تقرأ في هذا التقرير « بابوات الكنيسة القبطية مع المسلمين، البابا كيرلس يحفظ الإنجيل على يد الشيخ في الكُتَّاب، سر الأخ من الرضاعة للبابا شنودة .. ديانته مسلم، الفحام وشائعة».
كتب | وسيم عفيفي
قبل 1958 سنة بدأ عمر منصب «بابا الإسكندرية» مع القديس مارمرقس الذي كان أول بطريرك في مصر حتى وصل عدد بابوات الكنيسة القبطية 118 بطرك.
اقرأ أيضًا
«بعد إعلان الفيل الأزرق 2» تاريخ الألحان القبطية .. أنقذها الأزهر
مضى على بابوات الكنيسة القبطية قبل الإسلام ما كان قد ورد إلى مصر، ومع دخول الإسلام إلى مصر جرى التغير الجذري بها وفي العالم، وطرأ على الأقباط بمرور الزمن عنصر جديد في المجتمع المصري وهو المسلمون الذين كان لهم أدوار بارزة بمسيرة بابوات الكنيسة القبطية.
أقدم موقف من مسلم في مسيرة البابا
لعل أقدم وأغرب موقف جمع بين مسلم وبابا أقباط مصر هو ذلك التصرف الذي قام به المؤرخ أبو البركات بن إياس مع البابا يوساب الأول والأسقف يوساب الأبح ــ رغم أن بن إياس لم يلتقيهما ـ من ثورة أقباط البشمور في مركز دكرنس بالدقهلية؛ ضد والي الخليفة المأمون العباسي الأمر الذي جعل الخليفة يأتي من بغداد وينفذ مذبحة دموية فيهم، اعترف بفظاعتها بن إياس ليكون أول مسلم يهاجم خليفة المسلمين.
أدى تاريخ بن إياس المعروف باسم « بدائع الزهور في وقائع الدهور» إلى إعادة قراءة تاريخ الأقباط الذي وثقه مؤرخين مسلمين غضوا الطرف عن ما فعله المأمون، ولأول مرة في تاريخ الكنيسة القبطية يتم الاستدلال بكتاب تاريخ إسلامي عنها.
أينما يوجد يوساب تحدث المأساة
يحكم التاريخ على أن أي بطرك من بابوات الكنيسة القبطية يحمل اسم يوساب فإن الأزمات ستلاحقه وتعصف بهم، فكما حدثت الأزمة مع يوساب الأول خلال حكم الوالي عيسى بن منصور زمن الخليفة المأمون، حدثت أزمة مع البابا يوساب الثاني خلال حكم محمد نجيب، حيث تأسست جماعة الأمة القبطية والتي نجحت في خطف البابا وإرغامه على الاستقالة لرفضه عزل خادمه الذي يسيء صلاحياته في الكنيسة.
أعلن شيخ الأزهر عبدالرحمن تاج والذي تولى منصب الإمام الأكبر قبل خطف البابا بـ 7 أشهر، استنكار المؤسسة الأزهرية للحادث داعيًا المسلمين لعدم الإنصياع إلى أي نداء يمكنه أن يحدث بلبلة وفتنة طائفية.
البابا كيرلس السادس .. البطرك الأهم والبداية إسلامية
مثلت فترة البابا كيرلس السادس «البابا رقم 116 في تاريخ بابوات الكنيسة القبطية» حجر الزاوية الآمن لإنتقال الكنيسة من قبضة الإكيلروس ـ رجال الدين ـ، إلى جيل الكهنة العلماء الذين خرجوا من مدارس الأحد التي أسسها حبيب جرجس وأسفرت عن تولي البابا شنودة مهامه الباباوية؛ والغريب أن رجل الصلاة ـ لقب البابا كيرلس الشهير ـ، لم يعرف المسيحية إلا عبر حفظه الإنجيل على يد شيخ مسلم.
يروي الصحفي محمود فوزي في كتاب البابا كيرلس وعبد الناصر الصادر عن مؤسسة الأهرام للنشر والتوزيع سنة 1998 م ، أن مفارقات طفولة عازر ـ اسم البابا كيرلس السادس ـ، أنه قد درس الكتاب المقدس على يد شيخ مسلم، حيث اقترح الشيخ أحمد غلوش على والد عازر أن يذهب بابنه إلى الكتاب القريب من المنزل خلال العطلة الصيفية، وبرفقته الإنجيل ليدرس فيه، ونفذ الأب وصية الشيخ، وبدأ عازر يتردد على الكتاب ومعه إنجيل يوحنا المكتوب بحروف كبيرة حيث قام الشيخ بتحفيظه الإنجيل.
