الرئيسية » رموز وشخصيات » “عبدالله بن عمر” زَهِد في الدنيا واعتزل فتن الصحابة وقتله الحجاج
غلاف كتاب عبدالله بن عمر
غلاف كتاب عبدالله بن عمر

“عبدالله بن عمر” زَهِد في الدنيا واعتزل فتن الصحابة وقتله الحجاج

وسيم عفيفي
عبدالله بن عمر هو أحد أهم رموز التاريخ الإسلامي وأشهر أبناء الصحابة الكبار .
وصفه الحافظ الذهبي بـ “الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي ثم المدني”
إنه عبدالله بن عمر بن الخطاب .
أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية ، وأحد العبادلة الأربعة ، وثانيهم ابن عباس ، وثالثهم عبد الله بن عمرو بن العاص ، ورابعهم عبد الله بن الزبير .
في مكة معقل اضطهاد المسلمين بعد إعلان البعثة النبوية وقبيل الهجرة ، ولد عبدالله بن عمر وأسلم وهو صغير ثم هاجر مع أبيه .
كان شجاعا مثل أبيه فعرض نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم مقاتلاً في غزوة أحد ، لكن تم استبعاده لصغر سنه ؛ قال ابن عمر رضي الله عنهما : عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال ، وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فلم يُجزني ، وعرضني يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة ، فأجازني .
وشهِد فتح مكة وله عشرون سنة ، وشهد الفتوح كلها في عصري أبي بكر وعمر فقدِم الشام والعراق والبصرة وفارِس غازياً ، وشهِد فتح مصر .
عُرِف عن بن عمر كثرة العبادة ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً شاباً ، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطيّ البئر ، وإذا لها قرنان ، وإذا فيها أناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار .
قال : فلقينا مَلَك آخر فقال لي : لم ترع ، فقصصتها على حفصة ، فقصّتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل .
فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا .
كثيرون من الصحب الكرام شهدوا له بالزهد ، نستعرض منها :
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
وقال : لقد رأيتنا ونحن متوافرون ، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من ابن عمر .
وقال حذيفة رضي الله عنه : ما مِنّـا أحد يُفتش إلا يُفتش عن جائفة أو منقلة إلا عمر وابنه .
( والجائفة هي الطعنة الواصلة للجوف ، والـمُنَقِّلـة وهي ما توضّح العظم وتهشمه ) قال ذلك كناية عن المعائب .
وقال جابر رضي الله عنه : ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا ابن عمر .
وقال ميمون بن مهران : دخلت على ابن عمر فقوّمت كل شيء في بيته من أثاث ما يسوى مئة درهم
وقال مولاه نافع : إنْ كان ابن عمر ليفرّق في المجلس ثلاثين ألفا ، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم

وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من ابن عمر .
اشتهر عن بن عمر اعتزاله للفتن منذ اندلاعها ، فقد قال سلام بن مسكين : سمعت الحسن يقول : لما كان من أمر الناس ما كان زمن الفتنة أتوا ابن عمر فقالوا : أنت سيد الناس وابن سيدهم ، والناس بك راضون ، اخرج نبايعك .
فقال : لا والله لا يُهراق فيّ محجمة من دم ، ولا في سببي ما كان فيّ روح .
ورغم اعتزاله للفتن إلا أنه كان شديد في الحق ، حيث يُرْوَى أنه قام إلى الحجاج وهو يخطب فقال : يا عدو الله استُحلّ حرم الله ، وخرب بيت الله .
فقال : يا شيخا قد خرّف ، فلما صدر الناس أمر الحجاج بعض مسوّدته فأخذ حربة مسمومة وضرب بها رجل ابن عمر ، فمرض ومات منها ، ودخل عليه الحجاج عائداً ، فسلم فلم يرد عليه ، وكلّمه ، فلم يُجبه .
وروى ابن سيرين أن الحجاج خطب فقال : إن ابن الزبير بدّل كلام الله ، فعلم ابن عمر فقال : كذب ! لم يكن ابن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت .
قال الحجاج : إنك شيخ قد خرّفت الغد قال ابن عمر : أما إنك لو عدتَ عدتُ .
وقد توفي بن عمر رضي الله عنه في 1 رمضان سنة ثلاث وسبعين من الهجرة ، وهو ابن خمس وثمانين سنة .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*