تقرأ في هذا التقرير «تاريخ الفتوى الترنسفالية للشيخ محمد عبده، تفاصيل بلد ترانسفال، البرنيطة تأتي ضمن الجدل، موقف الفقه من الفتوى الترنسفالية»
كتب | وسيم عفيفي
كان الدين شبه غائب عن شمال شرق جنوب أفريقيا كان السكان القاطنين بين نهر ليمبوبو من الشمال والغرب من الحدود الزمبابوية وبوتسوانا ونهر فال من الجنوب، فقد خلت من وجود رجال دين خاصةً بعد وقوع المنطقة في الاحتلال البريطاني سنة 1877 م.
اقرأ أيضًا
«علماء الأزهر وروسيا» مشايخ غيروا موسكو قبل وبعد الاتحاد السوفيتي
وفي عام 1910 أصبحت ترانسفال جزء من جنوب أفريقيا، واعتبرت كمقاطعة حتى عام 1914 م، وإلى الآن ليس لها وجود بتلك الحدود وتعتبر هي ضمن مقاطعات غاوتنغ وليمبوبو ومبومالانغا وجزء من مقاطعة الغرب الشمالي.
3 أسئلة من ترانسفال تثير الجدل على الشيخ محمد عبده
في العام 1903 م سأل أهل ترانسفال 3 أسئلة كانت كفيلة بإثارة الجدل على الإمام محمد عبده حيث أنها تناولت لبس البرنيطة وجواز أكل المسلمين من ذبائح أهل الترنسفال.
على موقع الأعمال الكاملة لفتاوى دار الإفتاء جاء نص الطلب بـ 3 أسئلة هي «السؤال الأول: يوجد أفراد في بلاد الترنسفال تلبس البرانيط لقضاء مصالحهم، وعودة الفوائد عليهم، هل يجوز ذلك ؟، السؤال الثاني: إن ذبحهم مخالف لأنهم يضربون البقر بالبلط، وبعد ذلك يذبحون بغير تسمية والغنم يذبحونها من غير تسمية، هل يجوز ذلك؛ السؤال الثالث: إن الشافعية يصلون خلف الحنفية دون تسمية، ويصلون خلفهم العيدين، ومن المعلوم أن هناك خلافًا بين الشافعية والحنفية في فرضية التسمية، وفي تكبيرات العيدين فهل تجوز صلاة كل خلف الآخر؟».
كانت إجابة الشيخ محمد عبده «أما لبس البرنيطة إذا لم يقصد فاعله الخروج من الإسلام والدخول في دين غيره فلا يعد مكفرا، وإذا كان اللبس لحاجة من حجب شمس أو دفع مكروه أو تيسير مصلحة لم يكره كذلك لزوال معنى التشبه بالمرة».
وتابع الشيخ محمد عبده «أما الذبائح فالذي أراه أن يأخذ المسلمون في تلك الأطراف بنص كتاب اللّه تعالى في قوله “وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ”، وأن يعولوا على ما قاله الإمام الجليل أبو بكر العربى المالكي من أن المدار على أن يكون ما يذبح مأكول أهل الكتاب قسيسهم وعامتهم ويعد طعاما لهم كافة».
وواصل الشيخ محمد عبده كلامه في الفتوى الترنسفالية «فمتى كانت العادة عندهم إزهاق روح الحيوان بأى طريقة كانت وكان يأكل منه بعد الذبح رؤساء دينهم ساغ للمسلم أكله لأنه يقال له طعام أهل الكتاب ولقد كان النصارى في زمن النبى عليه الصلاة والسلام على مثل حالهم اليوم ، خصوصا ونصارى الترنسفال من أشد النصارى تعصبا في دينهم وتمسكهم بكتبهم الدينية، فكل ما يكون من الذبيحة يعد طعام أهل الكتاب متى كان الذبح جاريا على عادتهم المسلمة عند رؤساء دينهم ومجىء الآية الكريمة ” الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ”، بعد آية تحريم الميتة وما أهل لغير اللّه به بمنزلة دفع ما يتوهم من تحريم طعام أهل الكتاب، لأنهم يعتقدون بألوهية عيسى وكانوا كذلك كافة في عهده عليه الصلاة والسلام إلا من أسلم منهم، ولفظ أهل الكتاب مطلق لا يصح أن يحمل على هذا القليل النادر، فإذن تكون الآية كالصريحة في حل طعامهم مطلقا، متى كانوا يعتقدونه حلا في دينهم دفعا للحرج في معاشرتهم ومعاملتهم».
واختتم الشيخ محمد عبده الفتوى الترنسفالية بقوله «أما صلاة الشافعى خلف الحنفي فلا ريب عندى في صحتها، مادامت صلاة الحنفي صحيحة على مذهبة فإن دين الإسلام واحد وعلى الشافعي المأمون أن يعرف أن أمامه مسلم صحيح الصلاة بدون تعصب منه لإمامه، ومن طلب غير ذلك فقد عد الإسلام أديانا لا دينا واحدا، وهو مما لا يسوغ لعاقل أن يرمى إليه بين مسلمين قليلى العدد في أرض كل أهلها من غير المسلمين».
تأثير الفتوى الترنسفالية في مصر
في كتابه محاورات الإسلاميون و أسئلة النهضة المعاقة، كشف نواف القديمي عن أصداء تلك الفتوى قائلاً «اشتهرت هذه الفتوى وسببت بعض الجدل، فقد قيل أن سماح محمد عبده بلبس البرنيطة هي بمثابة التشبه بالكفار ورأى آخرون أنه نوع من الإنكسار، وحول مسألة أكل المسلمين من ذبائح اليهود والنصارى، سببت الفتوى أيضا بعض الإنتقادات، ورد على هذه الإنتقادات بعض علماء الأزهر وأطنبوا فيها، وجمع عبد الحميد حمروش البحراوي بعض ما جاء به علماء الأزهر ووضعها في رسالة بإسم “إرشاد الأمة الإسلامية إلى أقوال الأئمة في الفتوى الترنسفالية”».