كتب – وسيم عفيفي
في السابع والعشرين من مايو لعام 1832 م ، وبعد حصار دام 6 أشهر ، انتهت حرب مصر – عكا تمكن الجيش المصري بقيادة «أحمد المونولكي» من اقتحام مدينة عكا ، وذلك بعد قرار «محمد علي باشا» بالحرب على والي عكا «عبد الله باشا» لإيواءه 6 آلاف مصري فارين من التجنيد الإجباري ، ورفض «عبد الله باشا» إرسال الأخشاب لبناء الأسطول المصري البحري .
ففي صباح يوم 26 مايو عام 1832 ، دعا إبراهيم باشا إلى خيمته كبار ضباط القوات المهاجمة ، من قادة وأميرالايات وقادة كتائب ، وأصدر إليهم أوامره تتضمن الآتي :
1 ـ يتوجه اللواء أحمد المنكلي بلوائه ومعه الكتائب الأولى من الآلاي الثاني المشاه للهجوم على برج (قبو برجي – قلعة الباب) .
2 ـ الكتيبة الثانية المشاة تهجم الثغرة المقابلة للنبي صالح .
3 ـ الكتيبة الثالثة المشاة بقيادة عمر بك تهاجم الثغرة المعروفة بالزاوية .
4 ـ تعيين قوة احتياطية من الكتيبة الرابعة (الآلاي الثاني) تحت الثغرة الأولى لمساعدة إحدى القوات السابقة المهاجمة عند الحاجة .
5 ـ الأمر إلى كتيبة من الآلاي العاشر بقيادة أميرالاي للوقوف تحت الثغرة الثالثة للغرض المتقدم .
6 ـ الأمر إلى كتيبة أخرى بنقل السلالم ، قبيل الساعة الأولى بعد منتصف الليل إلى الخندق الواقع بجانب قبو – يرجى ، وبأن تكون هناك على استعداد للهجوم . وزود القائد العام – فيما عدا ذلك – كل قائد بالتعليمات الخاصة به .
ووفق وصف كتاب عصر محمد علي للرافعي فقد اشتغل المهندسون العسكريون بحفر الخنادق المتعرجة وإقامة متاريس قريبة من الأسوار ونصب المدافع ، وأتموا جل هذه الأعمال في غمار الظلام ، بينما كانت نيران المدفعية تنصب باستمرار على المدينة .
وفي فجر 27 مايو ، عقب شروق الشمس ، صدر أمر القائد العام بالهجوم ، واستمر القتال وفق الخطة الإبراهيمية وفي المساء سقطت عكا في قبضة المصريين .
ومكث إبراهيم باشا في بعلبك يرقب حركات الجيش العثماني مخافة أن يعاود كرة الهجوم، لكنه ما لبث أن علم أن عثمان باشا يطلب المدد من الآستانة، وهذا دليل على ضعف مركزه، ولما كان المدد لا يمكن أن يصل إلا بعد شهرين إذا أعجله الباب العالي، فقد اطمأن ابراهيم باشا من هذه الناحية، وعاد إلى عكا وشدد الحصار عليها من البر والبحر، وساعده في ذلك العرب والدروز والموارنة الذين أتوه طائعين.
وحمل ابراهيم باشا على المدينة وأخذ يرمي سورها بالمدافع القوية، وما زال الضرب مستمرا حتى تصدع السور وفتحت فيه ثغرتان كبيرتان وأخرى صغيرة، وعندئذ صمم ابراهيم باشا على مهاجمة المدينة بجيشه وحدد للهجوم يوم 27 مايو سنة 1832 م
وفي الصباح حملت الجنود المصرية على الثغرات الثلاثة، فاستولوا على اثنتين منها، وتردد الجنود الذين قصدوا الاستيلاء على الثغرة الثالثة ولقوا مقاومة شديدة، فارتدوا الى الوراء، فلما أبصر إبراهيم باشا ارتدادهم بادر إلى نجدتهم بجزء من الإحتياطي وتقدم هو الجنود شاهرا سيفه، فدبت الحمية في نفوسهم وعادوا إلى الثغرة فاقتحموها، ودار قتال استمر حتى المساء، ودافعت الحامية دفاعا مجيدا، وأبدى الفريقان شجاعة كبيرة إلى أن عظمت خسائر الحامية، وكلت عن مواصلة الحرب، فطلب عبد الله باشا التسليم وسلم المدينة في مساء ذلك اليوم.
وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصري بعد أن استمر ستة أشهر، وقد وقعت بالفريقين خسائر فادحة، فبلغت خسائر الجيش المصري أربعة آلاف وخمسمائة قتيل، وخسرت الحامية 140 قتيل، وهي خسارة تدل على شدة ما احتمله الفريقان .