كتب – وسيم عفيفي
قامت المجموعة 73 مؤرخين بنشر صورة للجندي المجهول صاحب الصورة الشهيرة أثناء حرب العاشر من رمضان المجيدة.
وقد قامت المجموعة بالبحث والتحري عنه وتم التقاط صورة حديثة له وهو المجند محمد طه يعقوب .
وقد قالت عبر صفحتها علي الفيس بوك ” طوال 41 عام ونحن نري تلك الصورة بدون ان نعرف بطلها – اليوم عرفنا بطل الصورة احد جنود المؤهلات في الفرقه 19 مشاه – الجيش الثالث الميداني – المجند محمد طه يعقوب ”
ونص حوار البطل محمد طه يعقوب جاء كالآتي ـ كما هو منقول عن المجموعة 73 مؤرخين”
انا خريج كلية المعلمين جامعة عين شمس ودخلت القوات المسلحة قبل تخرجى مباشرة وكنت ضمن الجيش الثالث الفرقة 19 اللواء الثانى الكتيبة 22 مشاة ميكانيكى
بعد تخرجى مباشرة من كلية (المعلمين)بجامعة عين شمس كان لدى رغبة 4 اصدقاء اتذكر اسمائهم وهم – احمد يسرى وعلى حسانيين وعبد المحسن صالح محمد توفيق وعندما تخرجنا حصلنا لكوننا مدرسين على تأجيل من التجنيد نحن الاربعة ولم نستطيع دخول الجيش فتوجهنا الى منطقة التجنيد وقابلنا مديرالتجنيد وقال لنا بالحرف ليس لكم حق دخول القوات المسلحة وخرجنا ثم عاودنا المحاولة مرة اخرى وتم رفضنا وفى مرة رابعة تم قبولنا جميعا وكان عندى اصرار بالالتحاق بصفوف القوات المسلحة فى تلك الفترة الحرجة ودخلنا الجيش وتم ترحيلى الى الجيش الثالث فى منطقة المثلث وكان مقر كتيبتى هناك الكتيبة 22 مشاة ميكانيكى وعلمت انى ضمن سرية الهاون ال82 ملم .
كان التدريب قاسى جدا فتعلمت منة القوة والرجولة وكانت فترة قوية بالنسبة الى لاودع حياة المدنية واعد نفسى للحياة العسكرية وتم تدريبنا على عبور قناة السويس فى انشاص اكثر من مرة على ترعة مشابهة نوعا ما للقناة وكان الشئ الملاحظ فى التدريبات جميعها انة هناك اصرار وقوة فى التدريب على استرداد الارض لكن اين ومتى لا احد يعلم ذلك وفى احد الايام تم رفع استعداد كتيبتى وذهبنا الى جبل عتاقة وبدأنا فى تنفيذ عدة مشاريع تدريبية بالذخيرة الحية كان التدريب كل يوم يزيد قسوة وكنا ننفذ تلك المشاريع بأستخدام الهاون ومركبات التوباز وكنت ضمن افراد ادارة النيران لاننا كنا دفعة مؤهلات عليا فتم الحاقى بمجموعة ادارة النيران ولانى كنت مدرس فاسند الى اعمال تصحيح النيران وتميز الاهداف واذكر ان تلك المشاريع كان بها نسبة خسائر عالية فى المعدات وكذلك الارواح والتى كانت قد تصل احيانا الى 60% وكان يحضر تلك المشاريع قائد اللواء الفاتح كُريم حتى انة فى احد المرات اصيب فى التدريب مركبة توباز لنا واستشهد كل من فيها وكان الشئ الملاحظ ان كل يوم التدريب يزيد جدية وقسوة عن سابقة
وفى احد الايام تم اخذنا الى شاطئ القناة وكنا مازلنا نعتبر كمستجدين فى الكتيبة لنتولى خدمات فشاهدنا الجنود الاسرائيلين ومواقعهم لاول مرة حتى انة فى احد المرات وبعد انتهاء نوبة خدمتى وكنت كينجى قمت بالنداء على زميلى ليتولى الحراسة من بعدى فسمع الجندى الاسرائيلى اسمة وما ان تولى حراستة حتى اسمعة الاسرائيلى وابل من الشتائم والالفاظ لأمة ولأبية ولمصر
واستمر الحال بنا على هذا المنوال فكانوا كل يوم يستفزونا فتولدت لدى رغبة فى ان اقوم بالثار لنفسى ولزملائى ولوطنى والانتقام لشرف بلدى اولا واكثر من اى شئ فأنا اساسا من مواليد مدينة بورسعيد وحضرت حرب 56 وشاهدت الانجليز عندما كانو يجرون ورائنا وكنا نهرب منهم حتى نصل الى بحيرة المنزلة ووالدتى كانت تحملنى على كتفها ومعها اشقائى ونركب المركب من بحيرة المنزلة حتى نصل الى المطرية كما شاهدت الانزال الانجليزى لقوات العدوان فى مطار الجميل ورأيتهم وهم يقتلون جيرانى بالرصاص فكان كل ذلك قد اثر فى نفسى وبداخلى للثار من اليهود والمحتل فكنت اقف خدمتى كالصقر واتمنى ان اعبر القناة وانتقم منهم .