وعقب تلمذة البابا كيرلس السادس على يد الشيخ أحمد غلوش، شبً عازر وتعلم حتى حصل على الثانوية العامة ثم عمل لثلاث سنوات في شركة «كوكس للسياحة» بالإسكندرية، بعدها بدأت رحلته مع الرهبنة منذ عام 1927م حين التحق بـ«دير البراموس» في وادي النطرون، وهو المعروف بـ «وادي القديسين».
البابا شنودة .. أخوه في الرضاعة مسلم
جلس البابا شنودة الثالث على كرسي مارمرقس سنة 1971 م وكانت الكنيسة المصرية على موعد مع أكبر تغير في تاريخها على يد البطريرك الجديد، فسلفه كيرلس السادس كانت مصالحه مع السماء، أما البابا الجديد فأوجد سُلَّمًا للعمل الكنسي بين السماء والأرض.
نقاط التقاء كثيرة بين رموز المسلمين والبابا شنودة بعضها كان محفوفًا بالمخاطر أثناء خلافه مع شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود على مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية، لكن كان الشيء الوحيد الخافت في حياة البابا شنودة الشخصية هي أن له أخين من الرضاعة يدين بالإسلام.
لم يكد الطفل نظير جيد أن يكمل 72 ساعة في الحياة حتى رحلت أمه السيدة بلسم فتناوبت نسوة قرية سلام الأسيوطية بإرضاعه وعلى رأسهن السيدة زينب سيد درويش والتي أنجبت طفلاً هو زهري حمدان.
اقرأ أيضًا
البابا شنودة في السينما «حكاية فيلم كتب قصته»
قال البابا شنودة عنه أخيه من الرضاعة «كان انطوائيا يشعر بالغربة ولا يحب اللعب مع الأطفال وكانت متعته أكل العيش بالبلح الأخضر».
جارة مسلمة أخرى اسمها صابرة كانت قد أنجبت طفلاً أسمته رمضان ولم تكد تنتهي من إرضاعه حتى أرضعت الطفل نظير جيد وتتركته مع نجلتها الصغيرة عواطف لتداعبه لحين عودة أخيه روفائيل جيد من عمله.
الشيخ محمد الفحام بين اثنين من بابوات الكنيسة القبطية
بين مرحلة البابا كيرلس السادس والبابا شنودة في تاريخ بابوات الكنيسة القبطية، كان شيخ الأزهر محمد الفحام أحد أبرز رموز المؤسسة الأزهرية التي طالها شائعة ترك الإسلام وإخفاء ديانته المسيحية سرًا.
وتُرْجِع الشائعة السبب في ذلك إلى تأثر شيخ الأزهر بظهور العذراء في عهد البابا كيرلس وظل يكتم رغبته في الانتقال إلى المسيحية إلى أن جاء عصر السادات وأحس الرئيس بذلك فأعفاه من منصبه إلى أن دخل المسيحية عن اقتناع بعد ظهور العذراء لنجلته المريضة في أوروبا.
أول خطأ في شائعة قصة الشيخ الفحام التغافل عن سن الشيخ فى موضوع خلافه مع السادات فمن الأصل لا يوجد خلاف والشيخ الفحام كان مريضاً فعندما عُفى من منصب شيخ الأزهر كان عمره 79 عاما فهو من مواليد عام 1894 وتولى المشيخة عام 1969 وتركها عام 1973 فقد كان مريضاً بمرض الروماتيزم ولازم الفراش ولم يخرج إلا للمواضيع الهامة.
لا توجد ابنة للشيخ محمد الفحام أصلاً سافرت إلى الخارج لأنها مريضة، فالشيخ الفحام أنجب ابن اسمه محمود وهو مدير سابق بأحد بنوك ويقيم في الإسكندرية وله ابنة تدعى إحسان وتقيم في القاهرة.
لم يغادر الشيخ محمد الفحام منزله لظروف مرضه إلا مرة واحدة وكانت هذه المرة إلى اليابان سنة 1976 لحضور المؤتمر الثامن لرجال الدين باليابان بناءاً على دعوة جاءت له من الزعيم الياباني الاسلامى عبد الكريم سايتو، وكان هذا فى 13 يونيو سنة 1976 م، ولم يخرج بعدها حتى مات في 31 أغسطس سنة 1980 م ودفن في مقابر عائلة الدك بالإسكندرية وصلى عليه الجنازة الشيخ عبدالرحمن بيصار.