الرئيسية » رموز وشخصيات » “محمد كُريَّم” اشترى آخرته بالجهاد ضد نابليون
الزعيم محمد كُريَّم
الزعيم محمد كُريَّم

“محمد كُريَّم” اشترى آخرته بالجهاد ضد نابليون

كتب – وسيم عفيفي
يعتبر محمد كُريَّم أحد رموز تاريخ مصر في فترة ثلاث سنوات قضتها الحملة الفرنسية في مصر زاخراً بأحداث ضخمة وجمّة ، ومع كل هذه الأحداث تظهر شخصيات تثبت للمدى البعيد أن شخصيات التاريخ قسمين قسم دخل التاريخ من أوسع أبوابه وقسم دخل مزبلة التاريخ من أوسع صناديقها
ومن ضمن من دخل التاريخ من أوسع أبوابه كان الزعيم الخالد الذكر ” محمد كُريّم ” حاكم الإسكندرية والذي رفض تسليم الإسكندرية لنابليون بنابرت قائد الحملة الفرنسية ولد في الإسكندرية بحي الأنفوشى قبل منتصف القرن الثامن عشر ، نشأ يتيماً فكفله عمه وافتتح له دكاناً صغيراً في الحي .
كان يتردد على المساجد ليتعلم فيها ، وعلى الندوات الشعبية ليتحدث وعرف بين أهل الإسكندرية بوطنيته وشجاعته ، وأصبحت له شعبية كبيرة بين الناس .

بعض معالم الإسكندرية

بعض معالم الإسكندرية

عمل في أول أمره قبانياً ثم تمت ترقيته إلى أن تقلد أمر الديوان والجمارك بثغر الإسكندرية قام بقيادة المقاومة الشعبية المصرية ضد الفرنسيين . وعندما وصلوا إلى الإسكندرية تحت قيادة نابليون كان كُريّم هو المصري الأول الذي واجه الأسطول الفرنسي عند وصوله الإسكندرية .
فبينما كان محمد كريم يقوم بواجبه كمحافظاً للإسكندرية ومشرفاً على جماركها – بدأت الحملة على الإسكندرية ، ففي يوم 19 مايو 1798م أقلع أسطول فرنسي كبير مكون من 260 سفينة من ميناء طولون بفرنسا محملاً بالجنود والمدافع والعلماء وعلى رأسهم نابليون بونابرت قاصداً الإسكندرية ومر في طريقه بمالطة .

هوراشيو نيلسون

هوراشيو نيلسون

وبلغ الإنجليز الخبر فعهدوا إلى نلسون باقتفاء أثر الأسطول الفرنسي وتدميره فقصد نلسون إلى مالطا وهناك علم أن مراكب نابليون غادرتها نحو الشرق منذ خمسة أيام متجهة نحو الشرق فرجح نلسون أنها ذهبت إلى مصر فاتجه إلى الإسكندرية ووصل إليها يوم 28 يونيه 1798 فلم يعثر هناك للفرنسيين على أثر.

تمثال محمد كُريّم

تمثال محمد كُريّم

أرسل نلسون وفداً إلى حاكم المدينة محمد كريم لكي يسمح لأسطوله بانتظار الأسطول الفرنسي خارج الميناء وأن يسمح لهم أن يشتروا من المدينة ما يحتاجونه من زاد ، لكن محمد كريّم رفض طلبهم قائلاً “ليس للفرنسيين أو سواهم شيء في هذا البلد فاذهبوا أنتم عنا”.
ووقف أسطول نلسون منتظراً خارج الثغر أربعاً وعشرين ساعة ثم أقلع متجهاً إلى شواطئ الأناضول بحثاً عن غريمه، ولم يمضي على رحيله غير أسبوع حتى ظهر الأسطول الفرنسي أمام شواطئ الإسكندرية .
وعندئذ بعث السيد محمد كريم إلى القاهرة مستنجداً بمراد بك وابراهيم بك ، واستقر الرأى على أن يسير مراد بك مع جنوده إلى الإسكندرية لصد الغزاة ويبقى إبراهيم بك في القاهرة للدفاع عنها. وصل الأسطول الفرنسي إلى شواطئ الإسكندرية في أول يوليو 1798م وبادر إلى إنزال قواته ليلاً إلى البر ثم سيّر قسماً من قواته إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو ولم يكن عدد سكان المدينة يومها يزيد على ثمانية آلاف نسمة.
ولم يكن بها من الجنود ما يكفي لصد الجيش الفرنسي الكبير المزود بالمعدات الحديثة وإستعد السيد محمد كريم للدفاع عن الإسكندرية بكل ما لديه من ذخيرة وعتاد.
ظل محمد كريم يقود المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين حتى بعد أن اقتحم الفرنسيون أسوار المدينة ، ثم اعتصم بقلعة قايتباي ومعه فريق من الجنود حتي فرغت ذخيرته فكف عن القتال وتم أسره هو ومن معه، ودخل نابليون المدينة وأعلن بها الأمان.

