه الوحيد تاريخ ونوستالجيا؛ أجرى الحوار / وسيم عفيفي»

داخل غرفتي الزاهدة في الإضاءة والغنية بالبعثرة والمريحة بسبب موقعها، أجلس أمام جهازي وأناملي بين الكيبورد والسجائر التي صارت تلال أعقابها في سلة المهملات تتنافس في الظهور مع قشر اللب السوري، وأقوم بنهم في متابعة تراثيات وأتابع على مضض الصفحة الرئيسية لفيس بوك.

فُتِح الباب على حين غفلة ودون استئذان وجائني محمد علي باشا متشحاً بملابسه المتعارف عليها وعلى وجهه أمارات الغضب والاستياء.
نهضت ذعرًا وقبل أن أسأله قال:

ـــ إجلس .. إجلس أيها الوقح.
ـــ لم نتفق على هذا يا باشا، أنا آتيكم حيث أنتم لا العكس.
ـــ لكن حين يأتينا غيرك نزورك لنفهم.
ـــ غيري من ؟.
ـــ لقد أُرْهِقْتُ في مرقدي بسبب سيرتي.
ـــ فتأتي لمضجعي حتى تحاسبني على ما قيل عنك ؟!
ـــ لا .. ليس ما أرهقني كلام التاريخ وإنما هذا الشيء الذي تطالعه.

أجلس وأنا أرى فيس بوك وأبتسم ساخرًا لأقول:
ـــ آه .. تقصد كوميكسات الفيس بوك ؟.
ــ كوميسكات أو قالصونات أو كالسونات .. ما الذي يجري ؟.
ـــ سخرية المصريين يا باشا.
ـــ وما دخلها بي ؟.

أشرب سجارتي وأشرح له على استحياء:
ـــ هناك مقاول اسمه محمد علي هاجم رئيس مصر واتهمه بالنصب عليه، والرئيس رد وذكر قصور مصر في عهدك، والمتابعون للمقاول ظنوه المقصود.
ـــ ويقارنوه بي ؟!!!
ـــ نظامنا الحاكم عتيد يا باشا ومعارضوه يروا أن كل شخص اسمه محمد علي يكون شرسًا.
ـــ لم تجب على سؤالي هل قارنوه بي ؟.
ـــ إحم .. من حيث تشابه الأسماء طبعًا.

تتخلل أنامل الباشا في لحيته البيضاء الكثيفة ليقول مبتسمًا:
ـــ أليس هناك غيري بنفس الاسم ؟.
ــ يوجد طبعاً .. الملاكم محمد علي كلاي، الأمير محمد علي توفيق وصي العرش، محمد علي جناح أول رئيس لباكستان ومحمد علي بلال قائد الجيش المصري في حرب الخليج.
ـــ فلم الزج باسمي ؟.
ـــ أنت أكثرهم شهرة يا باشا ولك صلة قوية بمصر .. لا عليك إنها مجرد سخرية.
ـــ هذا فصل آخر من مساخر المصريين لا سخريتهم.
ـــ لا أفهم ؟.

يكفهر وجه الباشا بغضب هادئ ويسأل:
ـــ ما هي أعمار من يقومون بالكالسونات ؟.
ــ تقصد الكوميكسات يعني ما بين 20 لـ 40 عام.
ـــ فصيل من جيل الجهل يعني ؟.
ـــ لا يا باشا فيهم الواعي الناضج.
ـــ الشباب الآن والرجال حين يتكلمون عني يكون كلامهم سخيف وأجوف وأرعن.
ــ ما العلاقة ؟.

ينهض الباشا ويقول لي بحزن مفعم بالغضب:
ـــ نصف هؤلاء لا يعرفون الفرق بين علي بك الكبير المملوكي وبيني أنا محمد علي باشا، ليس هذا فحسب بل إن غالبية من يزورون قبري يسمون القلعة على اسمي ولا يعرفون أن لها اسم آخر، وحين يستدعون اسمي الآن يذكرونه في مسخرة أنت تسميها سخرية.
ـــ أتباعك والمصابون بحنينٍ لعهد أسرتك يقومون بالواجب.
ـــ هم أيضاً حمقى، لم أحترم في حياتي منافقاً أو جاهلاً وأنت تعرف هذا.
ـــ بلغني أنك سجنت بعض المنافقين لك كالضابط الذي صفع الطهطاوي.
يضرب الباشا كفاً على كف:
ـــ شخص اسمه على اسمي وهاجم رئيسكم، لم الزج باسمي؟.
ـــ يا باشا للمرة الثانية أقول لك هذه سخرية سخرية وليس تاريخ.
ـــ تستهين أنت بخطورة هذه السخرية ؟.
ـــ لا أرى فيها شيئاً.
ــ لكني أرى.
ــ ترى ماذا ؟.

يمضي الباشا إلى النافذة ويفتحها ويقف بجانبي:
ـــ سمعت ذات مرة بخبر كتاب نيكولو مكيافيلي المسمى بالأمير، لم يعجبني لكنه ألهمني فكرة مجلس المشورة، وهذا إنجاز سياسي ضخم، هل تعرف لماذا لم يفهمه شعب المحروسة وقتها وربما لا يتذكره إلا القلة ؟.
ـــ لا يا باشا لا أعرف.
ـــ استدعى المصريون سخريتهم القديمة من العثمانلية وبونابرت فأطلقوا نفس النكات الجوفاء عليّ، فقالوا عني ما قالوه في نابليون «علي كاكا» وقالوا في حكمي ما قالوه في العثمانلية «ارقص للقرد في دولته»، فغابت الحقائق مع السخرية، وهكذا يضيع التاريخ إما بالسخرية أو التزوير.

أصمت وأنا أطالع صراحته القادمة من نظراته ليقول لي مبتسماً:
ـــ من سيرته الآن أبقى ؟ أعمالي أم من سخر منها ؟
أهم بالإجابة لينهي هو الحوار:
ـــ البقاء لله.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*