الرئيسية » تراثيات شوارع ومقابر » “رأس الحسين” 6 دول تتنافس عليها و مصر تكسب
"مكان رأس الحسين" 6 دول على الأرض تتنافس عليها و مصر تكسب

“رأس الحسين” 6 دول تتنافس عليها و مصر تكسب

كتب ـ وسيم عفيفي
مع كل يوم 10 محرم عبر التاريخ تتفاقم الخلافات الفكرية بين الصوفية و السلفية حول حقيقة وجود رأس الحسين في مصر ، لدرجة أن الفصيل الأخير طالب بمناظرة علنية لإثبات خديعة وجود رأس الحسين في مصر بينما تفاقمت المطالب إلى حد المطالبة بهدم الضريح الموجود في مسجد الإمام الحسين .
تأسس مسجد الإمام الحسين سنة 549 هجرية الموافق 1154 ميلادية ، في أواخر العصر الفاطمي بينما تأسست قبته سنة 634 هجرية ، الموافق 1237 ميلادية في أواخر العصر الأيوبي .
أما توسعة المسجد بالشكل الحالي ؛ فقد قام بها الرئيس جمال عبدالناصر في مارس من عام 1962 ميلادية .
دار لغط كبير حول حقيقة وجود رأس الإمام الحسين بالقاهرة ، وانحصرت الآراء المختلفة في أن رأس الإمام الحسين يحتمل أن يكون مكان من 6 أماكن بالأرض هي 
” المدينة المنورة – كربلاء – النجف – سوريا – مصر – فارس “

ـ المدينة واختلاف مكان الأم

قباب البقيع

قباب البقيع

تبنى مجموعة من المؤرخيين رأئياً يقول ، أن رأس الإمام الحسين تم دفنها في البقيع إلى جانب أمه السيدة فاطمة الزهراء 
واستدل المؤرخون بما جاء في كتاب تذكرة خواص الأمة في خصائص الأئمة لـ “ابن الجوزي” ، قائلاً “عندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليه فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به ، فكفن ودفن عند أمه فاطمة” .
لكن هذا الكلام يتضاد بالعقل ، كون أن هناك اختلاف أصلاً قائم على محل دفن السيدة فاطمة بين منزلها وبين قبر النبي ومحراب مسجده ، وبين دفنها في البقيع .
وسبب الاختلاف هو إزالة شواهد القبور التي قام بها الوهابية في عشرينيات القرن الماضي .

ـ الشام مكاناً للرأس .. كان الأمويون أزكى

مقام رأس الإمام الحسين في الجامع الأموي في دمشق

مقام رأس الإمام الحسين في الجامع الأموي في دمشق

جمهور المؤرخين يؤكدوا روايات كثيرة تفيد أن الرأس في دمشق ، فقد وصلت لدمشق من كربلاء وأهانها يزيد بن معاوية ثم دُفنت .
إلا أن هذا الرأي خاطئ لسبب بسيط أن نفس المؤرخين الذين قالوا أنها في دمشق ، اختلفوا أصلا في تحديد مكان دفنها ، قيل في حائط بدمشق ، وقيل في دار الإمارة ، وقيل في المقبرة العامة لدفن المسلمين ، وقيل داخل باب الفراديس ، وقيل بجامع دمشق ، وإختلاف الأمكنة المتعددة لمحل الدفن دليل الضعف
فضلا عن أن الأمويون كانوا أكثر ذكاءاً من جعل الرأس عندهم فهي بمثابة قنبلة موقوتة كفيلة بإثارة حمية كثيرين من المسلمين لإزالة سلطانهم.

ـ النجف موضعاً للرأس .. تضاد ينسف المقولة

مقام رأس الحسين في النجف

مقام رأس الحسين في النجف

لم يكن الكلام عن موضع رأس الحسين في النجف ، في آراء تاريخية ، ولكنها مجرد روايات مأثورة عن جعفر الصادق والتضاد هنا أن كل الروايات غير مطابقة لنص كلام جعفر الصادق
فالرواية تقول أن النجف تشرفت بالحسين ، وكلام عن أفضلية النجف كون أنها مدينة تهتم بالحسين
وهنا فالجزم غير منطقي فلا يُفْهَم هل الصادق يقصد الرأس أم القصة الحسينية ؟

ـ الرأس في الفرس .. خدعة خرسانية

ضريح الحسين في إيران

ضريح الحسين في إيران

حقيقة وجود الرأس في الفُرْس ، لم يجيء هذا إلا منذ 200 سنة
حيث تقول الآراء أن أبو مسلم الخراساني لما استولى على دمشق، نقل الرأس الشريف منها إلى مرو ، فدفن بها في دار الإمارة ثم بني عليه رباطا
وهذا رأي خاطئ ، لأن الرأس أصلاً لم تكن في دمشق .

