الرئيسية » حكاوي زمان » “التحكيم بين الصحابة” شبهات وردود على زمن الفتنة الكبرى
جبل التحكيم
جبل التحكيم

“التحكيم بين الصحابة” شبهات وردود على زمن الفتنة الكبرى

وسيم عفيفي
تعتبر أخطر فتنة حدثت في تاريخ الدولة الإسلامية كون أنها زمن الفتنة الكبرى عقب وفاة عثمان بن عفان هي الفتنة بين الصحابيين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، حيث جعلت الدولة الإسلامية فسطاطين.

غير أن أخطر ما في فتنة علي ومعاوية “رضي الله عنهما” هو ما حدث في موقعة التحكيم، فلقد أدت هذه الواقعة إلى ظهور أخطر فصيل فكري في تاريخ الدولة الإسلامية وهو فصيل الخوارج. ففي الثالث من شهر رمضان عام 37هـجرية تم عقد التحكيم بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ” رضي الله عنهما ” والذي حدث بعد موقعة الجمل – بين جند علي من ناحية، وبين بني أمية وعائشة وطلحة والزبير من ناحية أخرى في شهر شعبان عام 36هـ – وبعد موقعة صفين في محرم عام 37هـ – بين جند علي ومعاوية – وقد اقترن بالتحكيم ظهور الخوارج واستحواذ معاوية على مصر، رضي الله عن الصحابة أجمعين.

كان الخلاف بين سيدنا علي وسيدنا معاوية هو خلاف سياسي في وجهات النظر لا يرقى ولا يرتقي إلى خلاف ديني، بل من باب الاجتهاد الذي إن أصاب صاحبه فله أجران وإن أخطأ صاحبه فله أجر، وكانت القضية حول دم عثمان وتولي الخلافة من حيثية من له الأولوية، هل الخلافة أولاً ثم الإتيان بقتلة عثمان أم العكس .

كانت وجهة سيدنا على أن تستقر أوضاع الدولة بتولي خليفة حتى يكون من السهل الإتيان بقتلة سيدنا عثمان لأنهم كثيرون وله أعوان، أما وجهة سيدنا معاوية فكانت أن استقرار الدولة مرهون أولا بقتل قتلة عثمان قبل تولى الخليفة حيث في ذلك أن الدولة ستهاب الرجل الذي استطاع الإتيان بقتلة سيدنا عثمان أي هيبة الدولة ستأتي بقتل القتلة ومن ثَمّ ستستقر الدولة على خليفة وهنا يبدو أن الاثنان لهما وجهة نظر ولكن سياسيا فوجهة نظر سيدنا على صحيحة أما سيدنا معاوية فقد أخذته حمية الائتيان بقتلة عثمان قريبه حتى تستقر الدولة بقتلهم وهو مأجور.

وخرجت السيدة عائشة مع المطالبين بدم سيدنا عثمان توصل سيدنا علي إلى تهدئة بين معسكره ومعسكرها لإيضاح وجهات النظر وتوصل الجميع إلى الحل.
غير أن عبد الله بن سبأ خشي من ذلك قائلاً :” والله إن عليا هو أعلم الناس بكتاب الله من المطالبين بدم عثمان وغدا يتفق الفريقان على الصلح ويجمع علي الناس عليكم وإن القوم جميعا لا يطلبون إلا أنتم، فوالله لئن كان ذلك لنلحقن عليا بعثمان “نقتله”.

اتفق أطراف الفتنة على أن يأتوا في ظلمة الليل على فريق علي “رضي الله عنه ” وعلى فريق طلحة والزبير “رضي الله عنهما” ليضربوهم وليقاتلوهم ليظن كل فريق من الفريقين أن الصلح الذي كان بالأمس هو خدعة وأن كل فريق من الفريقين قد غدر بالآخر وخدعه ونشبت موقعة الجمل وانتهت المعركة سريعاً كما بدأت سريعاً
وذهب علي رضي الله عنه بنفسه إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ليطمئن عليها ثم تكفل بسفرها وإمدادها بما تحتاجه .
وبعد ذلك بدأت معركة صفين حيث رجع علي رضي الله عنه إلى الكوفة لتبدأ فتنة أخرى حالكة يوم أن صمم علي رضي الله عنه على أن يذهب بنفسه إلى الشام وشاور وأرسل رسالة إلى معاوية يطلب فيها البيعة فقد بايع علي – رضي الله عنه كل الناس وكل الولاة إلا أتباع معاوية رضي الله عنه .

فجمع معاوية رءوس الناس في الشام وعرض عليهم رسالة علي رضي الله عنه فقالوا جميعا : لا، لا نبايع علي إلا إذا قتل قتلة عثمان أو سلمهم إلينا لنقتلهم وخرج سيدنا علي رضي الله عنه – بنفسه لمشاورتهم فاعتقد أهل الشام أنها الحرب ونشبت فتنة القتال مرة أخرى ، ودارت الحرب الطاحنة ثم حسمت بموقعة التحكيم عندما رفع أهل الشام المصاحف على أسنة الرماح والسيوف قائلين نُحكِم بيننا كتاب الله ، وقبِل الفريقان تحكيم كتاب الله واختار الفريقان حكمين ، فكان حكم علي رضي الله عنه هو أبو موسى الأشعري بينما حكم معاوية هو عمرو بن العاص المشهور في التحكيم أن عمرو بن العاص وأبو موسى اتفقا على خلع الجميع ولكن عمرو بن العاص خدع أبو موسى وبعدها دارت الحرب مرة أخرى

ولكن هذا خطأ وكذب لسبب بسيط وهو حيث أن بعد موقعة التحكيم لم تحدث حرب وإنما تم قتل سيدنا على بن أبى طالب على يد الخوارج بعد موقعة التحكيم بسنوات قليلة قضاها سيدنا علي في حروبه ضد الخوارج الذين خرجوا عليه .
وما أجمع عليه المؤرخين هو ما ذكره بن كثير في البداية والنهاية من حوار أبو موسى وعمرو ” قال عمرو: ماذا ترى يا أبو موسى ؟ فقال أبو موسى رضي الله عنه وأرضاه: أرى أن نخلع عليا و معاوية وأن يبقى هذا الأمر في من تبقى من النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض . فقال عمرو : فما تجعلني أنا و معاوية؟ فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : أنتما إن طلب منكما إن يستعن بكما ففيكما المعونة وإن يستغن عنكما فطالما استغنى أمر الله عنكما .

وانتهى الأمر بأن يأخذ المسلمين فترة يختارون فيها اى احد تبقى من الستة الذين توفى عنهم الرسول وهو عنهم راضى وبعد هذه الفترة سيتم إعلان اسم الخليفة الجديد جنبا إلى جنب مع البحث والتحري عن قتلة عثمان حتى يقتلوا فى نفس يوم إعلان الخليفة الجديد .
غير أن سيدنا علي قُتل على يد الخوارج عن طريق عبد الرحمن بن ملجم وذلك لكرههم لعلى حيث أنهم رفضوا موقعة التحكيم فقتلهم في النهروان

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*