الرئيسية » رموز وشخصيات » “بن حزم” العالم الموسوعي والحافظ العالم
علي بن حزم الأندلسي في طابع بريدي إسباني في ذكرى ألفيته
علي بن حزم الأندلسي في طابع بريدي إسباني في ذكرى ألفيته

“بن حزم” العالم الموسوعي والحافظ العالم

كتب: وسيم عفيفي
هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بن حزم الفَارِسِيُّ الأَصْل، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، المُتَكَلِّمُ، الأَدِيْبُ، الوَزِيْرُ، الظَّاهِرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِد أَبُو مُحَمَّدٍ بقرطبة سَنَةَ 384هـ/ 994م، وعاش في الأندلس.
وفق قصة الإسلام ، نشَأَ الإمام ابن حزم فِي تَنَعُّمٍ وَرفَاهيَّة، وَرُزِقَ ذَكاءً مُفرطًا، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ كُبَرَاء أَهْل قُرْطُبَة. ويشير الكثيرون ممن ترجم للشيخ (رحمه الله)، أو درس تاريخه ونشأته أن الشيخ نشأ بين مجموعة من النساء، ومن ثَمَّ كان له من الصفات كذا وكذا. والواقع أن الشيخ (رحمه الله) قد هيَّأ له الله نساءً فُضْلَياتٍ قُمْنَ على تربيته وتعليمه، ونلحظ ذلك من كونه حفظ القرآن على أيديهن، إضافةً إلى ذلك كان والد الشيخ من العلماء الكبار المشهود لهم بالخير وسعة العلم وحسن الخُلُق.
كان ابن حزم رحمه الله مفسرًا، محدثًا، فقيهًا، مؤرخًا، شاعرًا، مربيًا، عالمًا بالأديان والمذاهب. ويزداد هذا الأمر وضوحًا باطِّلاعنا على هذا الكمِّ الهائل من مؤلفاته في شتى الميادين العلمية.
سَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَع مائَة وَبعدهَا مِنْ طَائِفَةٍ، مِنْهُم: يَحْيَى بن مَسْعُوْدِ بنِ وَجه الجَنَّة، صَاحِب قَاسِم بن أَصْبَغ، فَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ عِنْدَهُ، وَمِنْ أَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ الجَسور، وَيُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْث القَاضِي، وَحُمَامِ بن أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بن سَعِيْدِ بنِ نبَات، وَعَبْدِ اللهِ بن رَبِيْع التَّمِيْمِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِي، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ بنِ نَامِي، وَأَحْمَد بن قَاسِم بن مُحَمَّدِ بنِ قَاسِم بن أَصْبَغ.
بدأ ابن حزم طلبه للعلم باستحفاظ القرآن الكريم، ثم رواية الحديث، وعلم اللسان، فبلغ في كل ذلك مرتبة عالية، ثم اتجه من بعد ذلك إلى الفقه، فدرسه على مذهب الإمام مالك؛ لأنه مذهب أهل الأندلس في ذلك الوقت، ولكنه كان مع دراسته للمذهب المالكي يتطلع إلى أن يكون حرًّا، يتخير من المذاهب الفقهية ولا يتقيد بمذهبٍ؛ ولذلك انتقل من المذهب المالكي إلى المذهب الشافعي، فأعجبه تمسُّكه بالنصوص، واعتباره الفقه نصًّا أو حملاً على النص، وشدة حملته على من أفتى بالاستحسان.
ولكنه لم يلبث إلا قليلاً في الالتزام بالمذهب الشافعي، فتركه لما وجد أن الأدلة التي ساقها الشافعي لبطلان الاستحسان تصلح لإبطال القياس، وكل وجوه الرأي أيضًا.
ثم بدا له أن يكون له منهجٌ خاصٌّ وفقه مستقل، فاتجه إلى الأخذ بالظاهر، وشدَّد في ذلك، حتى إنه كان أشدَّ من إمام المذهب الأول داود الأصفهاني.
وقال الحميدي: “كان حافظًا، عالمًا بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطًا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننًا في علوم جمَّة، عاملاً بعلمه، زاهدًا في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله من الوزارة وتدبير الممالك، متواضعًا ذا فضائل جمَّة، وتواليف كثيرة في كل ما تحقق به في العلوم، وجمع من الكتب في علم الحديث والمصنفات والمستندات شيئًَا كثيرًا، وسمع سماعًا جمًّا”.
تُوفِّي سنةَ 456هـ/ 1064م، عن إحدى وسبعين سنة.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*