الرئيسية » حكاوي زمان » «فقط في مصر» حين تزامنت رأس السنة المصرية مع بداية العام الهجري
معبد مصري - المسجد النبوي
معبد مصري - المسجد النبوي

«فقط في مصر» حين تزامنت رأس السنة المصرية مع بداية العام الهجري

تقرأ في هذا التقرير «تاريخ رأس السنة المصرية وعلاقته بتقويم العالم، تاريخ التوثيق الهجري، الرسول لم يهاجر في محرم، شهور رأس السنة المصرية»

كتب | وسيم عفيفي

من الصعب جدًا أن تجتمع الأحداث التاريخية في يوم واحد لكن كسرت مصر هذه القاعدة يوم 11 سبتمبر 2018 م حين تزامنت ليلة رأس السنة الهجرية 1440 مع مع بداية رأس السنة المصرية 6260 وفق التقويم الشمسي؛ وربما لا توجد دولة فيها حضارة مثل مصر يحدث فيها تجمع النقيضين على حدٍ سواء.

حكاية التقويم الهجري .. الرسول لم يهاجر في المحرم

غار ثور

غار ثور

لم تكن الهجرة النبوية في يوم واحد كما أنها لم تحدث في شهر محرم أصلاً، فقد بدأ مسار الهجرة النبوية يوم ليلة الجمعة 27 صفر عندما غادر الرسول صلى الله عليه وسلم مكة ومكث ثلاثة أيام في غار ثور بالقرب من مكة.

قمة الجبل الذي فيه غار ثور

قمة الجبل الذي فيه غار ثور

وفي الأول من شهر ربيع الأول ترك الرسول صلى الله عليه وسلم غار ثور واتجه إلى يثرب «المدينة المنورة ـ حاليًا»، وبعد أسبوع وصل إلى قباء ثم دخل المدينة المنورة يوم 12 ربيع، وبالتالي فلا توجد علاقة بالهجرة النبوية وغرة السنة الهجرية.

غار ثور

غار ثور

كان شهر المحرم عند العرب كما يقول بن منظور «مُؤْتَمِر أو المُؤْتَمِر اسم شهر مُحَرَّم في الجاهلية، وهو الشهر الأوّل من شهور السنة في الجاهلية»، ولم يعرف المسلمين فكرة التأريخ قبل عصر الفاروق الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى جاء رجلاً له وقال «أرخوا» فسأل عمر بن الخطاب عن المعنى فأجاب الرجل بقوله «شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر: حسن، فأرّخوا».

جبل ثور

جبل ثور

استقرت الفكرة في أنفس المسلمين لكنهم وقعوا في حيرة من حيث أي شهر يختاروا بداية السنة الخاصة بهم، فقالوا من شهر رمضان للقدسية التي يتسم بها الشهر الفضيل، لكنهم استقروا على شهر المحرم ليكون بداية السنة نظراً لأنه يأتي عقب انتهاء موسم الحج.

مقام النبي - مقام عمر

مقام النبي – مقام عمر

تحمس الفاروق عمر بن الخطاب لفكرة التأريخ خاصة عندما راسله أبو موسى الأشعري يقول له “يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم «أرخ بالهجرة» وبعضهم طلب أن يكون التأريخ بشهر رمضان، فقال عمر: «الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها».

اقرأ أيضًا
الفرق بين رأس السنة الهجرية و تاريخ الهجرة النبوية

ويذكر بن جرير الطبري أن علي بن أبي طالب وآخرون طالبوا أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث، فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة الرسول وأرخوا من أول تلك السنة من محرمها، لأن شهر المحرم يأتي بعد موسم الحج.

التأريخ المصري .. أقدم تقويم في التاريخ

شهور السنة المصرية

شهور السنة المصرية

تأسس التقويم المصري على يد قدماء المصريين وكانت الحسابات تجري وفق دوران الشمس على أن يتم تقسيم السنة إلى ثلاثة عشر شهراً، ورغم سلسلة التغيرات التي طالته فيما بعد لكنه هو الأدق إلى الآن بسبب ظروف الجو فضلاً عن مواسم الزراعة المختلفة.

رسمة شهور السنة المصرية

رسمة شهور السنة المصرية

كان الظهور الأول للتقويم المصري سنة 4241 قبل الميلاد حين نجح قدماء المصريين في رصد «نجم الشعرى» والشروق الاحتراقي للنجم بالإضافة إلى شروق الشمس مع قدوم فيضان النيل، وتمكنوا من احتساب ثم المدة بين كل ظهورين حتى وصلوا إلى عدد أيام السنة، وقسموا السنة إلى ثلاثة فصول كبيرة، هي: الفيضان والبذار والحصاد.

الزراعة في مصر القديمة

الزراعة في مصر القديمة

تم تقسيم السنة إلى 12 شهر بـ 30 يوم أما الـ 5 أيام وربع الباقية فجعلوها شهراً سموه الصغير، وصارت السنة المصرية 365 يومًا في السنة البسيطة و366 يومًا في السنة الكبيسة، وقد احترم الفلاح المصري هذا التقويم نظرًا لمطابقته للمواسم الزراعية ولا يزال يتبعه إلى اليوم.