قبل الحرب باسبوعين ذهبنا الى القناة وجلسنا على القناة بالشورتات والفانلات لنستجم ونلعب الكرة على الشاطئى والبعض الاخر يقوم بمص عيدان القصب الى ان جاء يوم السادس من اكتوبر وتقريبا فى تمام الساعة 12 ظهرا خرجنا كقوة قتال من منطقة المثلث وهى منطقة تمركز كتيبتى حتى وصلنا الى منطقة الجناين لاستكمال المشروع التدريبى الذى نتدرب علية منذ شهور فقمت بحمل مهماتى وتعيينى داخل شوال لم اكن بالطبع اعلم ان الحرب بعد ساعتين وان مهماتى وسلاحى وتعيينى داخل شوال وسأخذة معى فى الحرب .
توقفنا لنتمركز عند الجناين بجوار الطريق الاسفلتى ووجدنا مجموعة كبيرة من المدنيين وتجار فاكهة وخضار يمارسون نشاطهم الطبيعى المعتاد وفجأءة وبدون اى سابق انذار شاهدنا الطائرات المقاتلة بانواعها الكثيرة تعبر فوق رؤسنا بأصوات تصم الاذن وبأرتفاعات لا ابالغ ان قلت لك انها كانت فوق رؤسنا مباشرة ونشعر بحرارة محركاتها وصاح فينا قائد الكتيبة وبدورة قائد سريتنا وعلمنا انها الحرب وهلنا وكبرنا مكبرين الله اكبر وبدأنا فى الاستعداد بالعبور بالمركبات والقوارب وشاهدنا الطائرات مرة ثانية وهى تعود ولاول مرة فى حياتى اشاهد طائرات وكأنها ترقص ، الطائرات بعضها يتمال يمينا ويسارا والبعض الاخر عندما يرانا يقوم بحركات بهلوانية وكانهم يبتسمون لنا فزادنا ذلك فرحة وعزيمة كان مشهدا فى السماء لن انساة ثم بدأت المدفعية فى الضرب اثناء العبور والدانات نسمع صوتها فوق رؤسنا كنا نرى الدانات كقطع الحجارة وهى تتجهة الى داخل سيناء كالجحيم المشهد لا استطيع ان اصفة لك الدخان والنار تملأن كل شبر فى سيناء
وقتها لم اكن افكر فى اى احد ولا امى ولا اخى ولا اى شئ الا شى واحد ان اضع قدمى على ارض سيناء وان اعبر خط بارليف الذى امامى ويقترب منى حتى انة قبل الحرب بقليل تحدث الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل سامحة الله وكان يخطب فى الجرائد والاعلان ان خط بارليف هذا سوف يقتلنا وانة يحتاج الى قنبلة نووية واننا سوف نشوى فى حال فكرنا عبورة لا اعرف لما تركوة يقول هذا الكلام ولماذا كان يريد ان يضعف من معنوياتنا المهم وصلنا الى شط القناة وكنا صائمين لم نشعر بالعطش ابدا
رغم المجهود المبذول فى صعود الساتر الترابى حتى انا كفرد من سرية هاون 82 ملى كنت مكلفا ان احمل الماسورة وزميلي الاخر يحمل القاعدة وزميلى يحمل صندوق الذخيرة فكنا نرفع المدفع الهاون ونصعد بة الساتر الترابى وكان شديد الميل ولكن سبحان الله لم نشعر ابدا بوزن هذا المدفع وصعدنا الى نهاية الساتر وعبرنا واستعدينا لقتال الاسرائلين ولم نجد منهم فردا واحدا واذكر اننا كنا ندخل الدشم نصطادهم منها كالفئران الجبانة دون اى مقاومة تذكر فكنا ناخذهم ونعطيهم الاكل والماء عكس مافعلوة بنا عام 1967 وتقدمنا لمسافة كيلو داخل سيناء وأسرنا عدد كبير منهم دون اى مقاومة وقمنا بتسليمهم للشرطة العسكرية
وتعمقنا بالسير بالعربه المدرعه التوباز داخل سيناء لمسافة 5 كيلو متر دون اى مقاومة وجاء الليل وبدانا نشعر بأصوات دبابات اسرائيلية فقام اسود الار بى جى بالاشتباك معهم ومن شدة ذعر الاسرائيلين كانو يطلقون دانات الدبابات على الافراد وانتهت المعركة وفى الصباح شاهدنا اكثر من 10 دبابات مدمرة قام بتدميرها افراد الار بى جى الذين كانو معنا .
