تقرأ في هذا التقرير « المغاربة في مصر وأصل الحكاية، ماذا قدم المغاربة للمحروسة، حركة مغربية جعلت في مصر أشهر لقب لا زال مستمرًا حتى الآن».
كتب | وسيم عفيفي
اكتسبت مصر ألقابًا عديدة، فهي أم الدنيا والمحروسة، ومثلما اكتسبت كبلدٍ صفات مختلفة كان لمحافظاتها ألقاب خاصة وكذلك مؤسساتها أيضًا التي أخذت نعوتًا مميزة وعلى رأس تلك المؤسسات الجامع الأزهر.
اقرأ أيضا
الفوائد الأربعون من معرفة تاريخ الأزهر الشريف
أبرز لقب عُرِف به الأزهر هو «كعبة العلم»، لكن هذا اللقب بات غامضًا رغم قوة الأزهر، ليعتقد كثيرون أن سبب الوصف هو قصد طلاب العلم له، لكن السبب الرئيسي حول هذا الإسم هو مكان داخل الأزهر أسسه المغاربة في مصر يزوره المسلمون والمسيحيون والسائحين يوميًا بعد أن ساعد اليونسكو في ترميمه.
كعبة العلم التي شيدها المغاربة في مصر
بدأ لقب كعبة العلم يطلق على الأزهر بسبب المغاربة في مصر والذين ساهموا في تأسيس رواق حمل اسمهم بالتزامن مع رحلاتهم للحج.
اقرأ أيضا
قصة “ملف الدعارة” الذي سجن شيخين من الأزهر
الباحث المغربي عبدالهادي التازي يحدد أن إنشاء رواق للمغاربة في الأزهر تم منذ أواسط القرن الثامن، أيام الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، وعلى يد الوزير سعد الدين بشير الذي عرف بمبادراته المعمارية في القاهرة، والعدد الكثير من الأسر المغربية التي أصبحت تعيش بمصر وتتردد على مصر، كانت تفرض العمل من أجل تخصيص جناح للطلبة والمشايخ الذين يهتمون بدراسة الفقه المالكي الذي ظل المذهب المفضل لدى أهل المغرب.
يشير كتاب «الأزهر تاريخه وتطوره» إلى دور قوافل حجاج المغرب العربي في النهضة العلمية للأزهر خلال منتصف العصر المملوكي، حيث كان خط سيرهم إلى مكة يتغير إلى مصر بعد الفريضة للدراسة داخل الأزهر ثم تحولوا من مجرد زائرين إلى مقيمين وهو ما أضفى بصمة خاصةً على المنهج الأزهري بتأسيس رواق المغاربة.
أدى وجود المغاربة في مصر إلى هزة أزهرية إيجابية، وأسس رواق المغاربة عملية صيت دعائي واسع على الأزهر جعل لقب «كعبة العلم» لصيقًا به وبذلك الرواق الخاص بهم، كون أن الأزهر كمقر علمي قد ذاع صيته فصار مقصدا لطلاب العلم خاصة مع مواسم الحج، ومن هنا اكتسب لقب «كعبة العلم»، حيث كانت كعبة الحج والعبادة في الحجاز يقصدها المسلمون من أجل الحج.
مؤرخون: المغاربة في مصر أحدثوا طفرة علمية
يعطي الدكتور عبدالله عنان في كتابه «تاريخ الجامع الأزهر» تفاصيل دقيقة حول اشتراك طلاب وعلماء المغرب في حلقات الأزهر العلمية قائلاً «درس كل منهم ما يميل إليه من العلوم المختلفة، وبرع منهم الكثير الذين أصبحوا فيما بعد شيوخاً فضلاء وعلماء أجلاء درسوا بالجامع الأزهر، وكانت العلوم النقلية في مقدمة العلوم التي درسها المغاربة والتي تمثلت في علوم القرآن الكريم من تفسير وقراءات، حيث حرصوا في نقل قراءة ورش المصري عن أستاذه نافع أحد علماء القراءات السبع، ولهذا فقد ظهرت المشاركات العلمية لعلماء مغاربة، قدموا مصر زائرين أو مستقرين خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين ـ الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، ما أفاد المكتبة الإسلامية».
اقرأ أيضا
“بالوثائق” : الأزهر لم يمنع مسرحية ” ثأر الله .. الحسين ثائراً وشهيداً “
من ناحيته قال الدكتور محمد رسلان الزمري «أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر وصاحب رسالة رواق المغاربة» في تصريح خاصٍ لـ «تراثيات» كانت تعود قوافل العبادة من مكة إلى ديارها بعد انتهاء الفريضة، لكن حجاج المغرب العربي كان لهم أبناء يعودون معهم في الطريق ويتوجهون إلى شمال شرق قارة إفريقيا حيث مصر والأزهر، تعلموا في الأزهر وقصدوه، حتى صار المغاربة هم الركيزة الأساسية لعلوم الرواق.
ويفصح كتاب الأعلام للزركلي عن إقبال كثير من المغاربة علي دراسة علوم اللغة العربية في موطنها الأصيل بالجامع الأزهر، وكان على رأس هؤلاء النحوي محمد بن يوسف بن حيان النفري الغرناطي، الذي كان يلقي دروسه بالأزهر، وتتلمذ على يديه تقي الدين بن السبكي، ويحيى بن معط بن عبد النور أبو الحسن زين الدين الزواوي المغربي، وكان إمامًا في العربية وشاعرًا قديرًا، وأبو الحسن سيد الحاج علي المغربي، الذي درس في الأزهر مدة، والتقى بعلمائه وطلابه ثم رجع إلى المغرب ليدرِّسَ بمدارسها ومساجدها.