كتب : وسيم عفيفي
جاء في كتاب المختار المصون من أعلام القرون ، حكى الشيخ عبد الوهاب الشعراوي عن الشيخ أبي يحيى زكريا الأنصاري- شيخ الإسلام وقاضي القضاة والمتوفى سنة 926 للهجرة عن مئة وثلاث سنوات – أنه قال :
جئت من البلاد وأنا شاب فلم أعكف على الاشتغال بشيء من أمور الدنيا ولم أعلق قلبي بأحد من الخلق ، قال : وكنت أجوع في الجامع كثيراً فأخرج في الليل إلى الميضأة وغيرها فأغسل ما أجده من قشيرات البطيخ حوالي الميضأة وآكلها وأقنع بها عن الخبز ، فأقمت على ذلك الحال سنين.
ثم إن الله تعالى قيض لي شخصاً من أولياء الله تعالى كان يعمل في الطواحين في غربلة القمح ، فكان يتفقدني ويشتري لي ما أحتاج إليه من الأكل والشرب والكسوة والكتب ويقول لي : يا زكريا لا تخف عني من أحوالك شيئاً ، فلم يزل معي كذلك عدة سنين.
فلما كان ليلة من الليالي أخذ بيدي والناس نائمون وقال لي : قم معي ، فقمت معه فأوقفني على سلم الوقادة الطويل بالجامع وقال : اصعد هذا الكرسي ، فلم يزل يقول لي : اصعد إلى آخر درجة ، ثم قال : انزل فنزلت
فقال لي : يا زكريا ، إنك تعيش حتى تموت أقرانك ويرتفع شأنك وتتولى مشيخة الإسلام يعني قضاء القضاء مدة طويلة وترتفع على أقرانك وتصير طلبتك مشايخ الإسلام في حياتك حتى يكف بصرك ، قلت : ولا بد لي من العمى، فقال : لا بد ، ثم انقطع عني فلم أره بعد ذلك