الرئيسية » حكاوي زمان » حكاية خطة “ألفي ـ إنجلترا” لعزل محمد علي
محمد علي
محمد علي

حكاية خطة “ألفي ـ إنجلترا” لعزل محمد علي

كتب – وسيم عفيفي
وفق تأريخ الرافعي ، لم يكن محمد علي مرضيا عنه لا من الحكومة التركية ولا من الانجليز، ولئن أخفقت مناورة سنة 1805 وبقى على عرشه فان ذلك لم يمنع الانجليز من ان يسعوا سعيا حثيثا في تحقيق سياستهم التي ترمي الى اقصائه عن مصر واحلال المماليك مكانه.
وقد ساعد انجلترا على تجديد سعيها لدى الباب العالي رجحات كفتها في حروبها مع فرنسا حين بلغ الصراع بين الانجليز ونابليون أشده، فقد كان لهم الفوز في معركة (الطرف الأغر) البحرية، حيث اشتبك الأسطول البريطاني بقيادة الأمير نلسن والأسطول الفرنسي الذي يقوده الكونتر أميرال فيلتوف، فانتصار الأسطول الانجليزي في تلك المعركة الشهيرة، وخرجت انجلترا من الحرب قوية الشوكة نافذة الكلمة، باسطة سيادتها على ظهر البحار، وقضت نهائية على آمال نابليون في أن ينازعها تلك السيادة، فصار البحر المتوسط تحت مطلق سلطانها، ورجحت كفتها السياسية في الشرق وخاصة على ضفاف البوسفور حيث لم تعد تخشى مزاحمة فرنسا لها، واخذت تملي سياستها على الباب العالي مستعينة بما أكسبها الفوز البحري على نابليون من الشوكة والنفوذ، واستأنفت تدخلها في المسألة المصرية بما يطابق اهواءها، وكان أول ما قصدت اليه أن تبسط نوفذها في وادي النيل وتحقق المطامع التي فاتها تحقيقها في السنوات الماضية، اثناء الحملة الفرنسية وبعد انتهائها، وكانت على يقين ان بسط نفوذها يتحقق باعادة الحكم في مصر الى صنائعها من المماليك، فطلبت من الباب العالي بلسان سفيرها في الاستانة عزل محمد علي عن ولاية مصر وجعل الحكم فيها الى محمد بك الألفي، وتوصلت الى اقناع الحكومة التركية بوجهة نظرها بحجة ما يعود عليا من النفع من وراء هذا التغيير، وألقت في روعها ان محمد علي باشا لا يميل الى الاذعان لأوامرها ولم يدفع الى ذلك الحين شيئا من الخراج الذي كان يؤديه الولاة السابقون.
سعت انجلترا سعيها لاسناد حكم مصر الى محمد بك الألفي، وكان الألفي على اتصال مستمر بعمال الانجليز، يتبادل واياهم الرسائل والرسل ليتخذ انجلترا شفيعة بل حامية وكفيلة له لدى الباب العالي كي تتفق واياه على الشروط التي يتولى بها الحكم. فعرضت انجلترا على الحكومة التركية ان تعين واليا جديدا بدل محمد علي يكون من طراز الولاة الأتراك الأقدمين الذين كانوا يتركون سلطة الحكم للأمراء المماليك، وأبلغتها أن الألفي يتعهد بأداء جزية سنوية مقدارها 1500 كيس تضمن الحكومة الإنجليزية ايفاءها، ويتعهد بالولاء ويذلك الطاعة والخضوع لأوامر الأستانة، ان هذا الاتفاق اذا تم يكون فاتحة تقدم في المعاملات التجارية بين البلدين مما يؤدي الى زيادة رسوم جمارك مصر وسورية، وبالتالي يعود بالربح على خزانة الإستانة، فاستمع الباب العالي لهذه الحجج، وراى فيها منفعة مادية تعود عيه ولو كان من ورائها تسليم مصر للمطامع الانجليزية، وصادف هذا الاغراء هوى في نفوس حكام الأستانة لأن الباب العالي لم ينس ان اسناد ولاية مصر الى محمد علي كانت نتيجة قيام ثورة شعبية على الوالي الرسمي المعين بمقتضى “فرمان سلطاني”، وأن الارادة الشاهانية التي اقتضت تولية محمد علي انما صدرت تحت ضغط تلك الثورة، وهذا أمر لم يكن سائغا ولا مألوفا عند السلااطين الترك، وكذلك لم يكن مألوفا أن تقر الحكومة التركية اليا في منصبه أكثر من سنة، فلا جرم كانت تنظر الى لقاء محمد علي وسعيه في تثبيت مركزه في مصر بعين السخط والمقت، فصحت عزيمتها على أن تعزله، وأصدرت فرمانا بتوليى موسى باشا في مكانه وتقليد محمد علي ولاية سلاانيك، ومعنى ذلك ابعاده عن مصر، وكان متفقا على أن موسى باشا سيكون آلة في يد المماليك كما كان شأن ولاة مصر في القرن الثامن عشر، وأن يسمح للماليك بشراء أفواج الرقيق من جنسهم وجلبهم الى مصر ورفع الحظر الذي كان مضروبا عليهم في هذا الصدد منذ الحملة الفرنسية فيعودوا الى شراء المماليك من أسواق الرقيق ويقوى بهم جيشهم في مصر، وبذلك تتحقق وجهة النظر البريطانية في المسألة المصرية،ويعود الحكم الى المماليك وتبسط انجلترا نفوذها في مصر على أيديهم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*