كتب – وسيم عفيفي
ولد جمال و صلاح سالم في السودان أثناء قضاء أبوهما لمهامه الحكومية في مدينة «سنكات»، تلقيا تعليمهما في مصر، وتخرجا من الكلية الحربية، فكان «جمال» طيارًا، و«صلاح» ضابطًا. واستكمالًا لمشوار الخلافات والاتفاقات بين الشخصيتين، مات الأخوان بأمراض مستعصية نسبيًا؛ السرطان والفشل الكلوي.
ولد صلاح مصطفى سالم في سبتمبر عام 1920، في مدينة سنكات الواقعة شرقي السودان، وشهد فيها طفولته الأولى، وتلقى الدروس الأولى في العلم من كتاتيبها.
عاد والده إلى القاهرة، ليتلقى الأخوان تعليمهما الابتدائي في مدارسها، فحصل «صلاح» على البكالوريا، وتخرج في الكلية الحربية عام 1940، وهو ابن الثامنة عشرة، وتخرج في كلية أركان الحرب في 1948 ليشارك مع الفدائيين تحت قيادة الشهيد أحمد عبد العزيز.
اشتهر بعادة غريبة نسبيًا؛ فكان لا يخلع نظارته السوداء حتى في الاجتماعات الرسمية.
حارب في فلسطين، وهناك تعرف على جمال عبدالناصر أثناء حصار كتيبته في الفالوجة، وانضم إلى الضباط الأحرار، وكان عضوًا في اللجنة التنفيذية لـ«مجلس قيادة الثورة»، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان متواجدًا في العريش، مكلفًا بالسيطرة على القوات المتواجدة هناك.
لم يعرف بالشدة إلا فيما يتعلق بالثورة؛ فكان حازمًا في أي قضية تمسها.
تولى وزارة الإعلام «الإرشاد القومي» في الفترة من 18 يونيو 1953 إلى 7 أكتوبر 1958.
عهد إليه بملف السودان منذ بداية الثورة، للدخول في مفاوضات مع الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على السودان، وتم التوصل معهم إلى اتفاق 12 فبراير1953 الذي يقضي بتحديد فترة انتقالية يتوافر فيها للسودان الحكم الذاتي، وتأليف جمعية تأسيسية عن طريق الانتخاب تختار إما ارتباط السودان بمصر على أي صورة أو الاستقلال التام والانفصال.
راهن على اختيار السودان الارتباط بمصر، وسافر إليها عام 1954 ليكون أول مسؤول مصري يصل إلي جنوب السودان ويقلدهم في عاداتهم التي كان أشهرها الرقص شبه عار، ومع ذلك لم ينجح في مهمته؛ حيث اختار السودانيون الاستقلال والانفصال عن مصر. ولهذا قدم استقالته في 31 أغسطس 1955 من منصب وزير الإرشاد القومي «الإعلام»، وبعد فترة قصيرة عاد ثانية إلى منصبه الوزاري.
رافق جمال عبد الناصر أثناء مشاركته في مؤتمر باندونج بإندونسيا في أبريل 1955، والذي تأسست فيه حركة عدم الانحياز، والتقطت صورة تجمعه بـ«عبد الناصر» ورئيس وزراء الهند جواهر نهرو.
عمل بالصحافة مشرفًا على صحيفتي «الشعب» و«الجمهورية»، وتولى رئاسة مجلس إدارة دار التحرير للنشر والطباعة، كما تولى رئاسة تحرير «الجمهورية» عام 1959.
عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس، كان صلاح سالم الوحيد من بين ضباط الثورة الذي عارض موقفه بعد التأميم خوفًا من موقف الدول الكبري ضد مصر، وكان رأيه أن يضحي «عبد الناصر» ويقدم استقالته لإنقاذ مصر مما يمكن أن تواجهه.
حمل «عبد الناصر» لصلاح سالم موقفه المعارض لقرار التأميم، رغم عدوله عنه بعد ذلك وفي أول تعديل وزاري خرج من وزارة الإرشاد، وتولي رئاسة تحرير «الجمهورية».
عانى في أيامه الأخيرة من الفشل الكلوي، وكانت مصر آنذاك لم تعرف أجهزة الغسيل الكلوي، فاضطر إلى السفر إلى الخارج لإجراء الغسيل.
وتم استيراد أول جهاز للغسيل في مصر من أجله.
لم يغن الجهاز المستورد من الخارج المريض في شئ، وظل حبيسًا في مستشفى المعادي دون فائدة لغياب القدرة على التعامل مع تلك الأجهزة الحديثة (آنذاك).
وافته المنية في 18 فبراير 1962 عن عمر ناهز الـ42 سنة متأثرًا بمرضه، ليكون أول عضو يموت من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة.
أقيمت له جنازة مهيبة تقدمها جمال عبد الناصر، بدأت من جامع «شركس» بجوار وزارة الأوقاف وصولًا إلى ميدان إبراهيم باشا.
أثناء تشييع جثمانه، كان عبد اللطيف بغدادي يقوم بإنشاء طريق الكورنيش، والطريق الجديد الذي التهم جزءًا من المقطم، وامتد في مدينة نصر الحالية, وعند وفاته أطلق اسم «صلاح سالم» على هذا الطريق الجديد الذي أصبح من أشهر شوارع مصر.