وكلما تحركنا كنا نجد مقاومة من دبابات العدو وكنا نتعامل معهم بحرفية شديدة وبدأ الطيران الاسرائيلى فى استهداف كتيبتى بهجمات جوية مكثفة وعند حلول الليل تقدمت كتيبتى اكثر حتى وصلنا الى عيون موسى وقامت معركة شرسة للغاية وكان الطيران الاسرائيلى بعد هذة المعركة يقوم بالهجوم علينا بهجمات اكثر عنف وشراسة عند اول ضوء واخر ضوء وفى اليوم التالى احتلينا موقع بجانب عيون موسى والحق علينا كتيبة دبابات للدعم ووقعت معركة قوية بيننا وبين الدبابات الاسرائيلية والحقيقة الذى انهى تلك المعركة هم جنود الار بى جى فكانو محترفين جدا واثناء الليل وبعد انتهاء المعركة
سمعنا اصوات جنازير دبابات تجرى بسرعة كبيرة ولكنها ليست قادمة نحونا وكان مع احد الجنود راديو ترانزستور صغير علمنا منة انة تم تطويقنا وانة قد حدثت ثغرة فالحصار كان عبارة عن دائرة بها قوات مصرية تحاصر قوات اسرائيلية وقوات اسرائيلية تحاصر قوات مصرية فكنا نقوم بمعارك وقتال مع دبابات جديدة تماما حتى اننا كنا نشم رائحة الطلاء عليها فكنا نضربها ونحن نعلم انها جديدة .
وبدأنا نشعر بالجوع والعطش وكان بيننا وبين عيون موسى حوالى 2 كيلو متر وليس معنا ماء او حتى اى طعام فكنا نعانى من نقص فى الامدادات اثناء الحصار كان هناك مواقف نبكى عليها ومواقف ايضا نضحك عليها .
تمر الايام وليس معنا لا اكل ولا ماء وانتهى اول وتانى وتالت يوم فى الحصار اكتشفنا بعدها اننا محاصرين وغيرنا من قواتنا جنبنا محاصرهم دائرة مقفولة واتذكر انة كان معنا رجال اشداء ذوى اجساد ضخمة كنت تراهم بعد اسبوع وكانهم فقدو اكثر من نصف وزنهم بسب ندرة الماء والطعام .
كان معنا بسكوت ميرى اثناء القتال ومن كثرة ما كنا ناكل منة كنا نلقي به في أيام القتال الاولي أما اثناء الحصار كنا نبحث عنة ونحفر فى الارض لاستخراجة لاننا لم نكن نعلم قيمتة الا عندما اشتد بنا الجوع واخبرنا القادة بأكل اى طعام فأكلنا الثعابين والفئران الجبلية .
وكان معنا النقيب عادل كيرلوس والملازم اول احمد حلمى والرقيب عبد الجليل من المنصورة وكان ذو خلق عالى وكان يقول لى دائما يا استاذ محمد المهم ان عيون موسى كان بها مياة عذبة وكان معنا عربات خفيفة اسمها (يونيمك) على عكس العربات الزل الروسى وكانت عربات خفيفة جدا جدا فقررنا تشكيل مجموعة انتحارية لكي تحضر لنا مياة وكنا نتصارع من اجل من سيخرج فى تلك العملية الانتحارية ليجلب المياة لزملائة وكانت رحلة اما نعود او نقتل .
