تقرأ في هذا التقرير « تاريخ علي جمعة مع مشيخة الأزهر، الإعلام وعلي جمعة، الأخطر على تراث علي جمعة، شائعات حول علي جمعة»
كتب | وسيم عفيفي
«الناس موتى وأهل العلم أحياء»
تقال هذه الجملة حينما تحل ذكرى وفاة عالم، وأحياناً تقال على عالم حي من باب إكرام علمه؛ لكن مع الشيخ علي جمعة فالوضع مختلف، فحالة الشيخ علي جمعة ينطبق عليها القول «دفنوه وهو حي».
الهاء هنا ضمير يعود لـ 3 جهات من مصلحتها أن تدفن علي جمعة كعالم صاحب مدرسة أزهري قيادي وتُبْرز لنا علي جمعة باعتباره صاحب مقولات، «إضرب في المليان، إليزابيث من آل البيت، الولي بيكركر شيشة وبيزني، عبدالحليم غنى للنبي أبو عيون جريئة، ناس نتنة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه» وغير هذه الجمل التي سيقت في غير سياقها.
الجانب المجهول من شخصية الشيخ علي جمعة صاحب مدرسة الإصلاح بعشق آل البيت وتراث المشايخ الصوفية، دخل العلم من باب الخدمة لا الكِبْر.
مشيخة الأزهر .. شوكة في ظهر علي جمعة قدم لها الورود
العلاقة بين الشيخ أحمد الطيب والشيخ علي جمعة دراماتيكية للغاية، فالطيب تولى منصب مفتي الديار ليخلفه علي جمعة في منصبه؛ ويبقى الطيب على رأس المؤسسة الأزهرية في عام 2010 م ، ليشهد معه علي جمعة 4 سنوات كانت الأخطر في تاريخ مصر، وظلت وستظل فارقةً في تاريخ الأزهر.
يتبنى الشيخ علي جمعة مدرسة «الإصلاح بتراث المشايخ الصوفية دون هوادة»، بينما يتولى أحمد الطيب مدرسة الإصلاح بالصمت دون حرج، وتجلى هذا واضحاً في أول موقف بين الشيخين عندما توجه الشيخ علي جمعة إلى المسجد الأقصى مصلياً وزائراً في 18 إبريل لعام 2012 م.
جاءت زيارة جمعة للأقصى دون صفة رسمية فلا ذهب باعتباره مفتياً ولا ذهب بصفته رئيس جهة تتبع مشيخة الأزهر، ولكنه ذهب بصفته الشخصية وذلك تصرف أدانه الطيب نفسه في اجتماع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في اليوم التالي لزيارة جمعة إلى الأقصى، فضلا عن مهاجمة البرلمان لتلك الزيارة، وقيام قيادات الإخوان بالتظاهر أمام دار الإفتاء.
يفاجئ الشيخ علي جمعة الجميع بتقصيرهم في حق القضية الفلسطينية، فالإخوان ينادون دوماً بـ «على القدس رايحين شهداء بالملايين»، والليبراليون يغنون «مدينة الصلاة» لفيروز، بينما هو ترك الغناء على الأطلال ورفض الظهور في شعارات وقرر أن يُحْيي ذكرى القدس في نفوسنا بعد أن أخْتُزِلَت ونُسِيّت وظلت مقترنة بـ«فتح معبر رفح» .
تُرِك علي جمعة وحده دون ظهير إداري من مشيخة الأزهر في معركته مع السلفيين أثناء قيامهم بهدم الأضرحة منتصف عام 2011 م ، ليخوض صراعاً إعلامياً وقضائياً عنيفاً مع أحد أكبر الرؤؤس السلفية في مصر وهو أبو إسحاق الحويني على خلفية سب الحويني لجمعة والزي الأزهري.
الإعلام وعلي جمعة وبينهما ماركة «اللي تكسب به إلعب به»
بإختراع الإنترنت وتحديداً دخول «المواقع الإلكترونية الإخبارية» عالم الصحافة والإعلام، بدأت بداية النهاية للصحافة الورقية كجرائد ومجلات ، كذلك كموادٍ مصورة، فاليوتيوب طغى في التأثير على التلفزيون، كذلك مواقع الكتب ضرب قلب المكتبات والمبيعات بخناجر التحميل بـ Pdf ، الخلاصة طرق الزمن الماضي في تعليم الناس ثقافياً بدأت تنتهي.
مع شخصية كعلي جمعة أدرك مبكراً لهذا الموضوع وقبل ظهور المواقع الإخبارية، فدار الإفتاء التي تولى رئاستها علي جمعة نُسِف وضعها القديم على يديه، فبدلاً من اهتمامها بالرضاع والطلاق والميراث، أدخلها علي جمعة في أمور الدنيا والدين والعادات والعبادات وفق ما توارثه مشايخ الصوفية لكن ليست بطريقة القديم وإنما بطريقة الحديث، فحولها من مجرد مكتب إلى مقر مستقل بذاته، وغَيّر نمط وصولها، فبدلاً من أخذ بعض فتاويها على المجلات والجرائد، جعل لها موقعاً إلكترونياً به كل ما يتعلق بالفتوى وتاريخها ومسائل الدنيا أيضاً.
عالم الإلكترونيات الصحفية لا يعتمد على المبيعات مثل الصحف الورقية، بل يعتمد على «الترافيك» من أجل الإعلانات، ولأن علي جمعة يقدم محتوى في وجه نظر عموم الناس كلاماً غريباً يُساق كلامه في مانشيت معنون ومثير للغاية يجبر من يكره علي جمعة على الدخول على الموضوع لتعزيز غريزة سب وشتم علي جمعة.
