الرئيسية » تراثيات شوارع ومقابر » “السرادق الأشرفي” الأثر المملوكي المفقود للاحتفال بذكرى المولد النبوي
مسجد ومدرسة قايتباي زمن احتفال المولد النبوي زمان
مسجد ومدرسة قايتباي زمن احتفال المولد النبوي زمان

“السرادق الأشرفي” الأثر المملوكي المفقود للاحتفال بذكرى المولد النبوي

كتب ـ وسيم عفيفي

كان احتفال المماليك بذكرى المولد النبوي متغيراً من حقبة إلى حقبة ، ففي عصر السلطان برقوق كانت تُزين القاهرة احتفالاً بالمولد النبوي وقامت الدولة بالنفقات الواسعة، والمخصصات البالغة، وبذلت من المبرات وضروب الخيرات، ما عم الناس جميعًا، من إغاثة الملهوف وإعانة المحتاج فى هذا الموسم العظيم، فبالغوا في تحسين الزينات الباهرة، وإقامة الولائم الفاخرة، وتوزيع الأموال الجمة فى وجوه الخير وصنوف الصدقات.
وروى السخاوى عمن شهد هذا الاحتفال قال: ما أنفق فى تلك الليلة على القراء الحاضرين وغيرهم، نحو عشرة آلاف مثقال من الذهب، وقد استمر الاحتفال بالمولد النبوى فى مواعيده المقررة، وعلى هذه الرسوم الفخمة طوال عهد السلطان برقوق.

عملات من عصر السلطان برقوق

عملات من عصر السلطان برقوق

أما السلطان جقمق ، فصرف همته إلى إحياء ذكرى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، فقد كان أهل الإسلام، كانوا يتصدقون فى لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون فى المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم..!

مصر في عصر قايتباي

مصر في عصر قايتباي

غير أن عصر الأشرف قايتباي المملوكي في مصر كان فارقاً بطقوس الاحتفال بالمولد النبوي
فوق كتاب تاريخ المولد النبوي فيعتبر السلطان الملك الأشرف قايتباى الذى تولى عرش السلطنة المصرية فى سنة 872ه 1468م هو هذا الميدان، فقد صرف همته العالية فى إحياء ذكرى المولد النبوى الشريف بصورة لم يسبقه إليها سابق، فقد أمر بصنع سرادق، خاصًا بالاحتفال بذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام. وعهد بصنعه إلى مهرة الصناع من المصريين، فنهضوا فى إجادته إلى ما وراء الغاية، وبذلوا فى إتقانه كل ما عرف عنهم من البراعة والإتقان، حتى جاء آية من آيات الصناعة المصرية، ومعجزة من معجزات الفن المصرى، فكان فى صنعه والافتنان فيه، مما لم يعهد له مثيل فى الدنيا.

وكان صنع هذا السرادق العديم النظير، من القماش السميك المنسوج من القطن المصرى وعلى ما هو معروف إلى اليوم فى صناعة الخيام المحكمة النسج غير أنه كان من القطن الخام الجيد الحلج، وتنافسوا في تحليته بالرسوم البديعة، والأشكال الرائعة، والنقوش المشرقة، والحلى الفائقة.

كان عند ما يُراد إقامته فى أيام المولد، لا يستطيع أن يستقل بتشييده وترتيبه، وتثبيت أساطينه، وشد أطرافه، وتركيب أستاره: أقل من خمسمائة رجل من أشداء الرجال، كان يؤتى بهم من بحارة الأسطول المصرى المختارين!
وقال ابن إياس: إن الأشرف قايتباى أنفق على هذه الخيمة (أى هذا السرادق) أكثر من ستة وثلاثين ألف دينار ، وكان من أهم شعائر الدولة المصرية وأجلها.

الغوري

الغوري

وكان السلطان الغورى طوال عهده، عند حلول شهر ربيع الأول من كل سنة يأمر بإقامة السرادق الأشرفى العظيم بالحوش السلطانى الكبير من قلعة الجبل، وإعداده بكل ما من شأنه أن يجعل الاحتفال بالمولد فخمًا كريمًا، وعند حلول الوقت المعين للاحتفال -وكان ذلك بعد صلاة العصر- يصعد الخليفة العباسى المصرى إلى القلعة فى ركبه العظيم، ويدخلون السرادق الأشرفى، ثم يبدأ القراء فى تلاوة آى الذكر الحكيم بأصواتهم الجميلة، يليهم خطباء الوعظ والإرشاد فيلقون على الناس الأقوال المأثورة فى الأوامر والنواهى الدينية، ثم يقوم أرباب الطرق الصوفية بتلاوة أورادهم وأدعيتهم، وكل فريق يؤدى خدمته المخصص بها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*