الرئيسية » تراثيات شوارع ومقابر » تاريخ قصر محمد علي في شبرا «بناه لإنقاذ عرضه ودفن به أحياء»
قصر محمد علي في شبرا
قصر محمد علي في شبرا

تاريخ قصر محمد علي في شبرا «بناه لإنقاذ عرضه ودفن به أحياء»

تقرأ في هذا التقرير « تاريخ قصر محمد علي في شبرا وأخطاء مشهورة عنه، عرض الباشا الذي كان في خطر .. فتش عن الأزبكية، عربون خدعة بدفن الناس أحياء»

كتب | وسيم عفيفي

أعلنت وزارة الأثار المصرية عن افتتاح قصر محمد علي باشا يوم 30 يونيو عام 2020 م، وذلك ضمن الخطة التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي لترميم الأماكن الأثرية؛ ومع إعلان ترميم القصر بدأ الضوء يلقى عليه وعلى تاريخه.

أخطاء مشهورة عن تاريخ قصر محمد علي في شبرا

قصر محمد علي في شبرا

قصر محمد علي في شبرا

اهتمت وسائل الإعلام المختلفة بسرد تاريخ قصر محمد علي في شبرا لكنها وقعت في أخطاء تاريخية، حيث ذكرت أن القصر تم بناءه 1809 م، لكن الصحيح هو أن بناء القصر تم التجهيز له والتفكير فيه عام 1803 م من قبل أن يكون محمد علي والياً على مصر ثم تم بناءه عام 1809

اقرأ أيضاً 
رؤساء مصر ومؤتمرات الشباب في أرقام «هذا اختلاف السيسي عنهم»

وذكرت وسائل الإعلام خطأً آخر حيث قالت أن مؤسس القصر هو ذو الفقار كتخدا، بينما الصحيح خلاف ذلك، حيث أن بانيه هو المعماري الفرنسي باسكال كوست، أما ذو الفقار كتخدا فمات قبل قدوم الباشا بأكثر من 200 سنة، بينما ذو الفقار كتخدا الذي شهد عصر الباشا فهو ذو الفقار كتخدا المتولي ولم يكن له دخل بالعمارة؛

اقرأ أيضاً 
تاريخ صاحب مقام مسجد محور المحمودية «تنبأ بقرار السيسي من 50 سنة»

وحددت وسائل الإعلام المختلفة سببا حول بناء قصر محمد علي في شبرا حيث ذكرت أن علة تأسيسه هو اهتمام الباشا بالعمران، وهذا متناقض مع حقائق التاريخ حيث أن الظروف السياسية كانت تمنع محمد علي باشا من أن يبدأ بالعمران ضمن مشروعه في تلك الفترة المحفوفة بمخاطر داخلية وخارجية، والصحيح أن هناك سبباً آخر وغريب لتشييد القصر.

المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي

المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي

بالرجوع إلى قائمة الأماكن والعناوين في كتاب الجبرتي الجزء الرابع الذي بدأ من عام 1807 وانتهى إلى عام 1821 نجد أن كلمة شبرا ذُكِرَت 28 مرة، أما كلمة قصر شبرا ذُكِرت 13 مرة، وفي الـ 41 مرة لم يتم التطرق إلى سبب بناء القصر.

اقرأ أيضاً 
«تاريخ لاظوغلي» الجانب غير المروي من قصة رجل الباشا الوفي

وفي الجزء الثالث من نفس الكتاب الذي يتناول تاريخ مصر من عام 1798 م حتى عام 1806 م ذُكِرت كلمة شبرا 9 مرات موزعين على الحملة الفرنسية بـ 5 مواضع بينما ما بعد الحملة في 4 مواضع، ولم تأتي سيرة قصر شبرا في أيٍ من المرات التسعة.

من رسومات المستشرقين عن شبرا

من رسومات المستشرقين عن شبرا

غير أن هناك إشارة لبناء قصر شبرا حين تم التطرق مرتين أولهما في الجزء الثالث حين جاء ذكر اسم جزيرة بدران «وهي شبرا مصر»، تلك المنطقة التي شهدت ميلاد فكرة بناء القصر عام 1803 م؛ أما ثانيهما فكانت شبرا المكاسة «شبرا الخيمة» التي أنشأه بها الباشا قصره بعدها بسنوات؛ وكان الباشا يريد أن يجعل من جزيرة بدران والمكاسة طريقاً لقصره.

تاريخ قصر محمد علي في شبرا والفكرة تبدأ من الأزبكية

قصر محمد علي باشا في شبرا عام 1954 م

قصر محمد علي باشا في شبرا عام 1954 م

في العام 1801 م وبالقرب من الإسكندرية كانت دانات المدافع تدوي حاضرة الإسكندر إعلاناً برحيل الحملة الفرنسية عن مصر وبالتوازي مع ذلك أطلق الحظ ضربته في تاريخ محمد علي نائب قائد قائد الكتيبة الألبانية القادمة من قولة بتكليف من الدولة العثمانية للإشراف على جلاء الحملة الفرنسية، حيث قرر القائد أن يرحل إلى بلدته فصعد محمد علي درجة في سلم المجد إذ تولى هو القيادة بعد أن كان نائباً.

من سفن الحملة الفرنسية

من سفن الحملة الفرنسية

خرجت الحملة الفرنسية ودخلت مصر دوامة من الفوضى حيث انتشرت أعمال السلب والنهب من الجنود الذين أتوا لمصر لتأمينها، لكن محمد علي وجنده لم يتورطوا في أعمال السرقة تلك.

