تقرأ في هذا التقرير « تاريخ الألحان القبطية قبل الفيل الأزرق 2، تصحيح لخطأ فني بشأن موسيقى الفيل الأزرق 2 ، تطور الألحان القبطية، مسلمون مع الألحان القبطية».
كتب| وسيم عفيفي
لقي إعلان الفيل الأزرق 2 مشاهدةً عالية، وانتظر كثيرون الموسيقى التصويرية للفيلم والتي تتسم بوجود طابع من كلمات الألحان القبطية.
اقرأ أيضًا
البابا شنودة في السينما «حكاية فيلم كتب قصته»
يقع الكثيرون في خلطٍ أن موسيقى فيلم الفيل الأزرق التي وضعها هشام نزيه، لها علاقة بالصوفية والحقيقة أن موسيقى الرواية التي ألفها محمد ناصف هي التي لها علاقة بالذكر الصوفي.
بقي هشام نزيه أحد أهم رموز الجيل الجدد في الموسيقى التصويرية، لكن أبرز ما يلاحظ عليه استعانته ببعض الألحان القبطية العتيقة ذات التاريخ المخفي، لكن أغرب ما فيها أن الأزهر نفسه ساهم بشكل كبير في الحفاظ على الألحان القبطية من الضياع !.
تاريخ الألحان القبطية
جذور الألحان القبطية نشأت مع قدوم القديس مرقس إلى الإسكندرية ودخول المسيحية على يديه، وامتزجت الألحان القبطية مع تراث مصر الموسيقي.
كان القرن الثالث الميلادي هو بمثابة انطلاق الألحان القبطية حين ساهم خمسة من قديسين الكنيسة المصرية في إحداث طفرة قوية في الألحان القبطية، وهم «ديديموس الضرير، أثناسيوس الرسولي،إغريغوريوس النزينزي الثيؤلوغوس، سينوسيوس القيرني، مارإفرام السرياني»، إلى أن جاء القديس يعقوب السروجي في القرن الخامس ووضع ختام عصر الصحوة في تاريخ الألحان القبطية.
مع أواخر القرن الخامس الميلادي ونظرًا لاستفحال الرومان تعرض الأقباط لاضهاد فكري وديني عنيف انتهى بزوال الحكم الروماني مع دخول الإسلام إلى مصر في القرن السادس وفرضت الكنيسة المصرية خصوصيةً على ألحانها بحكم الظروف الدينية والسياسية.
اقرأ أيضًا
عندما استحل الخليفة المأمون دماء الأقباط و خلدته ذاكرة مصر بشارع
كان العصر العباسي كارثيًا على الأقباط قبل تراثهم حيث اخترق المأمون خصوصية الأقباط وفتك جيشه بكل ما تحتويه الكنيسة من كتب ولم يقل مصير الكتب عن نهاية الشمامسة الذين يؤدون الألحان القبطية حيث فقدوا حياتهم في أحداث ثورة مدينة البشمور.
خلال القرنين الـ 13 و 14 الميلادي تجدد الحفاظ على تاريخ الألحان القبطية مع 3 مؤلفين كانوا من طائفة الشمامسة ـ الشمامسة جمع شماس وهم خدام الكنيسة ومعاونو الكهنة في الخدمة الدينية ـ، والثلاثة هم « يوحنا بن أبي زكريا بن السباع والذي كتب الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة، ويليه اسحق المؤتمن ابن العسال صاحب كتاب مجموع أصول الدين، وآخرهم بن أبو البركات بن كبر الذي شغل منصب كاتب الظاهر بيبرس في العصر المملوكي وصاحب كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة».
طيلة 4 قرون بعد مرحلة الشمامسة الثلاثة، تغيرت مصر تمامًا مثل الأقباط لكن يبقى عهد عبدالحميد الثاني المحطة الأبرز في عهد العثمانيين مع الأقباط حيث بسبب قانون «الخط الهمايوني» والذي يخص إعطاء حرية بناء الكنائس بشروط، ولا زال يثير الجدل حتى الآن في مصر بين مؤيد ومعارض؛ وأثر هذا القانون الذي أصدره عبدالحميد الثاني عام 1856 م على الألحان القبطية حيث أنه لم يشير إلى إيجاد مدارس للتعليم تخص الأقباط وحدهم.
اقرأ أيضًا
«محمد علي و الأقباط» أزهى العصور و أشهر قرارات المواطنة في مصر
بعد صدور قانون الخط الهمايوني بـ 17 كان الأقباط لا يدرون أنه سيولد من يكون السبب في الحفاظ على الألحان الكنيسة وتجديدها وتسجيلها أيضًا، ولم يكن يتوقع هذا المولود أن سينجح في هذا بسبب الأزهر !.
