كتب – وسيم عفيفي
وفق تقارير إخبارية فقد قامت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وقالت تحية كاريوكا جملتها الشهيرة: «ذهب فاروق وهايِجي بعده فواريق» وهي العبارة التي دفعت ثمنها مائة يوم حبساً في سجن الاستئناف بعد أن اتهمت مع زوجها مصطفى كمال صدقي بالانخراط في تنظيم سياسي يساري معادٍ للثورة، وعندما تردَّد إليها المخرج حلمي رفلة لزيارتها ألقي القبض عليه .
في السجن أطلقت على نفسها لقب (عباس) وهو اسم حركي كان يناديها به زوارها، ومثلما ثارت خارج
الأسوار، أعلنت الغضب بداخل السجن ضد التعذيب والاشغال الشاقة، فقد عُرف عنها تماسكها وشجاعتها
في مواجهة فترة السجن فقامت في سجن النساء بنشاطٍ لمحو الأمية.
كما أنَّها لعبت دوراً سياسياً بارزاً حيث أُلقي القبض عليها أكثر من مرة بسبب نشاطها السياسي السري،
فقد كانت قريبة من المثقفين والسياسيين المعارضين والكُتّاب اليساريين، بل إنّها انخرطت في (الحركة
الديمقراطية للتحرر الوطني) الشيوعية (حدتو).
وذات يوم ذهبت خادمتها مع المخرج حلمي رفلة، الذي كان قد انتهى من مونتاج آخر أفلامهما معاً «عاشق الروح» وكان بصحبته الطبال الخاص بها «سيد كراوية» فألقي ضباط السجن القبض عليهم وهم يقفون في الشارع المواجه لنافذة زنزانتها ويتحدثون إليها… وكانت التهمة: الاتصال بإحدى السجينات من دون تصريح من إدارة السجن، وتم حجز المخرج حلمي رفلة والطبال سيد كراوية، والخادمة سيدة، لمدة 24 ساعة، وعند تقديمهم للمحكمة حكمت على كل منهم بغرامة قدرها جنيه.
في اليوم التالي نشرت الصحف الخبر: «المحكمة تبرئ حلمي رفلة من تهمة محاولة تهريب الفنانة تحية كاريوكا من سجن الاستئناف».
قرأ جمال عبد الناصر الخبر في الصحف، فسأل عن سبب احتجاز تحية كاريوكا وتهمتها، وعندما علم بأمر ما هو منسوب إليها، أمر بالإفراج عنها فوراً، وخرجت بعد ثلاثة أشهر أمضتها في سجن الاستئناف.
خرجت تحية كاريوكا من السجن مبرأة من تهمة التآمر لقلب نظام الحكم… بعد ثلاثة أشهر أمضتها وسط السجينات بأحكام مختلفة وتهم متباينة.
وعلى رغم تماسك تحية وإصرارها على العيش بكرامة وعدم انكسار حتى داخل السجن، إلا أن التجربة كانت قاسية وشاقة على نفسها.