الرئيسية » حكاوي زمان » “تدمير المدمرة إيلات” أول عملية بحرية للجيش المصري بعد النكسة
المدمرة إيلات
المدمرة إيلات

“تدمير المدمرة إيلات” أول عملية بحرية للجيش المصري بعد النكسة

كتب : وسيم عفيفي
كانت عملية المدمرة إيلات واحدة من أهم الملامح العسكرية التي سجلت بسطور بيضاء على صفحات من ذهب ، إلا أنها برغم ذلك لا تعد مشهورة للعامة لسببين، أما أحدهما فهو أن ظروف وقوع هذه الملحمة تجعل القارئ ينظر للفاجعة وليس لها ، فقد وقعت في سنة 1967 بعد النكسة بعدة أشهر ، كذلك فهناك خلط بينها وبين تدمير ميناء إيلات.
في 21 أكتوبر عام 1967 انفجرت المدمرة إيلات إثر صاروخ مصري وهذه الحادثة غير حادثة تدمير ميناء إيلات في يوليو سنة 1969 فعملية ميناء إيلات الحربي كانت من أجل تدمير سفنتين حربيتين هما بيت شيفع وبات يم والرصيف الحربي ، أما المدمرة إيلات فكانت سفينة.
فى 20 يونيو عام 1956 وصلت أول مدمرتين للبحرية الإسرائيلية تم شراؤهما من إنجلترا وأحضرهما طاقم إسرائيلي وكانت إحداهما “إيلات” والثانية “يافو” نسبة إلى الميناءين إيلات ويافا.
اشتركت “إيلات” فى حرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وكذلك فى حرب يونيو 1967، وقامت إسرائيل بدفع بعض قطعها لاختراق المياه الإقليمية المصرية فى منطقة بورسعيد فى محاولة لإظهار سيادتها البحرية كما أظهرت من قبل سيادتها الجوية والبرية بضربها الطيران المصري واحتلال سيناء.
استمرت إسرائيل فى اختراقها للمياه الإقليمية المصرية حتى جاء 5 يونيو 67 وتفجرت الأزمة على نحو مأساوي ففي الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم صدرت الأوامر بخروج زورقين من زوارق الطوربيد المصرية فى مهمة استطلاعية أمام شاطئ بورسعيد وكان الأول بقيادة النقيب عونى أمير والثاني بقيادة النقيب ممدوح شمس وفى أثناء مهمتهما أبلغا بوجود وحدات بحرية إسرائيلية تتكون من المدمرة “إيلات” وثلاثة لنشات طوربيد فى المياه المصرية وكانت الأوامر للقطع المصرية تنص على عدم الاشتباك والاستطلاع فقط إلا أن إسرائيل اكتشفت وجود الزورقين المصريين فأطلق عليهما النار فى الحال فدمر زورق النقيب ممدوح شمس ولم يتمكن من تدمير زورق النقيب عوني عاذر الذى كان فى إمكانه الانسحاب بزورقه إلا أنه أراد الثأر للنقيب ممدوح شمس فأمر بتجهيز الصواريخ استعدادا للاشتباك، غير أن العدو سارع بإطلاق النيران على الزورق فاستشهد عامل أنابيب إطلاق الصواريخ.
وعلى الفور قرر النقيب عوني القيام بعمل انتحاري فوجه زورقه فى اتجاه المدمرة ليصطدم بها ويحدث بها أكبر خسارة ممكنة ، وتم له ما أراد واستشهد النقيب عوني، نتج عن هذه المعركة إصابة المدمرة “إيلات” بإصابات كبيرة ولكن أمكن سحبها إلى ميناء أسدود حيث تم إصلاحها
وعقب معركة زورق النقيب عوني مع المدمرة “إيلات” تم بلورة واجبات العمليات البحرية الصادرة عقب حرب يونيو 67 لتعطى لقائد البحرية المصرية الحق فى التعامل مع أي قطع بحرية معادية دون الرجوع للقيادة العامة للقوات المسلحة مما يمكنها من حرية العمل وسرعة التعامل مع الوحدات والقطع البحرية المعادية وكذلك تم تثبيت وتحديد درجات الاستعداد للبحرية داخل المياه الإقليمية.
وبعد إصلاح المدمرة “إيلات” عادت مرة أخرى وبعنجهية وغرور تستعرض أمام شواطئ بورسعيد قرب المياه الإقليمية وتحت أبصار رجال البحرية المتربصين للثأر منها.
وفى 21 أكتوبر 67 تم رصدها بواسطة أجهزة الاستطلاع البحرية وعلى الفور انطلقت الزوارق الصاروخية لتدمرها.
قامت المدمرة “إيلات” فى الحادية عشرة والنصف من صباح 21 أكتوبر 67 باختراق المياه الإقليمية المصرية حتى وصلت إلى مسافة خمسة أميال فقط من الشاطئ المصري فبلغت بذلك قمة الاستفزاز على أن طلعات الاستطلاع الجوى والبحري المصرية التي انطلقت على الفور جعلتها تنسحب على الفور خوفا من التدمير.
عادت المدمرة مرة أخرى فى الخامسة مساء قادمة من نفس الاتجاه الشمالي الشرقي لبورسعيد لتقترب من المياه الإقليمية المصرية ثم اخترقتها مرة أخرى وفى هذه الأثناء كانت الأوامر التي أصدرها قائد البحرية لقائد قاعدة بورسعيد هي تدمير المدمرة “إيلات” فور اختراقها وعدم إعطائها فرصة للهروب.
وروى النقيب أحمد شاكر عبد الواحد الذى أطلق الصواريخ على المدمرة أنه بعد رصد الهدف أصدر أوامره باتخاذ تشكيل الهجوم وقال ” تنبه العدو لوجودنا وبدأ فى توجيه المدفعية نحونا فأصدرت أوامري بإطلاق الصاروخ رقم واحد فأصاب المدمرة فى وسطها وبعد دقيقتين أصدرت الأمر بإطلاق الصاروخ الثاني ليصيب الهدف إصابة مباشرة ليحوله إلى كتلة من النيران المشتعلة وبدأ يغوص بسرعة ثم أبلغني الرادار بإصابة الهدف وتدميره واختفائه من على شاشة الرادار الرئيسية وبقية الأجهزة”.
كان ذلك هو البلاغ النهائي بغرق المدمرة “إيلات” لذلك أصدر النقيب أحمد شاكر عبد الواحد قائد السرب الأمر بإلغاء هجوم الزورق الثاني قيادة النقيب بحري لطفي جاد الله ثم تحرك السرب متخذا تشكيل العودة.
اعتقد النقيب أحمد شاكر أن المدمرة “إيلات” قد غرقت تماما إلا أن الحقيقة تثبت أن المدمرة قد أصيبت بالفعل ولكنها كانت لا تزال واقفة فى مكانها تنتظر مصيرها المحتوم وهو الغرق الذى أخذ وقتا طويلا مما جعل قائد قاعدة بورسعيد يصدر أوامره مرة أخرى إلى زورق النقيب لطفي جاد الله باستكمال إغراق “إيلات” وهو ما تم بعد حوالي ساعتين من الضربة التي وجهها إليها زورق النقيب أحمد شاكر عبد الواحد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*