ـ الرأس بين كربلاء و القاهرة .. خلاف تاريخي محسوم لصالح مصر

مسجد الإمام الحسين في القاهرة - مسجد كربلاء

مسجد الإمام الحسين في القاهرة – مسجد كربلاء

المتتبع لأقوال أغلب مؤرخي الشيعة يرون ، أن الرأس ذهبت إلى يزيد بدمشق وتنكيلا بهم وتجنبا لثورتهم عليه فإنه رأى أن تُدفن الرأس بعسقلان ، وبعد زوال حكم يزيد رجعت إلى كربلاء وظلت هناك إلى الآن .
لكن هذه القصة وإن كانت منطقيةً عقلا ، لكن التاريخ وبالعقل أيضا يثبت خلاف ما ذكروه
المتقبل عقلاً ، أنها كانت بعسقلان ومن عسقلان جاءت لمصر
لكن أن تأتي الرأس من عسقلان لتدفن بالعراق بعد موت يزيد فهذا خطأ ، للأسباب الآتية
أولاً : بنو أمية لم يكونوا قد انتهوا من استئصال شأفة الهاشميين ، فكيف لهم أن يُثيروا عواطفهم وعواطف الكوفة برجوع الرأس
ثانياً : ظروف العراق كانت ملبدة بالغيوم ، فمعاوية بن يزيد بن معاوية لم يمكث طويلا في الخلافة ، وانقسمت الدولة بين ثلاثة المختار الثقفي وبن الزبير ومروان
وقد تمكن أتباع الزبير من قتل المختار ، ثم تمكن عبدالملك بن مروان من قتل الزبيريين
ومن ثمّ فالحروب التي بين بن الزبير و المختار الثقفي حالت دون رجوع الرأس ، أما حروب بيت مروان مع بن الزبير لم تكن لتسمح بعودة الرأس ، حيث أن بنو مروان أمامهم هدف وهو ضرب الزبيريين ، فكيف يسمحوا برجوع الرأس لتفتح جبهة داخلية أخرى ، وهي جبهة الهاشميين ، فضلا عن أن عسقلان كانت تحت حكم بن الزبير ثم آلت لبني مروان

ثالثاً : الدولة الأموية لم تدم طويلا وجاء عصر الدولة العباسية وانشغل العباسيون بحروبهم مع فلول بني أمية ليجيء منتصف العصر العباسي وتخرج الدعوة الفاطمية وبين العباسيين والفاطميين خلافات شديدة ، ولو سمح العباسيون بالرأس أن تدخل العراق لانتهوا لأن قوة العباسيين وان كانت في السلاح والنفوذ ، فإن قوة الفاطميين تكمن في الرأس ومن ثم يكون لهم الأكثرية ، والعباسيين لن يسمحوا بحدوث ذلك .

قبة رأس الحسين في عسقلان

قبة رأس الحسين في عسقلان

بقي أخيرا أن نعرف لماذا كانت عسقلان مكانا للرأس ؟
سببين جعلا من عسقلان مكانا مناسبا للرأس
السبب الاول : أنها بعيدة عن الكوفة مركز الشيعة
السبب الثاني : أنها مدينة قريبة من الساحل
حيث يمكن نقلها في يسر إلى شمال إفريقيا وبلاد المغرب ومنها لمصر
بالإضافة إلى أن الدولة العباسية ابتعدت عن البحر واتجهت نحو المشرق الذي هو سر نجاحها واتخذت بغداد عاصمة بدلاً من دمشق وعليه تم إخفاء الرأس في عسقلان وبعيدا عن عن مقر الخلافة ببغداد حتي إذا ما ظفر العلويون أو الشيعة بالرأس
وقاموا بثورات مضادة للعباسيين استطاع الخليفة العباسي القضاء عليها بسهولة وبعيدا جدا عن مقر الخلافة .

