كتب – وسيم عفيفي
يعتبر عصر عبدالملك بن مروان هو فصل الختام في قصة الفتن التي ألمّت بالدولة الإسلامية وجسدها منذ منتصف دولة الخلافة الراشدة ، فلقد عانت الدولة الإسلامية كثيراً من الفتن التي كانت كفيلة بالقضاء عليها وإلى الأبد ، لولا أن الله قيض للدولة الإسلامية رجالاً طلقوا الفتن وقتلوها .
بدأت الفتن بثورة الأمصار على سيدنا عثمان بن عفان وتنتهي بقتله .
ثم تتفاقم الفتن إلى خلافات بين الصحابة أنفسهم لتُحسم المسألة بقتل علي على يد الخوارج .
إلى أن تدخل الفتن طوراً جديداً في عصر معاوية بن أبي سفيان حيث يُدخِل على نظام الحكم فكرة التوريث ليختلف ابنه يزيد مع الحسين بن علي ويُقتل عدد كبير من آل بيت النبي .
إلى أن يأتي المراونيين بعد انتهاء شأن البيت السفياني في الخلافة الأموية .
ويدخل بني مروان صراعات كثيرة داخل الدولة الإسلامية تبدأ “بعبدالله بن الزبير” وتُختتم بالمختار الثقفي ، وكان هنا عبد الملك بن مروان رابط الجأش قوي الشكيمة عظيم الحنكة .
اسمه بالكامل عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي . كان أبوه مروان بن الحكم واليًا عليها في عهد معاوية بن أبي سفيان إلى أن تولى الخلافة .
وأمه هي عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية الأكبر القرشي .
ولد “عبد الملك بن مروان” سنة 26 للهجرة ونشأ وتربى وتعلم في المدينة المنورة وظل بها إلى أن انتقل إلى إلي بلاد الشام تحديداً دمشق ، و بها تعلم علوم الدين والدنيا مما أثر في تكوين شخصيته القيادية فيما بعد .
تقلد “عبد الملك بن مروان” مقاليد الحكم بعد والده مروان بن الحكم في 1 رمضان سنة 65 هجرية وقد كانت فترته من أشد الفترات خطورة في تاريخ الإسلام نظراً لما تميزت به من فتن واضطرابات سياسية قاصمة تقضي وبمنتهى الأريحية على أي أمة كانت الدولة الإسلامية مقسمة بين خلافتين ، خلافة الدولة الأموية والتي يتولاها البيت المرواني وكانت تحكم مصر والشام ، وخلافة “عبد الله بن الزبير” والتي كانت تحكم العراق والحجاز وعاصمتها مكة.
قرر “عبد الملك بن مروان” أن يضع حداً لهذا الأمر وبمنتهى القوة والحسم فقرر أن يُكلّف رجله الأول وساعده الأيمن وورقته الرابحة ، الحجاج بن يوسف الثقفي لكي يمد بساط الدولة الأموية على جميع أرجاء الدولة الإسلامية بالكامل وأن يطوف على كل البلاد التي بها فتن ويدحر شأن فتنتها .
فخرج “الحجاج بن يوسف الثقفي” إلى العراق وهزم والي البصرة إلى أن توجه “الحجاج بن يوسف” بجيشه إلى الطائف وهناك عسكر بجيشه في انتظار مدد دمشق والذي وصله واستعان به في السير إلى مكة وحصارها هي وابن الزبير .
وعلى جبل أبي قبيس وقعيقعان تم نصب المجانيق المصوبة ناحية مكة وتم حصارها شهراً إلى أن ضُربت وتصدعت الكعبة وقُتل عبد الله بن الزبير .
قرر “عبد الملك بن مروان” أن يكلف “الحجاج بن يوسف” بتولي ولاية العراق والتي كانت من أكثر الولايات الإسلامية في العصر الأموي التي تخرج منها الفتن وتطل منها المصائب لأن بها طوائف عديدة بين شيعة وسنة وناقمين علي بيت مروان وتابعين لآل الزبير بن العوام فتولى الحجاج بن يوسف شأن العراق وبدأ بمقاتلة عبد الرحمن بن الأشعث المنقلب على الدولة الأموية ، فطلب “الحجاج من الخليفة “عبد الملك بن مروان” المدد فأتاه ما طلبه وحاربه إلى قطع رأس بن الأشعث وسلمها إلى عبد الملك بن مروان .
كثير من المؤرخين يرون أن “عبد الملك بن مروان” هو المؤسس الثاني للدولة الأموية .
حيث أنه لم يتوقف نشاطه على درأ الفتن ووأدها ، بل قام كذلك بتدعيم أواصل وأصول الدولة الإسلامية وحمايتها ونشر الإسلام في البلاد المحيطة بها .
كما قام بتأمين حدود الدولة وإخضاع أرمينيا وسواحل سورية ، وفتح حصون مرعش وعمورية وأنطاكية . كذلك كانت حركة الجهاد في عصر “عبد الملك بن مروان” منتشرة ولعل أبرز ما يتسم به عصره هو فتح إفريقية على يد الفاتح العربي المسلم عقبة بن نافع .
كذلك أصدر “عبد الملك بن مروان” أول عملة إسلامية وكانت خطوه اقتصادية كبيرة ، تسببت في تحرير اقتصاد الدولة الإسلامية من الاعتماد على العملة الأجنبية مثل الدينار البيزنطي ، كذلك قام بتعريب الدواوين والخراج وكانت خطوه هامة في التاريخ الإسلامي.
تزوج “عبد الملك بن مروان” 3 نساء هن “وليدة بنت العباس” و”عاتكة بنت يزيد”و”فاطمة بنت هشام” كذلك اشتهر عبد الملك بن مروان بلقب ” أبو الملوك ” حيث أن 4 من أبنائه تولوا الخلافة من بعده وهو الوليد وسليمان ويزيد الثاني وهشام توفي “عبد الملك بن مروان” سنة 86 هـ, وقد أوصى قبل وفاته بالخلافة لابنه الوليد وبولاية العهد لابنه سليمان, وكانت مدة خلافة عبد الملك بن مروان إحدى وعشرين سنة.