موقف طريف حدث لـ “موسيقار الأجيال” محمد عبدالوهاب في أول لقاء جمع بينه وبين عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي.
ذكرت مجلة الكواكب أن محمد عبدالوهاب قال لوهبي: «عايز أفكرك يا يوسف بيه إني كنت أد إيه منبهر بيك، وفي ليلة لا يمكن أنساها أنا انتظرتك في شارع عماد الدين وهجمت على العربية بتاعتك وشديت أيدك علشان أبوسها و أفوجأ بجنابك تضربني بالقلم وبشلوت محترم وأنت بتقول لي: «أمشي يا ولد، ومشيت وأنا بأبكي وبسأل نفسي هل ها أوصل في يوم لشهرة يوسف بيه؟»
وموسيقار الأجيال يُعد أحد أعلام الموسيقى العربية ويُطلق عليه لقب “موسيقار الأجيال” و”مطرب الملوك والأمراء”, ولد “عبد الوهاب” يوم 13 مارس عام 1902م في حي باب الشعرية بالقاهرة، لأب يرجع أصوله إلى محافظة الشرقية ويعمل كمؤذن وقارئ في جامع سيدي الشعراني بباب الشعرية.
التحق محمد عبد الوهاب بالكُتاب بناءً على رغبة والده، وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالغناء والطرب حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر أمثال الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي.
تزوج الموسيقار الراحل “محمد عبد الوهاب” ثلاثة مرات, الأولى كانت في بداية مشواره الفني ثم تزوج للمرة الثانية عام 1944م من السيدة “إقبال” التي أنجبت له خمسة أبناء هم “أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة”، وقد استمر زواجهم سبعة عشر عاماً إلا أنه انتهي بالانفصال عام 1957م، وتزوج للمرة الثالثة والأخيرة من السيدة “نهلة القدسي”.
بدأ “عبد الوهاب” مشواره الفني بالغناء بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقه الأستاذ “فوزي الجزايرلى” بالحسين، كما كان يغنى أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم “محمد البغدادي” حتى لا تعثر عليه أسرته، وعلي الرغم من معرفه عائلته بحقيقة غنائه إلا أنه تمسك بالغناء حتى تمكن من الحصول علي الموافقة للغناء مع فرقة الأستاذ “عبد الرحمن رشدي” على مسرح برنتانيا.
أصقل “محمد عبد الوهاب” موهبته الفنية بدراسة العود في معهد الموسيقى العربية على يد محمد القصبجي، كما التحق بمعهد جوبرين للموسيقى الشرقية والغربية، ثم عمل مدرساً للموسيقى في وزارة المعارف التي تركها لينضم إلى فرقة سيد درويش عام 1928م.
كانت البداية الحقيقية لـ”محمد عبد الوهاب” عندما قدمه أحمد شوقي في كافة الحفلات التي كان يذهب إليها، ثم بدأ العمل بالإذاعة عام 1930م ودخل عالم التلحين والغناء والتأليف الموسيقى حتى اتجه بعد ذلك إلى السينما عام 1933م.
قدم “عبد الوهاب” العديد من الألحان لكبار المطربين والمطربات، ومن أبرز الألحان التي قدمها لأم كلثوم “أنت عمري” و”أنت الحب” و”أمل حياتي” و”فكروني” و”أغداً ألقاك”، كما قدم عدد من الألحان لعبد الحليم حافظ منها “توبة” و”أهواك” و”فوق الشوك” و”يا خلي القلب” و”فاتت جنبنا” و”نبتدي منين الحكاية”، بالإضافة إلى عدد من الأغاني الوطنية منها “الله يا بلادنا الله” و”غني يا قلبي” و”ذكريات” و”يا حبايب بالسلامة” و”الوطن الأكبر”.
كما شارك بالتمثيل في عدة أفلام ومسلسلات امتدت خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات منها “الوردة البيضاء” و”دموع الحب” و”يحيا الحب” و”يوم سعيد” و”ممنوع الحب” و”رصاصة في القلب” و”لست ملاكا” و”غزل البنات” و”شيء من العذاب” و”قاهر الظلام”.
في عام 1953م انتخب الموسيقار محمد عبد الوهاب رئيساً لنقابة الموسيقيين، ثم رئيساً لجمعية المؤلفين والملحنين والناشرين لمدة 12 دورة بدءً من عام 1955م.
نال موسيقار الأجيال خلال مشواره الفني العديد من الجوائز والأوسمة حيث حصل علي الجائزة التقديرية في الفنون عام 1971م، وعلي الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون عام 1975م، كما حصل علي الميدالية الذهبية من مهرجان موسكو، ووسام الاستحقاق من الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر”.
بالإضافة إلي وسام الاستقلال عام 1970م، والميدالية الذهبية للرواد الأوائل في السينما المصرية، والأسطوانة البلاتينية في 2 فبراير 1978م، وفي عام 1983م أطلق عليه لقب “فنان عالمي” من جمعية المؤلفين والملحنين في باريس.
توفى “عبد الوهاب” في الرابع من مايو لعام 1991م وشُيع جثمانه في جنازة عسكرية، كما تم تكريمه بعد وفاته بإنشاء متحف يحتوي على معظم مقتنياته الخاصة، بالإضافة إلي إقامة تمثال له في ميدان باب الشعرية – حيث نشأ – لتخليد ذكراه.