منزل الأزبكية

منزل الأزبكية

منذ اليوم الأول سكن محمد علي باشا في بيت الأزبكية الذي أسسه الشيخ إبراهيم سعودي إسكندر من فقهاء الحنفية ثم اشتراه الأمير أحمد أغا شويكار وبعد ذلك باعه لمحمد بك الألفي والذي هرب بعد دخول الفرنسيين لمصر فسكنه نابليون ومن بعده كليبر الذي قُتِل فيه ثم الجنرال مينو ليرحل ويحل بدلا منه محمد علي قائد الكتيبة الألبانية ويقوم بتوسعة ضخمة لذلك البيت.

اقرأ أيضاً
ضريح الحسين بالذهب في مصر «لأول مرة منذ عهد محمد علي باشا»

مرت 3 سنوات حتى حل يوم عاشوراء من عام 1218 هجري الموافق 2 مايو عام 1803 م ولم يحتفل المصريون بالمولد الحسيني فحدثت أكبر عمليات سلب ونهب من العساكر الأرناؤود «وهم من نفس بلد محمد علي باشا»، وكانوا يتوقعون من قائد الألبان أن يشارك بجنده معهم لكنه لم يفعل فقرروا الهجوم على منزله إن لم يقبل مشاركتهم في نهب المصريين.

قصر محمد علي في الأزبكية

قصر محمد علي في الأزبكية

حوصر محمد علي باشا في منزله بالأزبكية ومُنِع عنه الطعام لدرجة أنه تعشى بالقسماط وطلب من الأقباط إمداده بالطعام فساعدوه لكن الأرناؤود أمسكوا بهم فضربوهم ونهبوا بيت المعلم جرجس الجوهري وعقدوا العزم على مهاجمة محمد علي وقتله ثم سبي نساءه وحرق البيت؛ وقبل تحركهم تمكن الأخير من إنزال حريمه وكان عددهن 17 امرأة وركبوا إلى جزيرة بدران في شبرا مصر؛ وهناك افتتن محمد علي باشا بجمال شبرا فقرر أن يؤسس له قصر هناك كان هو النواة لقصره الحالي.

ثأر وعربون خدعة داخل تاريخ قصر محمد علي في شبرا 

قصر شبرا زمن محمد علي باشا

قصر شبرا زمن محمد علي باشا

اتسم شهر مايو بأنه رمز النحس وتميمة الحظ في مسيرة محمد علي باشا، فمايو عام 1803 كاد أن يقتل في مصر بينما في مايو 1805 تولى عرش حكمها، وفي 4 سنوات تمكن من ضرب كبرياء تركيا مرتين أولها عبر تعيينه بثورة وثانيها في انتصاره على الإنجليز، ثم تفرغ للزعامة الشعبية فاستئصل شأفتها وبدأ في التخطيط لسحق المماليك، لكن بقي ثأره مع الأرناؤود غير منسي جنباً إلى جنب مع جمال شبرا.

سقف الحجرة الشرقية البحرية في قصر شبرا

سقف الحجرة الشرقية البحرية في قصر شبرا

لم ينصرف الأرناؤود من مصر بعد وصول محمد علي باشا لحكمها، حيث أن الأخير تودد لهم وأحسن إليهم فظنوا أنه يريدهم نواةً لجيشه لكن الحقيقة أن محمد علي باشا قرر أن يبني قصره على جماجمهم ثأراً لهجوم مايو 1803 على منزله بالأزبكية، وأدت نجاحاته إلى ضيق الأرناؤود منه فتمردوا عليه ليلقي القبض على عدد منهم وبدلا من سجنهم أجبرهم على المشاركة في بناء قصر شبرا.

باسكال كوست روي

باسكال كوست روي

يذكر المؤرخ حسن عبد الوهاب عن تاريخ قصر محمد علي في شبرا أن دروفتي «قنصل فرنسا في مصر» هو مصمم القصر، لكن يكشف باسكال كوست روي «المعماري الفرنسي» خلال مذكراته أنه هو مؤسس قصر شبرا بناءا على طلب من محمد علي لأنه كان يريد تأسيس قصر على النسق الأوروبي مع لمحة عثمانية لإعجابه بقصر طوب قابي في تركيا.

قصر محمد على باشا في شبرا

قصر محمد على باشا في شبرا

يكشف كتاب قصور وتحف من محمد علي إلى الفارق الذي كتبه محمود محمد الجوهري أن محمد علي باشا أعطى تعليمات بتصنيف العمال والبنائين إلى نوعين، أولهما «الأُجَرِيَّة» وكانوا يعملون بالسخرة ومات الكثير منهم أثناء العمل، أما ثانيهما فكانوا من المتمردين الأرناؤود والذين رفضوا استكمال العمل فكلف الباشا رؤساءهم بحفر قبور لهم في القصر ودفنهم أحياء.

محمد علي باشا داخل قصر شبرا - رسم باسكال كوست

محمد علي باشا داخل قصر شبرا – رسم باسكال كوست

تميز تاريخ قصر محمد علي في شبرا بابتعاده عن زمام العاصمة والقلعة وظن الكثيرون أن تشييده بالنسق الأورو/عثماني لوجاهة السلطة غير أن محمد علي باشا قدم هذا القصر ليكون عربون خدعة وإيصال رسالة لثنائي العداء معه «تركيا وأوروبا»، وهو أنه متأثر بهم ويقتدي بفنونهم وذلك اتقاءاً لبطشهم وهو ما نجح فيه بعد مذبحة المماليك حتى تفرغ لهم فضرب الدولة العثمانية ثم وضعت معاهدة لندن لتحجيم توسعه فجعلت حكم مصر فيه وفي أولاده وأحفاده حتى قامت ثورة 23 يوليو فصاروا تاريخاً مثل القصر.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*