كتب ـ وسيم عفيفي
فى21 مارس من عام 1936 م أصدر رضا بهلوي شاه قرارا يقضي يمنع بتداول واستخدام كلمة فارس نهائيا في المعاملات الرسمية، واستبدال كلمة إيران بها.
وبهذا المرسوم تم القضاء نهائيا على اسم “فارس” والتي ظلت لقرون طويلة معروفة به
ظروف تاريخية وراء حكاية «فارس» و«ايران»
وملابسات جمة وراء مرسوم رضا بهلوي
وأكثر من 1000 سنة خلاف بين الكتاب والمؤرخين حول معنى كلمة ايران
ظهرت كلمة إيران أول ما ظهرت في إحدى الالواح الحجرية في عهد الامبراطور الأخميني «داريوش الكبير» في برسبوليس
حيث يذكر داريوش: “أنا ملك بارس وماد ـ كردستان ـ وبارت ـ خراسان وآسيا الوسطى ـ وملك بابل ـ العراق ـ ومصر وأنا ملك ملوك إيران”
ورجوعا إلى النصوص الدينية للمذهب الزرادشتي، فإن كلمة إيران تُطلق على مملكة الآريين وهم الاقوام الهندو أوروبين الذين هاجروا من شمال الهند وغربها قبل حوالي ستة آلاف سنة، واستقرت ثلاث قبائل منها في “بارت” و”ماد” و”بارس” في شمال ووسط وغرب بلد يدعى اليوم إيران .
فيما توجهت بقية القبائل إلى ما هو اليوم ألمانيا وكرواتيا وجزء من أوروبا الغربية.
شكلت قبيلة “ماد” أو الأكراد أول حكومة منسجمة بإدارة مركزية ودائرة ضرائب في إيران
أما الإمبراطورية الإيرانية فقد شكلها الأخمينيون والإمبراطور كوروش الذي كان حفيد” آزي دهاك” والذي تمرد على جده وسرعان ما تمكن من بسط سيطرته على بلد واسع حدوده من الشمال الشرقي محاذ للصين ومن الشرق إلى الهند وغربا إلى الحبشة وشمالا إلى ما وراء بحر قزوين.
برغم هذا كله ، فإن كوروش أطلق على نفسه اسم ملك “بارس” فيما أطلق الإمبراطور داريوش الكبير الذي تولى السلطة بعد نجل كوروش «كمبوجيه» الذي مات في مصر، اسم إيران
إلا أن المؤرخين اليونانيين مثل “هيرودوت” ممن كانوا يكرهون الإيرانيين، ولم يعترفوا بإمبراطورية إيران وظلوا يسمون إيران «مملكة فارس».
وبعد سيطرة الإسكندر المقدوني على إيران، اختفى اسمها لمدة أربعة قرون كاملة في فترة حكمه وحكم خلفاءه بالإضافة لليونانيين .
وجاء الدور لقبائل “بارت” التي أنشأت الإمبراطورية الإشكانية ، وكانت إيران خلال عهد الملوك الاشكانيين دولة مؤلفة من عشرين كيانا وكان الإمبراطور يدعى “شاهنشاه”
وحينما استولى الساسانيون على الحكم باتت كلمة إيران عنوانا للشعوب الآرية ، بينما كانت هناك شعوب أخرى عاشت تحت مظلة الإمبراطورية الفارسية مثل العرب والتاجيك والهنود والرومان
الفردوسي
بعد الإسلام ووفق تقارير تأريخية كان فضل عودة كلمة إيران يعود الى الشاعر الحماسي الايراني أبو القاسم الفردوسي صاحب ملحمة الـ”شاهنامه”
الذي ذكر اسم إيران قبل أكثر من ألف سنة مرارا في ملحمته الـ”شاهنامه” على لسان أبطاله مثل البطل الأسطوري رستم والأمير سياوش والإمبراطور جمشيد.
وبالنظر إلى أن الحكومات التي تولت السلطة في إيران بعد الإسلام كانت مرتبطة ببغداد حيث مقر الخلافة، كما كان لها طابع محلي مثل الغزنويين في خراسان وبلوشستان والسامانيين في ما وراء النهر والديالمة في طبرستان وآل بويه في شمال أصفهان وشيراز، فإن إسم إيران قلما يُذكر إلا في قصائد الشعراء وكتب المؤرخين.
ولما جاء المغول والتيموريين لم تتمكن قواتهم من تغيير معالم الحياة والثقافة الإيرانية، بل إن الإيرانيين هم الذين
استطاعوا بفضل وجود كتّابهم ووزرائهم في بلاط أولاد جنكيز وتيمور فرسنة المغول
بدرجة أن أولجاتيو حفيد جنكيز أطلق على نفسه السلطان محمد خدابنده ملك إيران.
ورغم ذلك، فان الدولة الإيرانية المستقلة لم تقم الاّ في عهد الصفويين
و الصفويين هم الذين الذين أطلقوا على أمبراطوريتهم تسمية مملكة إيران المحروسة.
رضا خان “مؤسس الدولة الحديثة في إيران”
ولما وصل رضا خان “مؤسس الدولة الحديثة في إيران” إلى الحكم في بداية القرن الماضي، تغيرت الصورة ، إذ أن رضا خان خلال الفترة التي كان يتولى فيها وزارة الحرب ومن ثم رئاسة الوزراء تمكن من فرض سيطرة الحكم المركزي على جميع الاقاليم والولايات بقوة، بحيث أنهى الاستقلالية النسبية لحكام الولايات، وحول الحكام إلى موظفين معينين من قبل وزارة الداخلية.
وحينما جلس على عرش الطاووس عقب عزل آخر ملوك القاجار أحمد شاه من قبل البرلمان، أطلق رضا شاه على نفسه اسم “رضا شاه ملك إيران” وقد أصدر بعد فترة حكما تم إبلاغه لجميع الدول الصديقة لإيران بأن استخدام كلمة فارس Persia في تسمية إيران ممنوع، وأن الحكومة الإيرانية لن ترد على الخطابات التي تشير إلى إيران بكلمة فارس، التي اشتق منها «فارسي»، وهي لغة أهالي إيران، وفارس هي إحدى محافظات جنوب إيران.