واطفأنا انوار العربات وحملنا الجراكن وتحركنا فى الظلام حتى ان العربات ومن شدة تضاريس الارض وصعوبتها كانت العربات تنقلب بنا فكنا نضحك وننزل ونقوم بعدلها على الطريق مرة ثانية والاسرائليلن يطلقون النار علينا وكنا لانبالى المهم اننا كنا نحاول ان نعود بمياة والحمد لله استطعنا ان نعود ب 6 جراكن مياة.
ومن ضمن الطرائف ايضا اثناء الحصار كنا نقوم بزيارة وتزاور الكتائب التى بجوارنا لنظمئن على بعض واتذكر جندى كان فران اسمة محمد عبد المعطى من طنطا قال لنا انة سوف ياتى بشوال رز من اليهود من داخل دشمهم فكان لدى اليهود اثناء الحصار مخازن بها تعينات ونحن نعانى من الجوع فقمنا بعملية سرقة اشولة الرز والدقيق اكثر من مرة وحتى ان خدماتهم كانت تعرف وكانت تخشى من مواجهتنا ليلا وساعدنا خوفهم بسرقة اكبر كمية من التعين لديهم.
وفى احدى المرات ذهبنا لزيارة سرية مشاة بجانبنا فوجدنا عندهم وليمة كبيرة ونار وشئ ما على النار يشوونة فسئلنا ماهذا فقالوا لنا انهم قد وجدو خروف ضال فقامو بشوية على النار فعزمونا واكلنا حتى اننها شبعنا لدرجة النوم وبعد الاستيقاظ اكتشفنا بعدها اننا كنا ناكل ثعابين مشوية وفئران مشوية دسمة وجميلة .
واستمر الحصار حتى انى اتذكر انة فى احدى الليالى اثناء خدمتى غلبنى النوم فنمت لمدة كبيرة وقمت لاحد قائد اللواء نائم وسط الكودى وهوا نبات صحراوى كان نائم بجوارى وهوا العقيد الفاتح كريم وبعدما اشتدت ضربات الطيران الاسرائيلى علينا كنا نستمع الى أغنيه وردة – وانا على الربابة بغنى – والعدو يرسل طائراتة لقتلنا حتى انة فى احدى الغارات قامت الطائرات بقصفنا فكنا نجرى للاختباء داخل الحفر البرميلية فقفزت فى حفرة لاجد فوقى اكثر من 4 جنود قفزو ايضا فى هذة الحفرة وللأسف وجدت دماء دافئة تنزل على فكانت دماء اول جندى بالحفرة وقد استشهد .
وتابعنا على الراديو مفاوضات الكيلو 101 واللواء الجمسى واستشعرنا امر ما سوف يحدث وبعدها حدث فك الحصار وبدأنا فى العودة الى المثلث لمكان تمركز كتيبتى وقتها ووقتها فقط تذكرت بينى واسرتى وامى وكان لدى اخ ظابط بسلاح الاشارة كان وقتها ملازم اول وكان ضمن الدفعة التى ذهبت الى السودان عندما انتقلت الكلية الحربية الى هناك عندما تعرضت للطيران الاسرائيلى
المهم ان والدتى كانت دوما تسال خالى على وكان يبلغها انة فى مكان وانا فى مكان اخر حتى بعد فك الحصار اعتقدوا انى قد استشهدت وبعدها عدنا الى المعابر وبدانا فى الوقوف خدمات وفرحنا كجنود بألانتصار وكنا نقوم بدوريات تمشيط واستطلاع خفيفة داخل سيناء حتى انة فى احدى المرات انكسر ذراعى فقام زملائى بعمل جبيرة لى حتى جاات اشارة بنزول المتزوجين والمصابين وحملة المؤهلات العليا اجازة
وركبنا القطار من السويس فكان بة كافة الرتب من القادة حتى الجنود ونزلنا الاجازة وقمنا بالاصطفاف فى ميدان رمسيس حتى شاهدنا الشعب وكبروا وكنا نشاهد الفرحة فى اعينهم وانا اسكن فى منطقة العباسية فكان يجب ان اركب اتوبيس من رمسيس الى العباسية وركبت وما ان ركبت حتى وجدت النساء تزغرط والكمسرى حالف ابدا مايأخد منى تذكرة والستات تقول لي (( مال دراعك يابنى الف سلامة عليك )) وكان شعور جميل حتى وصلت الى البيت
وفتحت لى والدتى رحمها الله وهلت وكبرت ولا اصف لك شعور ام عاد ابنها من الموت وجائت زوجتى وما ان شاهدتنى اغمى عليها