اقرأ أيضاً
«قبل مبادرة 2019» مواقف تخلت فيها جماعة الإخوان عن شبابها
في نفس ذات الوقت يُجْبَر من يحب علي جمعة على الدخول للموضوع من أجل مشاركته أو بلغة الفيس تشييره، كل هذا يستعمله الإعلام من أجل نفسه وليس من أجل علي جمعة ولا حتى العلم.
اقرأ أيضاً
«الشعراوي والإخوان» ثنائية رسمها العداء ولم تعرف الالتئام حتى الموت
كان علي جمعة قليل الظهور إعلامياً وهذا لن يُصدق، فعلي جمعة ليس له إلا برنامجين هما «المتشددون» على التلفزيون المصري ، و«الله أعلم» على CBC، وله برامج في قناة «الإرث النبوي»، بالإضافة إلى تحويل قناة الناس من سلفية إلى صوفية.
أكبر دليل على أن علي جمعة ليس له في «هري الإعلام» أن برنامج «أسرار من تحت الكوبري» للإعلامي طوني خليفة أذاع حلقة كاملة عن فتاويه في الثالث من نوفمبر عام 2014 م واستضاف طوني خليفة شيخين لا هما من مدرسة علي جمعة ولا حتى تلامذته وهما محمد عبدالله نصر الشهير بـميزو والشيخ حسن الجنايني؛ بل والأغرب أن المُتَكلّم عنه عبر ساعةٍ كاملة في الحلقة وهو علي جمعة لم يجري مداخلة هاتفية.
علي جمعة أمام علي جمعة .. الحقيقة والأكذوبة
شائعات وحقائق يمكن أن تتسم بها مسيرة الشيخ علي جمعة لعل أبرزها ما يلي:
أ ـ علي جمعة محب لآل البيت والمشايخ ، لكنه رافضاً للتشيع وعلماءه.
معلومة كهذه يمكن لك أن تستغربها، فالصوفية والشيعة بينهما شعرة ، لكن علي جمعة لم يقطعها مثل غيره، يدلل على ذلك كلمته في الندوة التي كانت عن التقارب بين السنة والشيعة في 18 أكتوبر سنة 2012 م، حيث فنّد كل العوار الذي يتسم به الشيعة ورد عليه وكأنه تلميذ من تلامذة محمد بن عبدالوهاب.
ب – علي جمعة خفيف الظل لكنه ليس سليط اللسان
بعض الصوفية ذوي الحمية الأشعرية عندهم أسلوب عنيف في مهاجمة الوهابيين، فمثلاً هناك صوفية يرمون محمد بن عبدالوهاب وابن تيمية بالتخلف وتارة أخرى بالزندقة؛ لكن لم يثبت حتى الآن على علي جمعة أن قام بتكفير أو تفسيق أيٍ من الوهابيين.
والهجوم على الشيخ علي جمعة ، أثار استياء وقلق من بينهم وبين مؤيدي الشيخ علي جمعة خلافات سياسية شديدة؛ فالناشطة السياسية نوارة نجم قالت في تدوينة لها عبر صفحتيها الشخصيتين في “فيس بوك” و “تويتر” في 23 سبتمبر عام 2013 ، تعليقاً للإخوان الذين هاجموا علي جمعة في جامعة القاهرة ، حيث قالت نصاً «والله الكلام ده نصيحة للإخوان مش زعل على علي جمعة ، ما تخافش من الرصاص ولا الاعتقال، بس خاف من زعل واحد ربنا يزعل له، على جمعة حسبن على الأخوان، ودي اول مرة اسمعه بيحسبن على حد… يالا اهو نصيبهم، الله يرحمهم بقى».
وأضافت «والله انا اكتر من مرة اختلفت مع علي جمعة عمري ما اتجرأت اشتمه، عشان باحترم نفسيتي وما احبش اتئذي».
ج ـ حقيقة فيديو الجاتوه
آخر ما تم تداوله من شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو للشيخ علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق، معلقًا على غلاء الأسعار، ويزعم ناشر الفيديو أن الشيخ قال للناس: لو مفيش لحمة كلوا جاتوه.
ونشرت الصفحة الرسمية للدكتور علي جمعة، فيديو يوضح حقيقة التصريح المتداول، وذكرت أن الفيديو مجتزأ من حلقة أذيعت في مايو 2017، وفيه قص ولزق.
ويوضح أصل الفيديو أن علي جمعة، كان يعلق على تقرير عن الغلاء، ونصح المشاهدين بعدم الإسراف وعلمهم كيف يواجهون جشع التجار بخُلق إسلامي أصيل وارد أصله عن كبار سلف الأمة، وأن أبونعيم روى في الحلية عن بعض أصحابه قيل لإبراهيم بن أدهم إن اللحم غلا قال فارخصوه أي لا تشترو” وروي مثله عن علي بن أبي طالب سيف الله الصارم على رقاب الخوارج الأُول سلف جماعة الإخوان وأذيالهم.
وفي جزء آخر من الحلقة يتحدث جمعة، عن السعرات التي يحتاجها جسم الإنسان، مطالبهم بعدم الإسراف، وموضحًا أن الإنسان إذا أكل قطعتين جاتوه، لن يتمكن من أكل شيء آخر، وإلا سيكون استهلك سعرات أكثر مما يحتاج إليها.