نابليون بونابرت

نابليون بونابرت

كانت الخديعة النابليونية أنه يوهم من حوله أنه صالحاً غير أن ما يضمرله لا علاقة له بما أظهره ، فلقد أعجِب نابليون بشجاعة محمد كريم فأطلق سراحه من الأسر، وتظاهر باكرامه، وأبقاه حاكماً للإسكندرية.
ولما تم لنابليون الاستيلاء على الإسكندرية رأى أن يغادرها إلى القاهرة وعين كليبر حاكماً عسكرياً عليها وزحف إلى القاهرة في 7 يوليو عن طريق دمنهور والرحمانية، والتقى في شبراخيت بفرقة من المماليك على رأسها مراد بك فهزمها ووصل إلى القاهرة يوم 21 يوليو، واحتلها بعد موقعة إمبابة وانسحاب مراد بك إلى الصعيد وفرار إبراهيم بك إلى الشام. بقي كليبر على رأس حامية الإسكندرية، بينما أخذت دعوة محمد كريم إلى المقاومة الشعبية تلقى صداها بين المواطنين فعمت الثورة أرجاء المدينة، فاعتقل كليبر بعض الأعيان للقضاء على الثورة دون فائدة .

الزعيم محمد كُريَّم

الزعيم محمد كُريَّم

ومع تزايد الثورة وارتفاع حدة المقاومة الشعبية في الإسكندرية أمر كليبر بالقبض على السيد محمد كريم يوم 20 يوليو 1798م وأرسله إلى أبو قير حيث كان الأسطول الفرنسي راسياً .
ثم أرسل إلى رشيد ومنها إلى القاهرة على سفينة أقلعت به في النيل من رشيد يوم 4 أغسطس ووصلت إلى القاهرة يوم 12 أغسطس ووجهت اليه تهم التحريض على المقاومة وخيانة الجمهورية الفرنسية استمرت المحاكمة حتى 5سبتمبر حين أرسل نابليون رسالة إلى المحقق يأمره فيها أن يعرض على محمد كريم أن يدفع فدية قدرها ثلاثون الف ريال يدفعها إلى خزينة الجيش ليفتدي نفسه.. ورفض محمد كريم أن يدفع الفدية، ولما ألح عليه البعض في أن يفدي نفسه بهذه الغرامة رفض وقال.. ” إذا كان مقدوراً علىّ أن أموت فلن يعصمني من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدوراً علىّ أن أعيش فعلام أدفعها ؟. ”

محاكمة محمد كريم

محاكمة محمد كريم

إعدام محمد كُريَّم

إعدام محمد كُريَّم

وفي يوم 6 سبتمبر 1798م أصدر نابليون بونابرت أمراً بإعدام محمد كريم ظهراً في ميدان القلعة رمياً بالرصاص ونفذ في القائد محمد كريم حكم الإعدام بميدان الرميلة بالقلعة.

تمثال محمد كُريّم

تمثال محمد كُريّم

وفي عام 1953م تم تكريم محمد كريم ووضعت صورته لأول مرة مع صور محافظي الإسكندرية في مبنى المحافظة تخليداً لذكراه.
كما أطلق اسمه على شارع التتويج وأصبح اسمه شارع محمد كريم (وهوالشارع الموازي لطريق الكورنيش ويبدأ من أمام الجندي المجهول وحتى ميدان المساجد).
كما أطلق اسمه على احدى المدارس الخاصة بالإسكندرية (مدرسة محمد كريم بسموحة).
وفي 27نوفمبر 1953 افتتح المسجد المجاور لقصر رأس التين وأطلق عليه “مسجد محمد كريم”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*