الباب الأخضر الذى دخل منه رأس الإمام الحسين في مسجده بالقاهرة

الباب الأخضر الذى دخل منه رأس الإمام الحسين في مسجده بالقاهرة

حكاية الرأس في مصر بدأت بمجيء الرأس جاءت لمصر عن طريق الفاطميين عقب اندلاع وتيرة أعمال الحروب الصليبية ، وحرصا عليها فقد افتداها الفاطميين بـ 30 ألف قطعة ذهبية
شكك الوهابيين في هذا لسبب واحد وهو أن الصليبيين كانوا ينبشون قبور المسلمين ويخربونها ، فكيف لهم لا يتركوا قبر الإمام الحسين ؟
أجاب مؤرخو الصوفية على ذلك ، أن الصليبيين يخربون المقابر الاسلامية كلها وينتهكون حرمة الأموات لكن الجيش الصليبي لما استولي علي عسقلان كان ذلك في عهد بلدوين الثالث
كان الجيش الصليبي يعاني من نقص في الامدادات لدرجة أن بلدوين الثالث لكي ينفق علي جيشه تعرض للاستدانة علي نطاق أدي إلي الحد من حريته في المناورة السياسية، خاصة حروبه مع نور الدين محمود حول دمشق وحلب واحتياجه الشديد للأموال

مسجد الصالح طلائع

مسجد الصالح طلائع

ولهذا السبب تمت المفاوضات مع سفراء طلائع بن زريك والصليبيين في ظل الرواج التجاري والقائم بين الصليبيين وبلاد الشرق
وفي تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار لمحمد ابن جبير الأندلسي ، قال ” ومن أغرب ما يحدث في الدنيا أن قوافل المسلمين تخرج إلي بلاد الفرنج وسبيهم يدخل إلي بلاد المسلمين ”
فاحتياج الصليبيين للمال هو الذي منعهم من هدم قبر الحسين
واستدلوا بقائمة من أدلة المؤرخين والوثائق حول وجود الرأس بالقاهرة

مقام الإمام الحسين من داخل مسجده في مصر

مقام الإمام الحسين من داخل مسجده في مصر

أولاً : ذكر المؤرخ تقي الدين المقريزي نصا
” نقلت رأس الحسين رضي الله عنه من عسقلان إلى القاهرة يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة كان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، وأنزل به إلى الكافورى، ثم حمل فى السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة وبنى مسجدًا للرأس خارج باب زويلة من جهة الدرب الأحمر، وهو المعروف بجامع الصالح طلائع، فغسلها في المسجد المذكور على ألواح من خشب، يقال إنها ما زالت موجودة بهذا المسجد ”
ثانياً : عند المتحف البريطاني توجد مخطوطة من كتاب تاريخ آمد لابن الأورق المتوفي جاء فيها أن رأس الامام الحسين قد نقل من عسقلان إلي مصر عام 548 هـ
وتلك المخطوطة هامة لأكثر من سبب ، فأول سبب : ابن الأورق ميت عام 572 هـ ؛ ثاني سبب : إن المخطوطة مكتوبة عام 560 هـ يعني قبل وفاته بـ 12 سنة
يستفاد من هذا ؟ ، أن الرأس نُقِلت في عهد المؤرخ وتحت سمعه وبصره وبوجوده ومشاركته ضمن جمهور المصريين
ثالثاً : أن صلاح الدين الأيوبي لم يكن يعرف الهوادة تجاه أي مظهر فاطمي فكما أغلق الأزهر كان من باب أولى أن يقوم بهدم مسجد الحسين نفسه
رابعاً : مراجع كتب التاريخ الكبيرة أكدوا أن الرأس في القاهرة وهم
” ابن بطوطة في الجزء الأول من رحلته ”
” ياقوت الحموي في الجزء الخامس من معجم البلدان ”
” بن تغري بردي في الجزء العاشر من النجوم الزاهرة ”
” عثمان ملوخ في كتاب العدل الشاهد وتحقيق المشاهد “

تعليق واحد

  1. طيب ممكن تعمل تقرير ، رد على الل بيقول إن الوزير الصالح طلائع عمل كدا لأسباب سياسية مش أكتر و إن الرأس لما جابها كانت في كيس أخضر محدش شافها أصلا ف بالتالي الرواية دي مش دليل على وجودها في مصر !!

أضف رد على --- إلغاء الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*