كتب : وسيم عفيفي
سيتوقف التاريخ كثيرا أمام السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلاها ورائد مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل ، إنه موهانداس كرمشاند غاندي أو المهاتما غاندي ، والذي تم إلقاء القبض عليه أثناء قيادته لمسيرة عمال المناجم الهنود فى جنوب أفريقيا في 6 نوفمبر سنة 1913 .
تبدأ علاقة غاندي بجنوب إفريقيا عندما سافرت عائلته إلى هناك عام 1893 ، وقطنوا في ولاية ناتال بأهم مدنها وهي مدينة دوربان الشهيرة بصناعة السكر والتبغ ووجود الفحم بها في مرتفعاتها الداخلية .
كانت جنوب إفريقيا تعاني من تقزيم وتفريق اجتماعي حاد ، وكان مجتمع العمال في جنوب إفريقيا منقسماً إلى جماعات مختلفة: جماعة التجار المسلمين “العرب”، وجماعة المستخدمين الهندوس، والجماعة المسيحية، وكانت بين هذه الجماعات الثلاث بعض الصلات الاجتماعية .
وعرف غاندي بهذا الانقسام وجرائم التمييز العنصري والاضطهاد العرقي ، فدافع أشد دفاع عن العمال الهنود والمستضعفين ، وتدرب على الإسعافات الأولية ليكون له القدرة على إسعاف البسطاء
ثم حدثت الحادثة الشهيرة وقعت جعلته يصمم على البقاء للدفاع عن حقوق الهنود بجنوب إفريقيا ، حيث أعلنت حكومة جنوب إفريقيا نيتها إصدار تشريع يحظر حق الاقتراع العام على الهنود وكان هؤلاء من الضعف والعجز بحيث لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم، كما افتقروا إلى القيادة القوية وكان ذلك الأمر إيذاناً ببدء كفاح غاندي غير العنيف في مواجهة السلطة البيضاء العنصرية وقد مكنته معرفته بالقوانين من البرهنة على عدم شرعية قانون الاقتراع العام، وتمكن من أن يكسب معركته.
رتب غاندي أمور كفاحه السلمي بتحرير آلاف العرائض وتوجيهها إلى السلطة البيضاء في جنوب إفريقيا وقام بتنظيم “المؤتمر الهندي” في الناتال، وأسس صحيفة الرأي الهندي وأسس مستعمرة “فينيكس” الزراعية قرب “دوربان” في العام 1904 فانسحب الهنود من المدن الرئيسية، مما أصاب الأعمال الصناعية بالشلل التدريجي.
ثم اندلعت مظاهرات في جوهانسبورغ، وتعاطف الصينيون مع الهنود وانضموا إلى حركتهم فأرسل غاندي وفداً من ممثلي الهنود في جنوب إفريقيا إلى انكلترا وكان اقترح ثلاثة شروط في مجال المقاومة القانونية، واعتبر هذه المهمة تكليفاً، وهذه الشروط هي:
يجب على من هم مستعدون للمقاومة ضد القانون، في حال تنفيذه، أن يجددوا تعهدهم بالمقاومة.
ينبغي جمع تبرعات لتغطية نفقات سفر الوفد وإقامته في لندن.
يجب أن يكون عدد الوفد ثابتاً
واستمر نضال غاندي سنوات طويلة إلى أن عرضت الحكومة الإفريقية على غاندي تسوية بين الجانبين وافق عليها، وغادر بعدها جنوب إفريقيا متوجهاً إلى الهند في يوليو 1914. بعد أن ضمن كرامة الهنود في جنوب إفريقيا وحقوقهم، بعد عشرين عاماً من الكفاح.