لم يسمي قدماء المصريون شهور السنة على أسماء، بل اكتفوا بالتسمية الرقمية، حتى جاءت الأسرة الـ 26 وتم إطلاق اسم على كل شهر.

تغيرات رأس السنة المصرية وأسماء شهورها

شهور السنة المصرية

شهور السنة المصرية

تغيرات كثيرة تعرض لها التقويم المصري لعل أبرزها ما كان سنة 238 قبل الميلاد حيث قرر بطليموس الثالث تغييره لولا وقوف الكهنة، حتى جاء العام الخامس والعشرين قبل الميلاد وقرر الإمبراطور أغسطس تغيير التقويم المصري من أجل أن يتزامن مع التقويم اليولياني وظل هذا التغيير الأغسطسي مستمراً حتى ظهر التقويم القبطي المعمول به عند الأرثوذوكس رغم الاختلافات بينهما.

ويوثق الدكتور إسحاق عبيد في كتابه حكمة المصريين أسماء تلك الشهور المصرية ومعانيها، فشهر توت مشتق من اسم الإله تحوت، إله المعارف ومخترع الكتابة، وفي هذا الشهر كان يعم ماء النيل أراضى مصر وتطلق التقاوي من الغلال لزراعة الأراضي، وفيه توجد أنواع متعددة من المحاصيل مثل: الرومان والزيتون والقطن والسفرجل، ويقولون في الأمثال أزرع ولا أفوت.

التقويم المصري على ورق بردي

التقويم المصري على ورق بردي

أما شهر بابة فهو مشتق من اسم الإله بيتبدت، إله الزرع وفيه يخضر وجه الأرض بالمزروعات، ومن محاصيل هذا الشهر، التمر والزبيب والقلقاس، ويقولون في الأمثال «إن صح زرع بابة غلب القوم النهابة»، وشهر هاتور مشتق من اسم الإلهة حتحور إلهة الحب والجمال، وفي هذا الشهر يتجمل وجه الأرض بجمال الزراعة، لذلك يقولون «هاتور أبو الذهب المنثور».

أما كيهك فهو مخصص للمعبود كاهاكا، أي عجل أبيس المقدس، وفي هذا الشهر يزرع الخيار بعد إغراق أرضه، وفيه يتكامل بذر القمح والشعير والبرسيم؛ ويقولون في الأمثال «كيهك صباحك مساك، تقوم من فطورك تحضر عشاك»، وذلك نسبة إلى قِصَر اليوم في هذا الشهر.

تصور شكل الزراعة في مصر القديمة

تصور شكل الزراعة في مصر القديمة

بينما جاء اسم شهر طوبة ليكون مخصصاً للمعبود إمسو، وفي هذا الشهر تسقى أراضى القلقاس والقصب، ويظهر الفول الأخضر والنبق؛ ويقولون في الأمثال «طوبة تخلى الصبية كركوبة من البرد والرطوبة».

أما أمشير فهو مأخوذ من إله الزوابع منتو، ويقولون في الأمثال «أمشير أبو الطبل الكبير والزعابيب والعواصف الكثير»؛ بينما ينسب اسم شهر برمهات إلى الإله بامونت إله الحرارة؛ وفي هذا الشهر تزهر الأشجار ويكون اللبن الرائب أطيب شهور السنة، ويقال في الأمثال «برمهات روح الغيط وهات».

أما برمودة فهو مخصص للإله رينو إله الرياح القارصة، وفي هذا الشهر يكثر الورد ويزرع الخيار والملوخية ويقطف أوائل عسل النحل؛ ويقولون في الأمثال «في برمودة دق بالعمودة»، بينما خصص شهر بشنس للإله خنسو إله القمر، وفي هذا الشهر يبدأ ظهور البطيخ والمشمس والخوخ ويجنى الورد الأبيض؛ ويقولون في الأمثال «بشنس يكنس الغيط كنس».

الزراعة على جدران المعابد

الزراعة على جدران المعابد

أما اسم بؤونة فهو منتسب للإله خنتى إله المعادن، وفي هذا الشهر يكثر ظهور الخوخ والمشمش ويطيب التوت الأسود؛ ويقولون «بؤونة تكثر فيه الحرارة الملعونة»؛ أما الشهر القبل الأخير أبيب فهو ينسب إلى هوبا إله الفرح وقيل هابى إله النيل، وفي هذا الشهر يكثر العنب ويطيب التين وتكثر الكمثرى ويقطف بقايا عسل النحل؛ ويقولون «أبيب طباخ العنب والزبيب».

أما شهر مسرى فمعناه ابن الشمس لأنه مخصص لولادة الشمس، وفي هذا الشهر يظهر الموز والليمون التفاح والرمان؛ ويقولون في الأمثال «مسرى تجرى فيها كل ترعة عسرة».

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*