الرئيسية » حكاوي زمان » “فتح مكة” و سماحة النبي صلى الله عليه وسلم

“فتح مكة” و سماحة النبي صلى الله عليه وسلم

كتب – وسيم عفيفي
يعتبر فتح مكة حدث يُعد من أعظم إنجازات الدولة الإسلامية وأولها ، ففيه كان الفرقان بين الحق والباطل
وفيه عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى البلد التي أحبها وتلقى الإيذاء من أهلها
ظل يدعو إلى الله فيها طوال 13 عاماً دون أن تدين له البلد كلها ، ليُهاجر إلى مكان جديد
وقلبه يتمزق حزناً ويعتصر ألماً لمغادرته البلد التي عشقها أيما عشق
ليعود إليها فاتحاً بعد ثمان أعوام ، قضاها في تدعيم قواعد دولته .
تمر اليوم الذكرى الـ 1426 لفتح الرسول صلى الله عليه وسلم لمكة المكرمة .
تبدأ القصة في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ الموافق 628 م عندما أصدر الرسول صلى الله عليه وسلم أمراً لأتباعه بتجهيز لوازمهم من اجل أداء العمرة بمكة المكرمة عقب مشاهدته لرؤيا في منامه حيث رأى نفسه وأصحابه يطوفون حول الكعبة .
وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم في 1500 مسلم دون سلاح ، إلا سلاح المسافر وهو السيف ومعه سوق هَدي بعدد 70 بدنة ” جمل
وعندما علمت قريش بهذا الأمر قررت منعه عن الكعبة بـ 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد لقطع الطريق الرئيسي المؤدي لمكة ، إلا أن الرسول محمد قد اتخذ طريقاً أكثر صعوبة للحيلولة دون حدوث اشتباكات أو مناوشات بين أتباعه وجند خالد بن الوليد .
وعند وصول الرسول إلى منطقة الحديبية والتي تبعد 9 أميال عن مكة جاءه بديل بن ورقاء الخُزاعي في نفر من بني خزاعة وطلب منه استفساراً حول أسباب مقدمه إلى مكة قال له الرسول
” إنّا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرّت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره ”
وأرسلت قريشاً بدل الرسالة ثلاثة إلى الرسول وكان رده هو نفس الرد وفي المرة الرابعة أرسل عثمان بن عفان إلى مكة ليُفهمهم الأمر إلا أن سيدنا عثمان بن عفان قد تأخر بمكة فأشيع بين الناس أن قريشاً قتلت عثمان ، وعلى الفور تم عقد بيعة الرضوان ، إلى أن جاء سيدنا عثمان ومعه سهيل بن عمر لينعقد صلح الحديبة والذي نص على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من مكة بدون إذن، في حين لا ترد قريش من يذهب إليهم من المدينة.
وأن تسري هذه المعاهدة لمدة عشر سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة
وبناءاً على ذلك دخلت قبيلة خزاعة في حلف الرسولِ محمدٍ، ودخل بنو الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة في حلف قريش، ولمَّا فرغوا من الكتاب انطلق سهيل وأصحابه عائدين إلى مكة
غير أن قريش نقضت عهدها وقامت قبيلة بني بكر بقتل أتباع من خزاعة .
وفشلت كل محاولات أبي سفيان في تجديد الصلح أو تمديده وقرر الرسول الذهاب للفتح .
وعندما وصل الرسولُ محمدٌ إلى ذي طوى وزع المهام على النحو الآتي
خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وفيها قبائل أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب، فأمره أن يدخل مكة من أسفلها
والزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وبعثه على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة وأمره أن يغرز رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه وأبو عبيدة على بطن الوادي
و سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة الرسولِ محمدٍ، وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وبهذا كانت المسؤولياتُ واضحةً، وكل قد عرف ما أسند إليه من مهام والطريق الذي ينبغي أن يسير فيه
دخلت قواتُ المسلمين مكة من جهاتها الأربع دون مقاومة حيث عجزت عن التجمع ولم يستطع المشركون المقاومة إلا ما كان من المنطقة التي توجه إليها خالد
حيث تجمع بعضُ رجال قريش ومنهم صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو وغيرهم مع بعض حلفائهم في مكان اسمه (الخندمة) وتصدوا للقوات المتقدمة بالسهام، وصمموا على القتال، فأصدر خالد بن الوليد أوامره بالانقضاض عليهم، وما هي إلا لحظات حتى قضى على تلك القوة وشتت شمل أفرادها، وبذلك أكمل الجيشُ السيطرةَ على مكة المكرمة
وقتل من المسلمين كرز بن جابر الفهري القرشي وخنيس بن خالد الخزاعي
وأما المشركون فإن المسلمين قد أصابوا اثني عشر رجلا منهم فانهزموا وفرّوا
ثم دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففُتحت، فدخلها فرأى فيها الصور فمحاها، وصلى بها، ثم خرج وقريش صفوفًا ينتظرون ما يصنع، فقال: “يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟” قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: “فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه: لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء
وأعاد المفتاح لعثمان بن طلحة، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن، وأهدر رسول الله يومئذٍ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة وتم بالفعل عدا مع الأشخاص الذين أسلموا
وخاف الأنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة، فقال لهم:
“معاذ الله! المحيا محياكم، والممات مماتكم ”
ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة، وأقام بمكة تسعة عشر يومًا
وكان لفتح مكة نتائج كثيرة منها: أن دخلت مكةُ تحت نفوذ المسلمين، وزالت دولة قريش منها، وأصبح المسلمون قوة عظمى في جزيرة العرب. وتحققت أمنية الرسولِ بدخول قريش في الإسلام، وبرزت الدولة الإسلامية قوةً كبرى في الجزيرة العربية لا يستطيع أي تجمع قبلي الوقوف في وجهها

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*