تقرأ في هذا التقرير « فقه النكد بين فرج فودة والأزهر، أغنية من غير ليه الحظ العسر، المحاكم تتدخل في الأغنية، حقيقة ما قاله فرج فودة».
كتب | وسيم عفيفي
أطلق الكاتب فرج فودة مصطلح «فقه النكد» خلال حوار تلفزيوني له في دولة تونس قال فيه «بعض العلماء أضافوا إلى الإسلام ما أسميه أنا بفقه النكد، خذ أمثلة: المطرب محمد عبدالوهاب غنى (من غير ليه)، أغنية جميلة بصوته المطرب بعد هذا العمر الطويل، وكان عمره في حدود العقد الثامن، غنى أغنية تُشدي الناس وتطربهم».
ويكمل فرج فودة حديثه قائلاً «سؤالي: الأغنية أطربت الناس؟ بالتأكيد نعم، واجتمعت هيئة الفتوى في الأزهر وأصدرت فتوى أو قراراً بأن عبد الوهاب مرتد!! أغنية عجبت الناس!! عبد الوهاب مرتد، حسب فقه النكد، عبد الوهاب يغني ويقول جايين الدنيا ما نعرفش ليه، يسألوا: جايين الدنيا ما نعرفش ليه يا سي عبده؟، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، هذا يعني أن محمد عبد الوهاب كافر، هل يعقل هذا وهل محمد عبد الوهاب بأغنيته كان يقول موعظة دينية؛ هذا هو فقه النكد».
تاريخ أغنية من غير ليه
ربما لم تشتهر أغنية بأزمات صنعتها حتى نجحت مثل أغنية من غير ليه، فقد كان من المفترض أن يغنيها عبدالحليم حافظ الذي اتفق عليها مع موسيقار الأجيال بمجرد أن انتهى مرسي جميل عزيز من كتابتها سنة 1975 م وكان من المفترض أن يقوم بغناءها بعد قارئة الفنجان.
وقعت خلافات بين محمد عبدالوهاب ومرسي جميل عزيز ولم تلبث أن تنتهي تلك الخلافات على شكل الألحان وتوافقها مع الكلمات حتى مات عبدالحليم حافظ دون أن يغنيها وما هي إلا 3 سنوات بعد رحيل العندليب حتى مرسي جميل عزيز عام 1980 وبقيت أغنية من غير ليه حلم مُعطَّل 9 سنوات حتى قام موسيقار الأجيال بغناءها عام 1989 م وحققت نجاحًا كبيرًا لكنه لم يتصور أن تدخل أغنيته أروقة المحاكم.
حقيقة ما قاله فرج فودة بشأن أغنية من غير ليه
يحكي فرج فودة أزمة الأغنية مع القضاء للاستدلال على مصطلح فقه النكد الذي اخترعه قائلاً أن لجنة الفتوى بالأزهر اجتمعت لتكفير محمد عبدالوهاب، لكن ما قاله فرج فودة غير صحيح.
اقرأ أيضًا
«بعد إعلان الفيل الأزرق 2» تاريخ الألحان القبطية .. أنقذها الأزهر
حقيقة ما زعمه فرج فودة أن أحد المواطنين قرر تقديم بلاغ للنائب العام يتهم محمد عبدالوهاب بالإلحاد والترويج له لأن كلمات الأغنية كفرية، وبمساعدة أحد المحامين أوضح هذا الشخص أنه سأل أحد رجال الدين بشأن أغنية من غير ليه فأجاز تقدمه ببلاغ لأنه من حقه أن ينهى عن المُنكر، وأن أضعف الإيمان هو اللجوء إلى المحكمة.
ظهر اسم الشيخ عبدالله المشد «رئيس لجنة الفتوى» في صفحات الجرائد ونسبت له الصحف أنه قال «بعض كلمات الأغنية تُمثل مخالفات صريحة للشرع الإسلامي، وتضمنت عبارات تدخل كاتبها ومرددها دائرة الشك وتحمل معنى الاستهانة بالقدر».
نفى الشيخ عبدالله المشد حقيقة ما ذكرته الصحيفة من أنه أفتى بكفر محمد عبدالوهاب، ثم قال بأن ما ذكرته الصحيفة نفسها فيه مخالفات شرعية، ولم يكتفي المشد بذلك بل ذهب إلى المحكمة ليدلي بموقفه.
وفي الرابع عشر من ديسمبر عام 1989 م وقف الشيخ عبدالله المشد أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ليحسم الجدل وذكر بأن ما نسبته الجريدة إليه غير صحيح ولا توجد فتوى مكتوبة أو مسموعة منه يتهم فيها عبدالوهاب بالكذب.
وخلال تصريحات الدكتور عبدالله المشد للصحفي سيد أبو دومة «محرر القسم الديني في صحيفة الأهرام»، قال أن الدعاوى التي استندت لها الجريدة غير صحيحة لافتقادها الدليل الثبوتي القطعي من كتاب الله وسنة رسوله.
وقال رئيس لجنة الفتوى أن الحديث الشريف يقول: «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة؛ فإن القلوب إذا كلت عميت، وإذا عميت لم تفقه شيئًا»، ولا يجوز أن يحكم أحد بكفر مسلم، إلا إذا ثبت كفره بدليل قطعي الثبوت واجماع، وليس بما يفيد الظن والاحتمال.
وعن كوبليه «جايين الدنيا ما نعرف ليه ولا رايحين فين ولا عاوزين إيه»، قال رئيس لجنة الفتوى «أن لذلك نظيرًا وهو قول عمر الخيام لبست ثوب العيش لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر، وكيف انضو الثوب عني ولم أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر».
وأشار الشيخ عبدالله المشد أن استعمال الشك للوصول إلى الحقيقة هو مذهب يراه الإمام الغزالي، واختتم حديثه قائلاً «إننا لم نجد من العلماء أحدًا قد حكم بكفر من قال بمثل تلك الأغنية ولكننا للأسف وجدنا ذلك من قوم قل علمهم بالإسلام وادعوا غرورًا أنهم أعلم العلماء وأنهم المدافعون عن الإسلام والعارفين بأدلته وأحكامه وقواعده وأصوله.