المعلم ميخائيل البتانوني .. ما علاقة الأزهر ؟
كان المعلم ميخائيل جرجس البتانوني هو المرحلة الفارقة في تاريخ الألحان القبطية، حيث استطاع رغم أنه كفيف في جمع تراث الكنيسة القديم ونجح بحكم موهبته في تسجيل التراث القبطي، لكن كانت هذه الموهبة ناجحة بسبب الدراسة والتي استطاع تحصيلها في الأزهر.
اختلف كثيرون من المؤرخين في العصر الحديث حول وجود رواق للأقباط داخل الأزهر، فالمستشار طارق البشري في كتابه «المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية» طبعة 1980 يؤيد هذا الرأي نقلا عن مجلة الوطن القبطية سنة 1915 والتي احتفت بالتلامذة الأقباط الذين تخرجوا من الأزهر، بينما يخالفه الكاتب حلمي النمنم في دراسته التي نشرها بمجلة المصور قائلاً لم يكن هناك رواق لهم.
رغم الخلاف في كينونة وجود رواق الأقباط بالأزهر لكن الشيء الواحد الثابت أن أشهر أولاد عائلات الأقباط منذ العهد المملوكي حتى عصر الخديوي إسماعيل على وجه التحديد درسوا بالجامع الأزهر كعائلة العسال.
كانت دراسة الأقباط في الأزهر ضرورية منذ العهد المملوكي لشغل وظائف دواوين الدولة كون أنها تشترط إتقان اللغة العربية وزادت الحاجة الملحة لتعلم العربية خلال العهد العثماني نتيجة لما يسمى بـ «عثمنة اللهجة المصرية» فتولى الأزهر رعاية العربية.
كان الطفل الكفيف ميخائيل جرجس نجل باشكاتب وزارة المالية والمولود عام 1873 م قد التحق بالجامع الأزهر في سن الثانية عشر وبقي فيه 6 سنوات حتى تخرج منه عام 1891 م، وخلال دراسة الـ 6 سنوات أتقن ميخائيل جرجس البتانوني النحو والصرف والبلاغة وحفظ ألفية بن مالك، ثم أدرك ميخائيل جرجس موهبة صوته فأعطى اهتمامًا لدراسة التلاوة وفنون التجويد والتي لها ارتباط بالمقامات الموسيقية وهو ما وفره له الشيخ محمد بصرة.
أثرت دراسة فن التلاوة على ميخائيل البتنانوني فبدأ في تلحين التراث القبطي بالكنيسة وهو ما سبب له شهرة واسعة وصلت إلى البابا كيرلس الخامس والذي قرر تعيينه مدرسًا للألحان القبطية في الكلية الإكليريكية ومن هناك انطلق صيته في تاريخ الألحان القبطية.
ما قبل هشام نزيه .. سيد درويش وزكريا وحسن كامي
ارتباط الفنانين بالألحان القبطية خلال أواخر القرن التاسع عشر والعشرين نهض مع الأزهريين كذلك وعلى رأسهم سيد درويش وزكريا أحمد ويؤكد ذلك الموسيقار محمد نوح في حلقةٍ له ببرنامج « جسور من القاهرة» والتي قال فيها «اللي مسمعش موسيقى قبطية مينفعش يشتغل ملحن .. سيد درويش سمع ألحان قبطية وزكريا أحمد كمان».
الميزة التي تميز بها فنان مسلم في تاريخ الغناء المصري والعربي، هو قيام الفنان حسن كامي بترتيل قداس عيد الميلاد طيلة 10 سنوات من عام 1976 حتى عام 1986 م.
جاء هشام نزيه ليكون فصلا جديدًا في تاريخ الألحان القبطية، حيث كان أول موسيقار يستعين بها في الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية بموسيقى مسلسل العهد حين أخذ كلمات ما يقال فى توزيع سبوت و آحاد الصوم من «كتاب الإبصلمودية السنوية ـ تسبحة نصف الليل القبطيةـ، وكانت الكلمات هي
«تشوجي إنني ذيمون هارون إثري جوك إيفول خين أو هيريني
جي إممون إنطان إيفول إيروك خين إنين هوجهيج نيم نين إيثيليبسيس
جي أنون غار بي بيكلاؤس نيم ني إس أو إنتي بيك أوهي سينى آنين أنوميا».
وترجمتها هي
«اطرد الشيطان عنا، لنكمل بسلام، لأنه ليس لنا سواك، في ضيقاتنا وشدائدنا، لأننا نحن شعبك، وخراف قطيعك، تجاوز عن أثامنا».
طب ايه الكلمات المستخدمة في فيلم الفيل الازرق ؟